ومن لم يذهب إلى ذلك وقال : إن الأقربين خاص بذوي القربة النسبية جعل فهم الإستحقاق كفهم المقدار المستحق مما سيأتي من الآيات وعلل الإقتصار على ذكر الأولاد والبنات هنا بمزيد الإهتمام بشأن اليتامى وأحتج الحنفية والإمامية بهذه الآية على توريث ذوي الأرحام قالوا : لأن العمات والخالات وأولاد البنات من الأقربين فوجب دخولهم تحت قوله سبحانه : للرجال إلخ غاية ما في الباب إن قدر ذلك النصيب غير مذكور في هذه الآية إلا أنا نثبت كونهم مستحقين لأصل النصيب بها وأما المقدار فمستفاد من سائر الدلائل والإمامية فقط على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يورثون كغيرهم وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبا رده على أتم وجه .
مما قل منه أو كثر بدل من ما الأخيرة بإعادة العامل قبل ولعلهم إنما لم يعتبروا كون الجار والمجرور بدلا من الجار المجرور لإستلزامه إبدال منمن منوإتحاد اللفظ في البدل غير معهود .
وجوز أبوالبقاء كون الجار والمجرور حالا من الضمير المحذوف في ترك أي مما تركه قليلا أو كثيرا أو مستقرا مما قل ومثل هذا القيد معتبر في الجملة الأولى إلا أنه لم يصرح به هناك تعويلا على ذكره هنا وفائدته دفع توهم إختصاص بعض الأموال ببعض الورثة كالخيل وآلات الحرب للرجال وبهذا يرد على الإمامية لأنهم يخصون أكبر أبناء الميت من تركته بالسيف والمصحف والخاتم واللباس البدني بدون عوض عند أكثرهم وهذا من الغريب كعدم توريث الزوجة من العقار مع أن الآية مفيدة أن لكل من الفريقين حقا من كل ما جل ودق وتقديم القليل على الكثير من باب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها نصيبا مفروضا 7 نصب إما على أنه مصدر مؤكد بتأويله بعطاء ونحوه من المعاني امصدرية وإلا فهو أسم جامد ونقل عن بعضهم أنه مصدر وإما على الحالية من الضمير المستتر في قل و كثر أو في الجار والمجرور الواقع صفة أو من نصيب لكون وصفه بالظرف سوغ مجيء الحال منه أو من الضمير المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرا إذ المعنى ثبت لهم مفروضا نصيب وهو حينئذ حال موطئة والحال في الحقيقة وصفه و قيل : هو منصوب على أنه مفعول بفعل محذوف والتقدير أوجب لهم نصيبا وقيل : منصوب على إضمار أعني ونصبه على الإختصاص بالمعنى المشهور مما أنكره أبو حيان لنصهم على إشتراط عدم التنكير في الأسم المنصوب عليه والفرضكالضربالتوقيت ومنه فمن فرض فيهن الحج والحز في الشيء كالتفريض وما أوجبه الله تعالى كالمفروض سمى بذلك لأن له معالم وحدودا ويستعمل بمعنى القطع ومنه قوله تعالى : لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا أي مقتطعا محدودا كما في الصحاح فمفروضا هنا إما بمعنى مقتطعا محدودا كما في تلك الآية وإما بمعنى ما أوجبه الله تعالى أي نصيبا أوجبه الله تعالى لهم .
وفرق الحنفية بين الفرض والواجب بأن الفعل غير الكف المتعلق به خطاب بطلب فعل بحيث ينتهض تركه في جميع وقته سببا للعقاب إن ثبت بقطعي ففرض كقراءة القرآن في الصلاة الثابتة بقوله تعالى : فأقرؤا ما تيسر من القرآن وإن ثبت بظني فهو الواجب نحو تعيين الفاتحة الثابت بقوله : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وهو آحاد ونفي الفضيلة محتمل ظاهر وذهب الشافعية إلى ترادفهما وأحتج كل لمدعاه بما أحتج به والنزاع على ما حقق في الأصول لفظي قاله غير واحد وقال بعض المحققين : لا نزاع للشافعي في تفاوت مفهومي الفرض والواجب في اللغة ولا في تفاوت ما ثبت بدليل قطعي كحكم الكتاب وما ثبت بدليل ظني كحكم