والمراد إيصاء الكمل من الشيوخ أن يخلفوا ويأذنوا بالإرشاد من يصلح لذلك من المريدين السالكين على ايديهم ولا تأكلوها أي تنتفعوا بتلك الأموال دونهم إسرافا وبدارا أن يكبروا بالتصدي للأرشاد فإن ذلك من أعظم أدواء النفس والسموم القاتلة ومن كان منكم غنيا بالله لا يلتفت إلى ضرورات الحياة أصلا فليستعفف عما للمريد ومن كان فقيرا لا يتحمل الضرورة فليأكل أي فلينتفع بما للمريد بالمعروف وهو ما كان بقدر الضرورة فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم الله تعالى وأرواح أهل الحضرة وخذوا العهد عليهم برعاية الحقوق مع الحق والخلق وكفى بالله حسيبا لأنه الموجود الحقيقي والمطلع الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو حسبنا ونعم الوكيل للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون شروع في بيان أحكام المواريث بعد بيان أموال اليتامى المنتقلة إليهم بالإرث والمراد من الرجال الأولاد الذكور أو الذكور أعم من أن يكون كبارا أو صغارا ومن الأقربين الموروثون ومن الوالدين مالم يكن بواسطة والجد والجدة داخلان تحت الأقربين وذكر الولدان مع دخولهما أيضا إعتناءا بشأنهما وجوز أن يراد من الوالدين ما هو أعم من أن يكون بواسطة أو بغيرها فيشمل الجد والجدة وأعترض بأنه يلزم توريث أولاد الأولاد مع وجود الأولاد .
وأجيب بأن عدم التوريث في هذه الصورة معلوم من أمر آخر لا يخفى والنصيب الحظ كالنصب بالكسر ويجمع على أنصباء وأنصبة ومنفي مما متعلقة بمحذوف وقع صفة للنكرة قبله أي نصيب كائن مما ترك وجوز تعلقه بنصيب .
وللنسآء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون المراد من النساء البنات مطلقا أو الإناث كذلك وإيراد حكمهم على الإستقلال دون الدرج في تضاعيف أحكام السالفين بأن يقال للرجال والنساء نصيب إلخ للإعتناءكما قال شيخ الإسلامبأمرهن والإيذان بأصالتهن في إستحقاق الأرث والإشارة من أول الأمر إلى تفاوت ما بين نصيبي الفريقين والمبالغة في إبطال حكم الجاهلية فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون : إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة وللرد عليهم نزلت هذه الآيةكما قال إبن جبير وغيرهوروى أن أوس بن ثابت وقيل : أوس بن مالك وقيل : ثابت بن قيس وقيل : أوس بن الصامتوهو خطألأنه توفى في زمن خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه مات وترك إبنتين وإبنا صغيرا وزوجته أم كحة وقيل : بنت كحة وقيل : أم كحلة وقيل : أم كلثوم فجاء أبناء عمه خالد أو سويد وعرفطة أو قتادة وعرفجة فأخذا ميراثه كله فقالت أمرأته لهما : تزوجا بالإبنتين وكانت بهما دمامة فأبيا فأتت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ما أدري ما أقول فنزلت للرجال نصيب الآية فأرسل صلى الله تعالى عليه وسلم إلى إبني العم فقال : لا تحركا من الميراث شيئا فإنه قد أنزل علي فيه شيء أخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيبا ثم نزل بعد ذلك ويستفتونك في النساء إلى قوله : عليما ثم نزل يوصيكم الله في أولادكم إلى قوله : والله عليم حكيم فدعى بالميراث فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقى بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين ولم يعط إبني العم شيئا وفي بعض طرقهأن الميت خلف زوجة وبنتين وإبني عم فأعطى الزوجة الثمن والبنتين الثلثين وإبني العم الباقي .
وفي الخبر دليل على جواز تأخير البيان عن الخطاب ومن عمم الرجال والنساء وقال : إن الأقربين عام لذوي القرابة النسبية والسببية جعل الآية متضمنة لحكم الزوج والزوجة وإستحقاق كل منهما الإرث من صاحبه