وهذا قبله و ي كبروا بفتح الباء الموحدة من باب علم يستعمل في السن وأما بالضم فهو في القدرة والشرف وإذا تعدى الثاني بعلى كان للمشقة نحو كبر عليه كذا وتخصيص الأكل الذي هو أساس الإنتفاع وتكثر الحاجة إليه بالنهي يدل على النهي عن غيره بالطريق الأولى وفي الجملة تأكيد للأمر بالدفع وتقرير لها وتمهيد لما بعدها من قوله تعالى : ومن كان غنيا فليستعفف إلخ أي ومن كان من الأولياء والأوصياء ذا مال فليكف نفسه عن أكل مال اليتيم ولينتفع بما آتاه الله تعالى من الغنى فالإستعفاف الكف وهو أبلغ من العف وفي المختار يقال : عف عن الحرام يعف بالكسر عفة وعفا وعفافة أي كف فهو عف وعفيف والمرأة عفة وعفيفة وأعفه الله تعالى وأستعف عن المسألة أي عف وتعفف تكلف العفة وتفسيره بالتنزه كما يشير إليه كلام البعض بيان لحاصل المعنى ومن كان من الأولياء والأوصياء فقيرا فليأكل بالمعروف بقدر حاجته الضرورية من سد الجوعة وستر العورة قاله عطاء وقتادة .
وأخرج إبن المنذر والطبراني عن إبن عباس أنه قال : يأكل الفقير إذا ولى مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له مالم يسرف أو يبذر وأخرج أحمد وأبو داؤد والنسائي وإبن ماجه عنإبن عمر سأل النبي فقال : ليس لي مال وإني ولي يتيم فقال : كل من مال يتيمك غير مسرف ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي مالك بماله وهل يعد ذلك أجرة أم لا قولان ومذهبنا الثاني كما صرح به الجصاص في الأحكام وعن سعيد إبن جبير ومجاهد وأبي العالية والزهري وعبيدة السلماني والباقر رضي الله تعالى عنهم وآخرين أن للولي الفقير أن يأكل من مال اليتيم بقدر الكفاية على جهة القرض فإذا وجد ميسرة أعطى ما أستقرض وهذا هو الأكل بالمعروف ويؤيده ما أخرجه عبد بن حميد وإبن أبي شيبة وغيرهما من طرق عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال : إني أنزلت نفسي من مال الله تعالى بمنزلة مال اليتيم إن أستغنيت أستعففت وإن أحتجت أخذت منه بالمعروف فإذا أيسرت قضيت وأخرج أبو داؤد والنحاس كلاهما في الناسخ وإبن المنذر من طريق عطاء عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : ومن كان فقيرا الآية نسختها إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إلخ وذهب قوم إلى إباحة الأكل دون الكسوة ورواه عكرمة عنإبن عباس وزعم آخرون أن الآية نزلت في حق اليتيم ينفق عليه من ماله بحسب حاله وحكى ذلك عن يحيى بن سعيد وهو مردودلأن قوله سبحانه : فليستعفف لا يعطي معنى ذلك والتفكيك مما لا ينبغي أن يخرج عليه النظم الكريم فإذا دفعتم أيها الأولياء والأوصياء إليهم أي اليتامى بع رعاية ماذكر لكم أموالهم التي تحت أيديكم وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح للإهتمام به فأشهدوا عليهم بأن قبضوها وبرئت عنها ذممكم لما أن ذلك أبعد عن التهمة وأنفى للخصومة وأدخل في الأمانة وهو أمر ندب عندنا وذهب الشافعية والمالكية إلى أنه أمر وجوب وأستدلوا بذلك على أن القيم لا يصدق بقوله في الدفع بدون بينة وكفى بالله حسيبا 6 أي شهيدا قاله السدي وأخرج إبن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن معنى وكفى بالله حسيبا أنه لا شاهد أفضل من الله تعالى فيما بينكم وبينهم وهذا موافق لمذهبنا في عدم لزوم البينة وقيل : إن المعنى وكفى به تعالى محاسبا لكم فلا تخالفوا ما أمرتم به ولا تجاوزوا ما حد لكم ولا يخفى موقع المحاسب هنا لأن الوصي يحاسب على ما في يده وفي فاعل كفى كما قال أبو البقاء : وجهان أحدهما أنه الأسم الجليل