إذا أجتمعت حصل العتق من غير ترتيب وهذا إذا كان التوالي بلا عاطف فإن عاطف بأو فالجواب لأحدهما دون تعيين نحوإن جئتني أو إن أكرمت زيدا أحسنت إليكوإن كان بالواو فالجواب لهما وإن كان بالفاء فالجواب للثاني وهو وجوابه جواب الأول فتخرج الفاء عن العطف وما نحن فيه من المقرون بالفاء وهي رابطة للجواب كالفاء الثانية وما خرجناه عليه هو الذي أرتضاه جماعة منهم الزمخشري ومذهب الزجاج وبعض النحاة والمؤنة عليه أقل أن حتى الداخلة على هذه الجملة حرف جر وإذا متمحضة للظرفية وليس فيها معنى الشرط والعامل فيها على التقدير الأول ما يتلخص من معنى جوابها والمعنى وأبتلوا اليتامى إلى وقت بلوغهم فإستحقاقهم دفع أموالهم إليهم بشرط إيناس الرشد منهم وعبر في البلوغ بإذا وفي الإيناس بإن للفرق بينهما ظهورا وخفاءا وظاهر الآية الكريمة أنه لا يدفع إليهم ولو بلغوا مالم يؤنس منهم الرشد وهو مذهب الشافعي وقول الإمامين وبه قال مجاهد فقد أخرج إبن المنذر وغيره عنه أنه قال : لا يدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط مالم يؤنس منه رشد ونسب إلى الشعبي وقال الإمام الأعظم إذا زادت عل ىسن البلوغ سبع سنين وهي مدة معتبرة في تغير الأحوال إذ الطفل يميز بعدها ويؤمر بالعبادة كما في الحديثيدفع إليه ماله وإن لم يؤنس الرشد لآن المنع كان لرجاء التأديب فإذا بلغ ذلك السن ولم يتأدب أنقطع عنه الرجاء غالبا فلا معنى للحجر بعده وفي الكافي وللإمام الأعظم قوله تعالى : وآتو اليتامى أموالهم والمراد بعد البلوغ فهو تنصيص على وجوب دفع المال بعد البلوغ إلا أنه منع ماله قبل هذه المدة بالإجماع ولا إجماع هنا فيجب دفع المال بالنص والتعليق بالشرط لا يوجب العدم عند العدم عندنا على أن الشرط رشد نكرة فإذا صار الشرط في حكم الوجود بوجه وجب جزاؤه وأول أحوال البلوغ قد يقارنه السفه بإعتبار أثر الصبا وبقاء أثره كبقاء عينه وإذا أمتد الزمان وظهرت الخبرة والتجربة لم يبق أثر الصبا وحدث ضرب من الرشد لا محالة لأنه حال كمال لبه فقد ورد عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال : ينتهي لب الرجل إذا بلغ خمسا وعشرين .
وقال أهل الطباع : من بلغ خمسا وعشرين سنة فقد بلغ أشده ألا ترى أنه قد يصير جدا صحيحا في هذا السن لأن أدنى مدة البلوغ إثنا عشر حولا وأدنى مدة الحمل ستة أشهر ففي هذه المدة يمكن أن يولد له إبن ثم ضعف هذا المبلغ يولد لإبنه إبن .
وأنت تعلم أن الإستدلال بما ذكر من الآية على الوجه الذي ذكر ظاهرا بناءا على أن المراد بالإيتاء فيها الدفع وقد مر الكلام في ذلك وأعترض على قوله : على أن الشرط إلخ بأنه إذا كان ضرب من الرشد كافيا كما يشعر به التنكير وكان ذلك حاصلا لا محالة في ذلك السن كما هو صريح كلامه وأستدل عليه بما أستدلكان الدفع حينئذ عند إيناس الرشدوهو مذهب الشافعي وقول الإمامينفلم يصح أن يقال : إن مذهب الإمام وجوب دفع مال اليتيم إليه إن أونس منه الرشد أو لم يؤنس غاية ما في الباب أنه يبقى خلاف بين الإمام وغيره في أن الرشد المعتبر شرطا للدفع في الآية ماذاوهو أمر آخر وراء ما شاع عن الإمام رضي الله تعالى عنه في هذه المسألةوأيضا إن أريد بهذا الضرب من الرشد الذي أشار إليه التنوين هو الرشد في مصلحة المال فكونه لابد وأن يحصل في سن خمس وعشرين سنة في حيز المنع وإن أريد ضرب من الرشد كيفما كان فهو على فرض تسليم حصوله إذ ذاك لا يجدي نفعا إذ الآية كالصريحة في إشتراط الضرب الأول فقد قال الفخر : لا شك