فيه بل ذكر إبن هبيرة إتفاق الأئمة الأربعة على أنه ليس لأحد من الزوجين الرجوع فيما وهب لصاحبه .
ولا تؤتوا السفهاء أموالكم رجوع إلى بيان بقية الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى وتفصيل ماأجمل فيما سبق من شرط إيتائها وكيفيته إثر بيان الأحكام المتعلقة بالأنفس أعني النكاح وبيان بعض الحقوق المتعلقة بالأجنبيات من حيث النفس ومن حيث المال أستطرادا إذ الخطابكما يدل عليه كلام عكرمة للأولياء وصرح هو وإبن جبير بأن المراد من السفهاء اليتامى ومن أموالكم أموالهم وإنما أضيفت إلى ضمير الأولياء المخاطبينتنزيلا لإختصاصها بأصحابها منزلة إختصاصها بهم فكأن أموالهم عين أموالهم لما بينهم وبينهم من الإتحاد الجنسي والنسبيمبالغة في حملهم على المحافظة عليها ونظير ذلك قوله تعالى : ولا تقتلوا أنفسكم فإن المراد لا يقتل بعضكم بعضا إلا أنه عبر عن نوعهم بأنفسهم مبالغة في الزجر عن القتل حتى كأن قتلهم أنفسهم وقد أيد ذلك بما دل عليه قوله سبحانه : التي جعل الله لكم قياما حيث عبر عن جعلها مناطا لمعاش أصحابها بجعلها مناطا لمعاش الأولياء ومفعول جعل الأول محذوف وهو ضمير الأموال والمراد من القيام ما به القيام والتعيش والتعبير بذلك زيادة في المبالغة وهو المفعول الثاني لجعل وقد جوز أن يكون المحذوف وحده مفعولا وهذا حالا منه وقيل : إنما أضيفت الأموال إلى ضمير الأولياء نظرا إلى كونها تحت ولايتهم .
وأعترض بأنه وإن كان صحيحا في نفسه لأن الإضافة لأدنى ملابسة ثابتة في كلامهم كما في قوله : إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة سهيل أذاعت غزلها في القرائب إلا أنه غير مصحح لإتصاف الأموال بما بعدها من الصفة وقيل : إنما أضيفت إلى ضميرهم لأن المراد بالمال جنسه مما يتعيش الناس به ونسبته إلى كل أحد كنسبته إلى الآخر لعموم النسبة والمخصوص بواحد دون واحد شخص المال فجاز أن ينسب حقيقة إلى الأولياء كما ينسب إلى الملاك ويؤيد ذلك وصفه بما لا يختص بمال دون مال وأعترض بأن ذلك بمعزل عن حمل الأولياء على المحافظة المذكورة كيف لا والوحدة الجنسية المالية ليست مختصة بما بين أموال اليتامى وأموال الأولياء بل هي متحققة بين أموالهم وأموال الأجانب فإذا لا وجه لإعتبارها أصلا وروى أنه سئل الصادق رضي الله تعالى عنه عن هذه الإضافة وقيل له : كيف كانت أموالهم أموالنا فقال : إذ كنتم وارثين لهم وفيه إحتمالان : أحدهما أنه إشارة إلى ما ذكرناه أولا في توجيه الإضافة وثانيهما أن ذلك من مجاز الأول ويرد عليه حينئذ بعد القول بكذب نسبته إلى الصادق رضي الله تعالى عنه أن الأول غير متحقق بل العادة في الغالب على خلافه والحمل على التفاؤل مما يتشاءم منه الذوق السليم .
وذكر العلامة الطيبي أنه إنما أضيف الأموال إلى اليتامى في قوله تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم ولم يضفه إليهم هنا مع أن الأموال في الصورتين لهم ليؤذن بترتب الحكم على الوصف فيهما فإن تسميتهم يتامى هناك يناسب قطع الطمع فيفيد المبالغة في رد الأموال إليهم فأقتضى ذلك أن يقال : أموالهم وأما الوصف هنا فهو السفاهة فناسب أن لا يختصوا بشيء من المالكية لئلا يتورطوا في الأموال فلذلك لم يضف أموالهم إليهم وأضافها إلى الأولياء إنتهى ولا يخفى أنه بيان للعلة المرجحة لإضافة الأموال لمن ذكر وينبغي أن تكون العلة المصححة ما مر آنفا ثم وصف اليتامى بأنهم سفهاء بإعتبار خفة أحلامهم وإضطراب أرائهم لما فيهم من الصغر وعدم التدرب وأصل السفه الخفة والحركة يقال : تسفهت الريح الشجر أي مالت به قال ذو الرمة :