شفقة عليهم فالآن أفرغ سمعي لك وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد والتقديس والتهليل .
فينصرف عدو الله من عنده ولم يصب منه شيئا مما يريد .
ثم إن الله تعالى قال : كيف رأيت أيوب ؟ قال إبليس : إن أيوب قد علم أنك سترد عليه ماله وولده ولكن سلطني على جسده فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك .
فسلط على جسده فأتاه فنفخ فيه نفخة أقرح من لدن قرنه إلى قدمه فأصابه البلاء بعد البلاء حتى حمل فوضع على مزبلة كناسة لبني إسرائيل فلم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت عليه تصدق عليه وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا حمده وأيوب على ذلك لا يفر من ذكر الله والتحميد والثناء على الله والصبر على ما ابتلاه الله .
فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطاء الأرضين جزعا من صبر أيوب فاجتمعوا إليه وقالوا له : اجتمعنا إليك ما أحزنك ؟ ! ما أعياك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده فلم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزدد بذلك إلا صبرا وثناء على الله تعالى وتحميدا له ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا تقربه إلا امرأته فقد أفتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه .
فقالوا له : أين مكرك ؟ أين علمك الذي أهلكت به من مضى ؟ قال : بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا علي .
قالوا : نشير عليك أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة ؟ من ؟ أتيته ؟ قال : من قبل امرأته .
قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها .
قال : أصبتم .
فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل فقال : أين بعلك يا أمة الله ؟ قالت : ها هو ذاك يحك قروه ويتردد الدود في جسده .
فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع فوضع في صدرها فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من النعم والمال والدواب وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا .
فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاه بسخلة فقال : ليذبح هذا إلى أيوب ويبرأ .
فجاءت تصرخ : يا أيوب يا أيوب .
حتى متى يعذبك ربك ؟ ألا يرحمك ؟ أين المال ؟ أين الشباب ؟ أين الولد ؟ أين الصديق ؟ أين لونك الحسن الذي بلي وتلدد فيه الدواب .
؟ اذبح هذه السخلة واسترح .
قال : أيوب : أتاك عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقا فأجبته ويلك أرأيت ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من