وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن كعب قال : كان إبراهيم عليه السلام يقري الضيف ويرحم المسكين وابن السبيل فابطأت عليه الأضياف حتى أشرأب بذلك فخرج إلى الطريق يطلب فجلس ملك الموت عليه السلام في صورة رجل فسلم عليه فرد السلام ثم سأله من أنت ؟ قال : أنا ابن السبيل قال : إنما قعدت ههنا لمثلك فأخذ بيده فقال له : انطلق .
فذهب إلى منزله فلما رآه اسحق عرفه فبكى اسحق فلما رأت سارة اسحق يبكي بكت لبكائه فلما رأى إبراهيم ساره تبكي فبكى لبكائها فلما رأى ملك الموت إبراهيم يبكي بكى لبكائه ثم صعد ملك الموت فلما ارتقى غضب إبراهيم فقال : بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب فقال اسحق : لا تلمني يا أبت فإني رأيت ملك الموت معك لا أرى أجلك إلا قد حضر فارث في أهلك أي أوصه وكان لأبراهيم بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه لا يدخله غيره فجاء إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبد فيه فإذا هو برجل جالس فقال إبراهيم : من أدخلك بإذن من دخلت ؟ ! قال : بإذن رب البيت .
قال : رب البيت أحق به ثم تنحى في ناحية البيت فصلى ودعا كما كان يصنع وصعد ملك الموت فقيل له : ما رأيت ؟ قال : يا رب جئتك من عند عبدك ليس بعده في الأرض خير .
قيل له : ما رأيت منه ؟ قال : ما ترك خلقا من خلقك إلا قد دعا له بخير في دينه وفي معيشته .
ثم مكث إبراهيم عليه السلام ما شاء الله ثم جاء ففتح بابه فإذا هو برجل جالس قال له : من أنت ؟ قال : إنما أنا ملك الموت .
قال إبراهيم : إن كنت صادقا فأرني آية أعرف أنك ملك الموت .
قال : اعرض بوجهك يا إبراهيم .
قال : ثم أقبل فأراه الصورة التي يقبض بها المؤمنين فرأى شيئا من النور والبهاء لا يعلمه إلا الله ثم قال : انظر فأراه الصورة التي يقبض بها الكفار والفجار فرعب إبراهيم عليه السلام رعبا حتى ألصق بطنه بالأرض كادت نفس إبراهيم تخرج فقال : أعرف الذين أمرت به فامض له .
فصعد ملك الموت فقيل له : تلطف بإبراهيم فأتاه وهو في عنب له وهو في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء فلما رآه إبراهيم رحمه فأخذ مكتلا ثم دخل عنبه فقطف من العنب في مكتله ثم جاء فوضعه بين يديه فقال : كل .
فجعل يضع ويريه أن يأكل ويمجه على لحيته وعلى صدره فعجب إبراهيم فقال : ما أبقت