عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) دوره في القضاء في خلافة عمر بن الخطاب أوّل محكمة تمييز في دولة الإسلام

عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) دوره في القضاء في خلافة عمر بن الخطاب أوّل محكمة تمييز في دولة الإسلام

 

 

عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) دوره في القضاء في خلافة عمر بن الخطاب أوّل محكمة تمييز في دولة الإسلام

 

المحامي الشيخ مصطفى ملص

عضو تجمع العلماء المسلمين ـ لبنان

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

اللهمّ أنت المستعان وعليك الاتكال ولا حول ولا قوة إلّا بك يا رب العالمين.

 

الفصل الأول

العلاقة بين أهل بيت النبي((صلى الله عليه وآله وسلم))

وبين أصحابه رضوان الله عليهم

المبحث الأول:لمحة تاريخية عن مكّة والتنافس بين أهلها:

قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بعدما أسس دولة الإسلام في الجزيرة العربية حيث المجتمع مجتمع قبائل وعشائر، فكما كانت بقية أرض الجزيرة العربية كذلك كانت مكّة والمدينة وسواهما من الحواضر، قبائل وعشائر وعائلات عموماً متنافسة وأحياناً متحالفة، تبعاً لتقاطع المصالح أو تعارضها.

 

وفي مكّة أم القرى أي القرية الرئيسية التي توازى في عرفنا اليوم العاصمة، حيث بالاضافة إلى البيت الحرام، القرار الأهم والاقتصاد والسياسة وغير ذلك مما تتميز به العواصم عن سواها من البلدان، كانت قريش هي القبيلة المسيطرة التي لا تنازع بما تتمتع به من مركز نفوذ وادارة للحرم وما يعنيه من مكانة دينية عند العرب، وأيضاً ما تتمتع به من سيطرة على تجارة الجزيرة العربية والروابط الاقتصادية مع كل من الشام واليمن وفارس والروم.

 

غير أن قريش القبيلة الواحدة كانت مقسمة إلى عائلات وبطون وأفخاذ، فعند ظهور الإسلام وإظهار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لدعوته كان هناك هاشم وبنو عبد شمس وبنو عدى وبنو تيم وغيرهم، وكان هناك تنافس وسباق بين أهم هذه البطون والأفخاذ بنى هاشم وبنى عبد شمس. حيث كان كل طرف يسعى لأن تكون له الكلمة الأولى والامتياز الأهم في مكّة.

 

ومما يظهر من خلال سير العائلات في مكّة أن بنى عبد شمس كانوا يصارعون للتقدم على بنى هاشم الذين كما يبدوكانت الزعامة تنقاد اليهم انقياداً، لصفات تميزوا بها عن أقرانهم ولتاريخ آبائهم الموصوف بالجود والكرم والحمية والنجدة.

 

وظهر النبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) من بنى هاشم، ودعا إلى عبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأصنام وتوحيد القبائل العربية في أمة واحدة تحمل الإسلام إلى بقية العالم لتتكون بعد ذلك أمة الإسلام التي لا فضل فيها لعربى على أعجمى ولا لأبيض على أسود إلّا بالتقوى، فكل الناس سواسية، وكل الناس عباد الله، وهذا بحد ذاته شكل نقضاً لما هو متعارف عليه في مكّة آنذاك حيث كان الناس قبائل متفاوتة وأحرار وموالى وسادة وعبيد. مما أدى إلى قيام ردة فعل شديدة من قبل الذين رفضوا دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما اعتبروه من أنها تهدف إلى اضعافهم والقضاء على مصالحهم وسيادتهم على بقية القبائل في الجزيرة العربية.

 

وكان من نتيجة هذا التناقض بين دعوة الإسلام ومصالح المشركين ورفض المجتمع القرشى بمعظمه للدعوة الجديدة، حيث لم يؤمن إلّا نفر قليل من الناس خلال ثلاث عشرة سنة من عمر الدعوة في مكّة، حصول الهجرة إلى المدينة (يثرب) التي رغم تناقضات أهلها فيما بينهم ووجود أكثر من دين فيها استطاعت أن تحتضن دعوة الإسلام وأن تقيم أول مجتمع إسلامي تحول إلى دولة منظمة بمقاييس ذلك العصر، ثم عاد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مكّة فاتحا بعد سلسلة من المعارك والمواجهات انتهت بقتل معظم من سمّوا بالصناديد وهم كبار الرجال أو القادة المشركون. ودخل المسلمون مكّة فاتحين وأظهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تسامحاً كبيراً إذ عفى عن معظم الذين حاربوه وآذوه وأخرجوه من بلده إلّا نفراً قليلاً أمر بالقضاء عليهم نظراً لما ارتكبوه من جرائم تشبه في عصرنا الحاضر ما يسمى بجرائم الحرب.

 

دخل جميع أهل مكّة في الإسلام حيث وجدوا أنه لا مناص من قبول الأمر الواقع وانضموا إلى صفوف المسلمين. ولكن وكما يبدو فان ما كان من تنافس قبل الإسلام لم ينته بدخول الجميع في الدين الجديد، إذ اعتبر البعض أن بنى هاشم قد انتصروا في المواجهة وتمكنوا من اخضاع خصومهم، وهذا يعنى أن هؤلاء الخصوم أو بعضهم لم يفهموا روح الدين الاسلامى وحقيقة الدعوة الجديدة، وراحوا يتحينون الفرصة من أجل استعادة مكانتهم وازاحة منافسيهم.

 

ان هذه الصورة بالتأكيد تنطبق على البعض ولا تنطبق على الجميع، حيث إن أغلبية الناس من أهل مكّة قد أسلموا وحسن اسلامهم. ولكن بعض التقاليد والأعراف ظلت كامنة إلى حد ما في بعض النفوس مما أثر فيما بعد على العلاقة مع أقرباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته من بعده.

المبحث الثاني: مكانة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

حدد القرآن الكريم المكانة العظيمة للنبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو القدوة والأسوة والمثل الذي ينبغى اتباعه. وهو صاحب القضاء النافذ والارادة العليا، (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً)([1]). ومن يرد قضاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو كافر.

 

ولعل الميزة الأهم التي جعلها الإسلام للنبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هي وجوب المحبة من قبل كل مؤمن ومؤمنة: "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه".

 

وهذه المحبة من الأمور الميسرة، فالناس مفطورون على محبة ما يحقق لهم ذاتهم ومصالحهم وما يريحهم وعلى محبة من يحبهم ويسعى في سبيل أمنهم وراحتهم وضمان مستقبلهم.

 

واذا نظرنا إلى شخصية النبي الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) نجده من خلال نفسيته وسيرته وأعماله وأقواله وعلاقاته بالآخرين، لا يحمل أي صفة من الصفات المنفرة التي ينفر الناس منها بالفطرة بل نراه يتمتع بكل الصفات التي تحببه إلى الناس وتقربه إلى القلوب وتجعل المحيطين به يتعلقون به أشد التعلق بل ويؤثرونه حتّى على أنفسهم وأبنائهم وآبائهم; (قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتّى يأتي الله بأمره).

 

لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) ([2])، (محمّد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)([3]).

 

وهذه الصفات يذكرها القرآن الكريم أمام المؤمن بنبوة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمام المنكر لها. ولو كانت غير موجودة فيه لقام من ينكر نبوته، مكذباً لذلك، ولكنهم لم يكذبوا هذه الصفات وإنّما رموه مرة بالجنون ومرة بالسحر وغير ذلك من الأمور التي لا مقاييس محددة لها.

 

فحب النبي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أو حب صفاته من الأمور الفطرية التي فطر عليها الإنسان السليم العقل والحواس، والتي لا يمكن لإنسان أن يُصرف عنها إلّا بحقد قديم دفين، أو عقد نفسية أو بمرض في النفوس أو القلوب أو الصدور.

 

لقد أحبّ المسلمون رسولهم ورضخوا لأمره واستجابوا له، ومع ذلك لم يكن عليه وعلى آله الصلاة والسلام ليستغل ذلك في جلب منفعة لنفسه أو لأحد أقربائه مهما كانت درجة قرابتهم منه، بل لم يكن يميز نفسه عن أحد منهم بأى متاع أو مكسب أو دنيا، بل كان يجافى الدنيا ويأمر أهله بمجافاتها([4]).

 

حتّى أن ابنته الحبيبة إلى قلبه فاطمة الزهراء (رضي الله عنه)ا تطلب منه أن يأتيها بمن يخدمها ليخفف عنها بعضاً من تعبها، فاذا به يأمرها بالصبر والذكر والتحمل.

وفي بعض المرات حينما كان يتصرف عليه الصلاة والسلام تصرفاً تخفى أبعاده على المحيطين به، فيبدون اعتراضاً أو استفهاماً أو استغراباً. كان جوابه لهم (صلى الله عليه وآله وسلم) ينزل على قلوبهم برداً وسلاماً ويزدادون له حباً وبه تعلقاً. كما حصل مع الأنصار بعد غزوة حنين حينما أعطى الغنائم للمكيين حديثى الإسلام ولم يعط الأنصار أصحاب الفضل والسبق فوجدوا في أنفسهم عليه، فلما بين لهم الأمر، قالوا رضينا برسول الله قَسَماً.

 

ولقد بيّن لنا رب العزة جلّ وعزّ أن حبّ الله للناس مرتبط بحبهم لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأتباعهم له فقال: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله)([5]).

 

وهكذا تكون العلاقة جدلية بين حب الناس لله وحبهم لرسوله وحب الله لهم، فبدون ذلك الحب ليس هناك ايمان واذا نقض من أي طرف من أطرافه سقطت المعادلة كلها.

المبحث الثالث: حب آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم):

وردت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث كثيرة تفيد وجوب حب آل بيته وتقديرهم واحترامهم. ولقد ذكرالقرآن الكريم ان مودة قرابة النبي هي البدل الذي يطلبه عليه الصلاة والسلام; قال تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودة في القربى) ([6]).

 

أما الأحاديث فمنها ما أورده الطبري (محب الدين) في كتابه ذخائر العقبي في مناقب ذوى القربى:

 

1 - عن عبد العزيز باسناده أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من حفظني في أهل بيتي فقد اتخذ عند الله عهداً". أخرجه أبو سعيد والملا.

 

2- وعنه أيضاً قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "استوصوا بأهل بيتي خيراً فانى أخاصمكم عنهم غداً، ومن أكن خصمه أخصمه ومن أخصمه دخل النار" ([7]). أخرجه أبو سعيد والملا في سيرته.

 

3 - عن ابن عباس (رضي الله عنه)ما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لو أن رجلاً صف بين الركن والمقام، فصلى وصام لقى الله مبغضا لأهل بيت محمّد دخل النار"([8]).  أخرجه ابن السري.

 

4 - عن أبي سعيد (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أبغض أهل البيت فهو منافق". أخرجه أحمد في المناقب.

 

5- عن جابر بن عبدالله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يحبنا أهل البيت إلّا مؤمن تقى ولا يبغضنا إلّا منافق شقى"([9]).  أخرجه الملا.

 

6 - عن عليّ (كرم الله وجهه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "يرد الحوض أهل بيتى ومن أحبهم من أمتى كهاتين السبابتين"([10]).  أخرجه الملا. أ. هـ .

 

هذه النصوص التي أوردها محب الدين الطبري في كتابه الآنف الذكر ذخائر العقبي في مناقب ذوى القربى. تدل على المكانة التي يجب أن تفرد لآل البيت عليهم السلام في قلب كل مؤمن من الحب والتقدير والاحترام.

المبحث الرابع: كيف كان التعاطى مع أهل البيت (عليهم السلام) ؟

كان أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) محط احترام ومحبة وتقدير عند أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

وأما الخلاف الذي نشب حول الخلافة وأحقية أمير المؤمنين بخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو محض اختلاف في الفهم والتأويل. فرغم كل النصوص التي تتحدث عن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كحديث غدير خم الذي لم ينكر أحد وجوده وغيره من الأحاديث التي تبين مكانته عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا أنهم لم يفهموا منها وجوب توليته الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

وبغض النظر عن هذا الحدث التاريخى وأيهم كان أحق في الفهم وأصوب فاننى أحب أن أتطرق إلى مكانة أمير المؤمنين عند أقرانه من معاصريه لا سيما عند أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رضي الله عنه)ما.

 

فمن خلال الاطلاع على سيرة هؤلاء الرجال أنهم كانوا يكنون لبعضهم البعض كل الحب والتقدير والاحترام، وهذا لا يعنى عدم الاختلاف حول العديد من المسائل. ووجدت أن مكانة علي بن أبي طالب (عليه السلام) هي مكانة الأعلم فيما بينهم وأنه من دون الناس كان يرجع إليه في كل أمر مشكل وكل قضية ملتبسة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل أنه الوحيد الذي نقل أنه كان يملك صلاحية نقض أحكام الخلفاء الذين سبقوه، بما يملكه من علم وما يقدم من حجة وما يزيل من التباس.

 

وبالمقارنة مع ما هو كائن اليوم فقد كان علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قبل توليه الخلافة يمثل ما تمثله اليوم محاكم التمييز التي تملك الحق في ابرام الأحكام ونقضها.

المبحث الخامس: مكانته من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم):

دلت الأحاديث على مكانة أمير المؤمنين العظيمة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقد خرج الترمذي في صحيحه في أبواب المناقب في مناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه جملة من الأحاديث يستفاد منها مكانته من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

فعن سعد بن أبي وقاص باسناده أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبى بعدى" ([11]). قال هذا حديث حسن صحيح.

 

وفي حديث طويل خرجه الترمذي في صحيحه أيضاً عن عمران بن حصين قال: "بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية، فانكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا إذا لقينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرناه بما صنع على وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدؤوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر لى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا. فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثلما قالوا، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من على، ما تريدون من على، ما تريدون من على، ان عليا مني وأنا منه وهو ولى كل مؤمن بعدى" ([12]).

 

وله أيضاً من حديث أبي الطفيل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من كنت مولاه فعلى مولاه".

 

وجاء في صحيح مسلم في باب "من فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)" ما يلى:...عن سهل بن سعد قال: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدركون ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلهم يرجون أن يعطاها، فقال: "اين علي بن أبي طالب فقالوا: هو يا رسول الله يشتكى عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتى به فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عينيه ودعا له فبرأ، حتّى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال على: يا رسول الله، أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا؟ فقال: أنفذ على رسلك حتّى تنزل ساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لئن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من أن تكون لك حمر النعم" ([13]).

 

وفي ذخائر العقبى ذكر الطبري حديثا عن عائشة (رضي الله عنه) أنها سئلت أي الناس كان أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟، قالت: فاطمة، فقبل من الرجال قالت زوجها ان كان ما علمت صواما قواما ([14]). اخرجه الترمذي.

 

ونختم في هذا العنوان بمؤاخاة النبي بين المهاجرين والأنصار ومؤاخاته مع على (رضي الله عنه). ففى ذخائر العقبى عن ابن عمر (رضي الله عنه)ما قال: آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أصحابه، فجاء على تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بينى وبين أحد. قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أنت أخى في الدنيا والآخرة"([15]).

 

وهكذا نجد مكانة على عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصحبه وسلم هي المكانة الأولى بين الرجال، حبا واختصاصا بالفضل والتقريب.

المبحث السادس: مكانته العلمية:

ذكر صاحب ذخائر العقبى أنه لم يكن أحد من الصحابة يقول سلونى غيره. وروى عن سعيد بن المسيب قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يقول سلونى إلّا عليا. أخرجه أحمد في المناقب والبغوى في المعجم وأبو عمر ولفظه ما كان أحد من الناس يقول سلونى غير علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

 

وعن أبي الطفيل قال: شهدت عليا يقول سلونى، فوالله لا تسالونى عن شيء إلّا أخبرتكم وسلونى عن كتاب الله فوالله ما من آية إلّا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل. أخرجه أبو عمر ([16]). أ. هـ .

 

ان تصرف أمير المؤمنين هذا هو تصرف العالم الواثق من علمه، المستشعر لعظم المسؤولية في تبليغ هذا العلم الذي استودعه، لذلك تراه الناس على السؤال لأن العلم بين أمرين بين السؤال والجواب.

 

لكن ما هو مستند هذه الثقة العظيمة التي تمتع بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)؟

 

ان مصدر هذه الثقة هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي قال فيما رواه الترمذي بسنده عن على (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أنا دار الحكمة وعلى بابها" ([17]).

 

والذى قال لابنته فاطمة (رضي الله عنه) عندما دخل عليها وهى شاكية فقال كيف تجدينك؟ قالت لقد اشتدت فاقتى وطال سقمى. قال عبدالله بن أحمد بن حنبل وجدت بخط أبي في هذا الحديث قال: أو ما ترضين انى زوجتك أكرمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ([18]).

 

وهذه المكانة العلمية لم يكن أحد ينازعه اياها أو يدعى أنه أكثر منه علما ولا مساويا له، فقد سلم له الجميع، حتّى أن أحدهم كان إذا سئل عن مسألة أشكلت عليه طلب من السائل أن يسأل عنها علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).

 

فعندما سئلت عائشة عن المسح على الخفين قالت للسائل ائت عليا فاسأله. (أخرجه مسلم)([19]).

 

وهذا ابن عباس حبر الأمة (رضي الله عنه) ما يقول: والله لقد أعطى عليّ تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر(أخرجه أبو عمر).

 

وأما خير شهادة في أعلمية علي بن أبي طالب فهى شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مارواه على (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا". أخرجه الرازي([20]).

 

ان هذه المكانة قد أهلت عليا (رضي الله عنه)ليتبوأ دور العالم والفقيه الذي يرجع إليه في كل أمر، بل والذى يملك حق المبادرة لتصويب الأحكام وبيان الحقائق، وتفنيد الحجج.

 

ولكننا مع ذلك نلاحظ أنه رغم تمتعه بكل تلك المميزات فانه لم يكن الشخص المرغوب فيه عند البعض، وكان يستبعد وينتقد من قبل أناس لا يساوونه قدرا ولا علما ولا نسبا. وقد شعر أن أصحابه قلة قليلة فأوثر عنه قوله الشهير: "ما ترك لى الحق صاحبا".

 

ولئن انطلقت الأقوال والاشاعات والمؤامرات ضد على (رضي الله عنه)فانه كان له في رسول الله صلى الله عليه وآل وسلم السند والمحامى والمدافع الذي لا شك لحظة واحدة في أن عليا هو أعلم الناس وأصدق الناس وأتقى الناس.

 

لذلك كان قوله لمن اشتكوا إليه عمل على: "ماذا تريدون من على، ماذا تريدون من على ماذا تريدون من على ان عليا مني وأنا منه، وهو ولى كل مؤمن بعدى"([21]).

 

وكان يؤكد على حكمته: "أنا دار الحكمة وعلى بابها"([22])، بل أنه قال فيه ما لم يقله في سواه.

 

فعن زر بن حبيش عن على قال: لقد عهد إلى النبي الأمي (صلى الله عليه وآله) وسلم أنه لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق..." ([23]).

ان الصراع الذي كان سائدا في مكّة قبل الإسلام لم ينته تماما مع مجىء الإسلام ودخول الناس فيه، فقد لعبت القبلية والعشائرية دورها في عدم انزال علي بن أبي طالب المنزلة التي يستحقها عند البعض. فقد صار على (رضي الله عنه) رمزا لبنى هاشم وهو المقدم فيهم والمبرز علما وورعا والمؤهل للقيادة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان هناك من يطمح ليستولى على هذه القيادة وينتزعها من بنى هاشم. فعمد إلى معاداة على والكيد له.

 

ولعلّ السبب الأهم في الجفاء وحتى البغض الذي لاقاه علي (رضي الله عنه)هو بلاؤه في الحروب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشدته على القوم.

 

فكل هذه العوامل ساهمت في ذلك الجو من الاعراض الذي قوبل به على (رضي الله عنه). وهو في كل ذلك مظلوم فقد وضع الإسلام عليا في مكانة عظيمة وكان همه الإسلام وكان أعدائه الدنيا ومتاعها.

 

ولعل القول الذي قاله أبو سفيان في مجلس عثمان بن عفان (رضي الله عنه) عندما آلت إليه الخلافة عندما سألهم أفيكم أحد من غيركم؟ (أي من غير بني أمية) فقالوا لا. فقال تمسكوا بها وتلقفوها كالكرة...!

 

ان مثل هذا الكلام يدل دلالة واضحة على ما أشرنا إليه.

 

ولكن رغم كل ذلك فقد كان الناس محتاجين إلى علم على وفقهه وحكمته وقضائه، ولم يكن هو يحتاج لأحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

الفصل الثاني

علي (عليه السلام) والقضاء

المبحث الأول: قضاؤه زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

القضاء بالاضافة إلى أنه علم فهو موهبة من الله عز وجل، والمواهب خصائص يختص بها الله من يشاء من عباده. والعلم يغذى الموهبة ويعطيها أبعادا واسعة فكيف إذا اجتمع العلم والتقوى ومخافة الله عز وجل مع الموهبة، وكيف إذا اقترن كل ذلك بالمهابة.

 

لقد اجتمعت كل تلك الصفات في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، فكان أعظم قاض عرفه الإسلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

وقد أدرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شخصية على (رضي الله عنه) فولاه القضاء وهو حديث السن.

 

فقد ورد عنه أنه قال: لما بعثنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليمن قاضيا وأنا حديث السن فقلت يا رسول الله تبعثنى إلى قوم تكون بينهم أحداث ولا علم لى بالقضاء، قال: ان الله سيهدى لسانك ويثبت قلبك. قال: فما شككت في قضاء بين اثنين. خرجه أحمد ([24]).

 

وقرر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن عليا (رضي الله عنه)هو أقضى هذه الأمة، فهو أقضى الأولين والآخرين فيها ولا يستطيع أحد أن ينازعه زعامة القضاء والبراعة فيه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فعن أنس (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "أقضى أمتى على". أخرجه البغوى في المصابيح الحسان ([25]).

وعن عمر (رضي الله عنه)قال:"أقضانا على". أخرجه السلفي.

وعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه)قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (رضي الله عنه): تخصم الناس بسبع ولا يحاجك أحد من قريش أنت أولهم ايمانا بالله، وأوفاهم بعهدالله وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية وأعظمهم عند الله مزية. أخرجه الحاكم ([26]).

 

فهل بعد هذا البيان النبوى قول لقائل، وهل بعد هذه الشهادة شهادة أعظم منها.

 

وقد جاءت الوقائع التي قضى فيها علي بن أبي طالب بقضائه تدل على دقة التقدير النبوى لهذه الشخصية العظيمة في مجال القضاء. كما في غيره من المجالات التي زكاه فيها (صلى الله عليه وآله وسلم).

 

ونذكر على سبيل المثال بعضا من قضائه (رضي الله عنه)زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

 

عن ابراهيم بن هاشم النوفلى عن السكونى، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا إلى اليمن واذا زبية ([27])، قد وقع فيها الأسد، فأصبح الناس ينظرون إليه ويتزاحمون ويتدافعون حول الزبية، فسقط رجل في الزبية، وتعلق بالذى يليه، وتعلق الآخر بالآخر، حتّى وقع فيها أربعة، فجرحهم الأسد، وتناول رجل الأسد بحربة فقتله، فأخرج القوم موتى، فانطلقت القبائل إلى قبيلة الرجل الأول الذي سقط وتعلق فوقه ثلاثة، فقالوا لهم: أدوا دية الثلاثة الذين أهلكهم صاحبكم، فلولا هو ما سقطوا في الزبية، فقال أهل الأول: إنّما تعلق صاحبنا بواحد فنحن نؤدى ديته، واختلفوا حتّى أرادوا القتال، فصرخ رجل منهم: أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) (عليه السلام) وهو منهم غير بعيد فأتاهم ولامهم، وأظهر موجدة. وقال لهم: لا تقتلوا أنفسكم ورسول الله حى، وأنا بين أظهركم، فانكم تقتلون أكثر مما تختلفون فيه، فلما سمعوا ذلك منه استقاموا، فقال: انى قاض فيكم قضاء فان رضيتموه فهو نافذ، والا فهو حاجز بينكم، من جاوزه فلا حق له حتّى تلقوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيكون هو أحق بالقضاء مني، فاصطلحوا على ذلك، فأمرهم أن يجمعوا دية تامة من القبائل الذين شهدوا الزبية، ونصف دية، وثلث دية، وربع دية، فأعطى أهل الأول ربع دية من أجل أنه هلك فوقه ثلاثة، وأعطى الذي يليه ثلث الدية من أجل أنه هلك فوقه اثنان، وأعطى الثالث نصف الدية من أجل أنه هلك فوقه واحد، وأعطى الرابع الدية تامة لأنه لم يهلك فوقه أحد، فمنهم من رضى ومنهم من كره، فقال لهم على تمسكوا بقضائى إلى أن تأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكون القاضى فيما بينكم، فوافوا رسول الله صلى الله عليه سلم بالموقف فثاروا إليه فحدثوه وحدثهم، فاحتبى ببرد عليه ثم قال: أنا أقضى بينكم ان شاء الله، فناداه رجل من القوم: ان علي بن أبي طالب قد قضى بيننا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هو؟ فأخبروه، فقال: هو كما قضى. فرضوا بذلك ([28]).

 

كما روى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالسا مع جماعة من أصحابه فجاءه خصمان، فقال أحدهما: يا رسول الله ان لى حمارا وان لهذا بقرة، وان بقرته قتلت حمارى. فبدأ رجل من الحاضرين فقال: لا ضمان على البهائم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اقض بينهما يا على. فقال على لهما: أكانا مرسلين أم مشدودين أم أحدهما مشدود والآخر مرسلا؟ فقال: كان الحمار مشدودا والبقرة مرسلة وصاحبها معها، فقال على: على صاحب البقرة ضمان الحمار. فأقر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حكمه، وأمضى قضاءه ([29]).

المبحث الثاني: درجة قضاء علي (عليه السلام) أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

عين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في منصب القضاء زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وكان (عليه السلام) يدرك أن فصله في أية قضية من القضايا لا يكون مبرما، لهذا نراه عندمايقضى في مسألة فانه كان يخبر أطرافها بأن بامكانهم في حال عدم قبولهم بالحكم الذي يصدره، مراجعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتولى فصل القضية بنفسه.

 

فكأن عليا في قضائه زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يشبه ما يسمى اليوم بمحكمة البداية التي تقبل أحكامها أو القضايا المعروضة أمامها النظر من قبل محكمة عليا.

 

فقد رأيناه عندما تصدى لقضية الأربعة الذين ماتوا في مسألة زبية الأسد في اليمن يعرض عليهم أن يقضى بينهم بقضائه، فان أعجبهم ما قضى به انفدوه وان لم يعجبهم كان هذا القضاء حاجزا بينهم حتّى يرجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقضى بينهم بقضائه الفصل والنهائى الذي لا يقبل المراجعة أبدا.

 

وكان بعض الناس لا يقبل بما يقضى به على (رضي الله عنه)، ويظن أنه قد حاف عليه بقضائه فكانوا يرفعون الأمر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فماذا كان موقف النبي من أقضية على (رضي الله عنه)؟

 

من استقراء جميع القضايا التي قضى فيها على (رضي الله عنه)بحكمه وعرضها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا نجد قضية واحدة رد فيها حكم على (رضي الله عنه).

 

وفي مسألة القوم الذين وقع عليهم الحائط فقتلهم، وكان فيهم امرأة مملوكة وأخرى حرة، وللحرة طفل من حر، وللمملوكة طفل من مملوك ولم يعرف المملوك من الحر فقرع بينهما، وحكم بالحرية لمن خرج عليها سهمها وبالرقية لمن خرج عليها سهمها ثم أعتقه، وجعل مولاه مولاه (كذا) وحكم به في ميراثهما بالحكم في الحر ومولاه. فأمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا القضاء وصوبه (أي قال بصوابه) ([30]).

 

وهكذا في عديد من القضايا كقضية الرجلين اللذين وقعا على جارية واختلفا على وليدها، وفي قضية البقرة التي قتلت حمارا وكان الحمار مشدودا والبقرة مرسلة فقضى بالضمان على صاحب البقرة لصاحب الحمار. وأيضا في قضية الرجل الذي نفحه الفرس فمات.

 

وهكذا نجد أن دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهم اهد قلبه وسدد لسانه قد أتى ثمرته اطمئنانا من قبل عليّ الذي روى الحديث فقال: "ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين. فلم يخطئ على (رضي الله عنه)في قضاء قضاه. وكأن القضاء كان عنده سليقة.

المبحث الثالث: قضاؤه (عليه السلام) في عهد الخلفاء الذين سبقوه :

بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتحاقه بالرفيق الأعلى في الجنة توقف وحى السماء، وصار العلم علما بالكتاب والسنة، والنبى (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي (رضي الله عنه): "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبى بعدى" فلا نبوة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو خاتم النبيين.

 

فمن كان أعلم الناس بالكتاب والسنة من بين أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! أنه بدون منازع علي بن أبي طالب.

 

وهى منزلة أخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أنا دار الحكمة وعلى بابها"، وقال لابنته فاطمة كما مر معنا أنه زوجها بأعلمهم.

 

وقد ادعى علي هذه المنزلة، فكان يقول: سلونى.. سلونى.

 

ورغم كثرة أعدائه ومبغضيه فلم يتجرأ أحد على الاعتراض على دعواه أو الرد عليها حتّى أن خصومه المباشرين كانوا إذا سئلوا عن مسائل وعجزوا عن الجواب كانوا يحيلون السائل على علي (رضي الله عنه). فكان يجد الجواب الشافي.

 

بالإضافة إلى ذلك فقد اعترف الجميع بأن عليا (رضي الله عنه) أقضى الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان عمر بن الخطاب يقول: "أقضانا على" ([31]).

 

ولقد كان قضاؤه في عهد أبي بكر يسيرا فلم تنقل الروايات إلّا النزر اليسير وكذلك في عهد عثمان بن عفان. ويبدو أن عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)قد حفل بالدور الأكبر لعلي (رضي الله عنه)لذلك سنركز على دوره القضائى في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).

المبحث الرابع: قضاء علي(عليه السلام) في عهد عمر بن الخطاب

كنا قد أشرنا إلى أن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) يتمتع بشخصية القاضي بكل أبعادها وهو ما لم يكن موجوداً عند غيره، ومنهم عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وكان عمر (رضي الله عنه) على ما هو معروف عنه من أنه الفاروق وأنه فرق الله به بين الحق والباطل، باسلامه ودفاعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير بارع في القضاء فكان يصدر أحكاما على المتخاصمين فيها خلل كبير يدل على عدم دراية اما بالأصول; أصول التقاضى، واما بالنصوص التي يجب أن تطبق على القضية. وهذا لا ينتقص من شخصية عمر ولا من مكانته فليس مطلوبا من كل انسان أن يكون بارعا في كل شيء وماهرا في الأمور جميعا وملكات الأفراد تختلف من شخص لآخر وقد بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك عندما بين مهارات بعض أصحابه فقال ـ كما ورد معنا سابقا ـ "أقضاكم على" وفي حديث آخر رواه قتاده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ارحم أمتى بأمتى أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرأهم أُبي ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيده بن الجراح" ([32]).

 

فكانت أقضيته هذه إذا التي وصلت إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)ردها، وبين وجوه الخلل فيها وأصدر فيها الحكم الصحيح المعلل. لأن عليا كان يعلل أحكامه. أي أنه يبين الوجوه التي استند اليها، والأسباب، والنصوص.

 

وكان عمر يظهر دائما اعجابه بما يقضى به على (رضي الله عنه)ما، ويعترف بأعلميته وأهليته للقضاء، واشتهر عنه قوله: لا أبقانى الله لمعضلة لم يكن لها أبو الحسن ([33]). وكان ينفذ أحكامه دون تردد.

 

وكان في بعض الأحيان تعرض عليه قضايا فيمتنع عن النظر فيها ويرفعها إلى على ليرى فيها رأيه. فقد نقل صاحب كتاب الأعيان عن القاضى نعمان في شرح الأخبار عن أبي عثمان النهدى قال: جاء رجل إلى عمر فقال انى طلقت امرأتى في الشرك تطليقة وفي الإسلام تطليقتين فما ترى؟ فسكت عمر فقال له الرجل ما تقول. قال كما أنت حتّى يجىء علي بن أبي طالب، فجاء على فسأله، فقال: هدم الإسلام ما قبله هي عندك على واحدة ([34]).

 

وذكر الطبري في ذخائر العقبى عن محمّد بن الزبير قال: دخلت مسجد دمشق فاذا أنا بشيخ قد التوت ترقوتاه من الكبر، فقلت يا شيخ من أدركت؟ قال عمر (رضي الله عنه)فقلت فما غزوت معه؟ قال: غزوت اليرموك. قلت فحدثنى شيئا سمعته. قال: خرجت مع فتية حجاجا فأصبنا بيض نعام وقد احرمنا فلما قضينا نسكنا ذكرنا ذلك لأمير المؤمنين عمر، فأدبر وقال اتبعونى حتّى انتهى إلى حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فضرب حجرة منها فأجابته امرأة فقال: أتم أبو حسن؟ قالت: لا. فمر في المقتاة فأدبر وقال اتبعونى حتّى انتهى إليه وهو يسوى التراب بيده فقال مرحبا يا أمير المؤمنين، فقال ان هؤلاء أصابوا بيض نعام وهم محرمون، فقال إلّا أرسلت إلى. قال أنا أحق باتيانك. قال يضربون الفحل قلائص أبكارا بعدد البيض فما نتج منها اهدوه. قال عمر: فان الابل تخدج. قال على والبيض يمرض. فلما أدبر قال عمر: اللهم لا تنزل بي شديدة إلّا وأبو الحسن إلى جنبي ([35]).

 

وننقل جملة من المسائل التي عرضت على عمر (رضي الله عنه)فقضى ببعضها بحكمه ثم نقض على (رض) الحكم، أو ردها عمر مباشرة إلى على (رضي الله عنه)ليحكم فيها أو اختلف فيها وقضى فيها على بقضائه.

 

وهي كما نقلها صاحب كتاب أعيان الشيعة السيد محسن الأمين في كتابه:

 

1-  في مناقب ابن شهراشوب: أنه أتى إلى عمر برجل وامرأة قال لها الرجل: يا زانية. فقالت: أنت أزنى مني. فأمر بأن يجلدا، فقال على: لا تعجلوا. على المرأة حدان حد لغربتها لأنها قذفته وحد لاقرارها على نفسها، وليس على الرجل شيء.

 

2-  عن الرضا (عليه السلام): "قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في محصنة فجر بها غلام صغير فأمر عمر ان ترجم فقال على: لا يجب عليها الرجم إنّما يجب عليها الحد لأن الذي فجر بها ليس بمدرك.

 

3-  ...أمر عمر برجل يمنى محصن فجر بالمدينة أن يرجم، فقال على: لا يجب عليه الرجم لأنه غائب عن أهله، إنّما يجب عليه الحد فقال عمر: لا أبقانى الله لمعضلة لم يكن لها ابو الحسن.

 

4- ما في عجائب أحكامه... عن أبي عبدالله (عليه السلام): أتى عمر بامرأة تعلقت بأنصارى تهواه فلم تقدر على حيله، فصبت بياض البيض على ثيابها وجسمها ثم جاءت إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين ان هذا أخذنى في موضع كذا ففضحنى فهم عمر أن يعاقب الأنصارى فقال: يا أمير المؤمنين تثبت في أمرى فقال عمر: يا أبا الحسن ما ترى فنظر على إلى بياض البيض على ثوبها فقال: ائتونى بماء مغلى فأمر بصبه على ذلك البياض، فاذا هو بياض البيض وأقرت المرأة بذلك ([36]).

 

ومن هذه الأقضية ما أورده محب الدين الطبري في كتاب ذخائر العقبى عن عبدالله بن الحسن قال: دخل عليّ على عمر واذا امرأة حبلى تقاد ترجم قال ما شأن هذه قالت يذهبون بي يرجموني فقال أمير المؤمنين لأي شيء ترجم؟ ان كان لك سلطان عليها فما لك سلطان على ما في بطنها فقال عمر: كل أحد أفقه مني ثلاث مرات. فضمنها على حتّى ولدت غلاما ثم ذهب بها إليه فرجمها([37]).

 

وعن زيد بن على عن أبيه عن جده قال: أتى عمر بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها، فتلقاها على فقال: ما بال هذه، قالوا أمر عمر برجمها فردها على وقال: هذه سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها، ولعلك انتهرتها أو أخفتها؟، قال: قد كان ذلك. قال: أو ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا حد على معترف بعد بلاء، أنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا اقرار له فخلى سبيلها([38]).

وعن أبي ظبيان قال: شهدت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)أتى بامرأة قد زنت فأمر برجمها فذهبوا بها ليرجموها، فلقيهم على فقال: ما لهذه؟ قالوا زنت فأمر عمر برجمها، فانتزعها على من أيديهم، فردهم، فرجعوا إلى عمر فقالوا ردنا على قال: ما فعل هذا على إلّا لشيء فأرسل إليه فجاءه، فقال: ما لك رددت هؤلاء؟ قال: أما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتّى يستيقظ وعن الصغير حتّى يكبر وعن المبتلى حتّى يعقل؟" فقال: بلى. فقال: هذه مبتلاه بنى فلان، فلعله أتاها وهو بها، فقال عمر: لا أدري: أنا أدري، فترك رجمها([39]).

المبحث الخامس: تصنيف دور علي(عليه السلام) :

ان هذا الدور الذي لعبه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)طيلة عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)والذى يستند إلى ما تمتع به من شخصية تتميز بكل ما يجب أن يتميز به القاضي من سعة أفق وعلم ودراية بأصول التقاضي وبالفقه وبكتاب الله وسنة نبيه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو دور المرجع الأعلى في القضاء، الذي له سلطة فوق سلطة الخليفة الذي يقر له دائما بهذه المرجعية ولا يمنعه شغله لا على منصب في دولة الإسلام من أن ينتقل بنفسه إلى حيث يكون على ليعرض عليه قضية أشكلت عليه أو أدرك أنه ليس بمستطاعه اصدار الحكم الصحيح فيها، فيطلب إليه أن يصدر حكمه فيها.

 

وعندما كان عمر (رضي الله عنه)يصدر أحكاما في قضايا معينة وهو يظن أنه فصل فيها وفقا لكتاب الله وسنة نبيه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان علي (رضي الله عنه)يملك سلطة التدخل ووقف تنفيذ الحكم الصادر عن الخليفة. ثم تعاد القضية إلى المناقشة ليدلى فيها على برأيه وقضائه. وليكون ما يحكم به عليّ (رضي الله عنه)هو الحكم النافذ. ولم يكن عمر بن الخطاب وهو الخليفة يجد أية غضاضة في أن يتدخل على (رضي الله عنه)لنقض أحكامه وتغييرها. ذلك أن عمر (رضي الله عنه)كان يريد الوصول إلى انفاذ أمر الله كما وصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: "وأشدهم في أمر الله عمر" وليس إلى انفاذ أمره هو.

 

ولم ينكر عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)دور علي بن أبي طالب ومكانته وكان يصرح دائما بفضله وعلمه ومكانته .

 

الخاتمة :

هذا بحث متواضع أردت به أن أبين مكانة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)عند أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والدور الكبير الذي لعبه على عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وهو الدور الذي نستطيع أن نشبهه بالدور الذي تلعبه المحاكم العليا في أيامنا هذا أو محاكم التمييز، فاذا شئنا أن نصف الدور القضائى لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)بأنه دور المرجع القضائى الأعلى في الدولة الإسلامية فاذا قضى الآخرون فانه يملك أن يراجع أحكامهم وأن يصدر حكمه الذي يصبح حكما مبرما بمجرد أن يصدره، إذ أنه يملك قدرة عظيمة على تعليق الأحكام وبيان الأوجه التي استند اليها والأدلة من الكتاب والسنة.

 

ولولا يكن على (رضي الله عنه)يحوز الثقة الكاملة بدينه وعلمه وقضائه لما احتل هذه المكانة العالية.

 

ولا يفوتنا هنا الاشارة إلى الفتاوى التي كان يصدرها أمير المؤمنين فقد كانت فتواه لا تقل اصابة ودقة عن قضائه.

 

نعم لقد اختلفوا حول الخلافة ولمن ينبغى أن تكون، ولقد لعبت عوامل كثيرة دورها في ابعاد على (رضي الله عنه)عن منصب الخليفة طيلة ثلاثة عهود.

 

منها عوامل متعلقة بذاته ومنها ما هو متعلق بتاريخة لا سيما بلائه في المشركين مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنها ما هو عائد إلى ما كان سائدا قبل الإسلام وهناك أمور أخرى لا مجال لذكرها.

 

لكنهم اتفقوا جميعا على أن عليا (رضي الله عنه) هو الأعلم والأتقى والأشجع والأقضى، وأنه مرجع لا غنى عنه لأمة محمّد (صلى الله عليه وآله) وأنه صاحب خصال حميدة وتاريخ وسبق في الإسلام كرم الله وجهه عن السجود لصنم ورغم أن عليا (رضي الله عنه) لم يكن راضياً عن تولى سواه لمنصب الخلافة إلّا أنه كان يرى أن الإسلام هو الأصل وأن الأهمية هي في الأمة وحفظ دينها، لذلك تراه عندما يتهدد خطر الردة الإسلام يسارع لاعطاء البيعة، والمساهمة في درءالخطر عن دولة الإسلام وأمته ودينه.

وتراه خير وزير ومعين ومشير لمن سبقه من الخلفاء لا يبخل عليهم برأى ولا بعلم ولا بقضاء ولا بنصيحة. كنصيحته لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بان لا يذهب بنفسه لحرب الروم، وان يبقى في المدينة.

 

ان الرعيل الأول قد عرفوا كيف يتعاملون ويلتقون ويحصنون الإسلام ويحمونه ويوصلونه الينا اسلاما محمّديا أصيلا ولو اقتضى الأمر منهم بذل الدماء والنفوس والأرواح.

 

ان اهل بيت النبي أئمة هذه الأمة دون منازع ولكنهم ماحملوا سلاحا ولا شقوا عصا الطاعة على خليفة إلّا عندما انتهكت حرمات الله واستخف بدين الله فخرجوا ليحموا دين الله بأرواحهم وأريقت دماؤهم.

 

وأخيرا :

حبذا لو استطعنا أن ننظر إلى ما كان من أمر المسلمين نظرة جديدة ومختلفة عما هو قائم منذ زمن بعيد. وأن نخرج من أنفاق العصبية المذهبية لندخل في رحاب الإسلام الأصيل وأن نقرأ التاريخ بعيون ترى المواقف ولا تحكم على المسائل باتّباع الأهواء والشهوات، والحمد لله ربّ العالمين.

المراجع

1 - القرآن الكريم.

2- صحيح مسلم.

3 - عارضة الأحوذى، شرح صحيح الترمذي.

4 - ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى. تأليف العلامة محب الدين أحمد ابن عبدالله الطبري.

5 - كتاب أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين.

6 - قضاء على بن ابي طالب، تأليف على محمّد على دخيل.

المحتوى

الفصل الأول: العلاقة بين أهل البيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه رضوان الله عليهم.

المبحث الاول: لمحة تاريخية عن مكّه والتنافس بين أهلها.

المبحث الثاني: مكانة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

المبحث الثالث: حب آل محمّد صلى الله وآله وسلم.

المبحث الرابع: كيف كان التعاطى مع أهل البيت سلام الله عليهم.

المبحث الخامس: مكانته من رسول الله صلى عليه وآله.

المبحث السادس مكانته العلمية.

الفصل الثاني: علي ّ(رضي الله عنه)والقضاء.

المبحث الأول: قضاوه زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

المبحث الثاني: درجة قضاء علي (رضي الله عنه)أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

المبحث الثالث: في عهد الخلفاء الذين سبقوه (رضي الله عنه)م.

المبحث الرابع: قضاء على (رضي الله عنه)في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).

المبحث الخامس: تصنيف دور علي (رضي الله عنه).

الخاتمة.

 

([1]).سورة الأحزاب: 36.

([2]).سورة آل عمران: 159.

([3]).سورة التوبة: 128.

([4]).سورة الفتح: 29.

([5]). سورة آل عمران: 31.

([6]). سورة الشورى: 23.

([7]).ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى، محب الدين أحمد بن عبدالله الطبرى، ص18.

([8]).المصدر السابق، ص 18.

([9]).المصدر السابق، ص 18.

([10]).المصدر السابق، ص 18.

([11]).عارضة الأحوذى، شرح صحيح الترمذي، باب مناقب على، ج 13، ص 175. وفي صحيح مسلم، ج 15، ص 169.

([12]).المصدر السابق نفسه، ج 13، ص 164.

([13]).صحيح مسلم، ج 15، ص 173.

([14]). ذخائر العقبى، ص 62.

([15]).المصدر السابق، ص 66.

([16]).ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى، مجد الدين أحمد بن عبدالله الطبرى، ص83.

([17]).عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، ج 13، ص 171.

([18]).ذخائر العقبي، ص 78.

([19]).نفس المصدر، ص 79.

([20]).ذخائر العقبى، ص 78.

([21]).عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذي، ج 13، ص 165 (أبواب المناقب) للامام الحافظ ابن العربي المالكي.

([22]).المصدر السابق، ج 13، ص 171 (أبواب المناقب).

([23]).المصدر السابق، ج 13، ص 177 (أبواب المناقب).

([24]).ذخائر العقبى، ص 83.

([25]).نفس المصدر، ص 83.

([26]).نفس المصدر، ص 83.

([27]).الزبية: حفرة تحفر ليقع فيها الأسد فيتم اصطياده.

([28]). راجع أعيان الشيعة الجزء الثانى ص 122، للامام السيد محسن الأمين.

([29]).قضاء الامام على، لعلي محمّد على دخيل، ص 44.

([30]).قضاء الامام على، على محمّد على دخيل، ص 43.

([31]). راجع كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى لمجد الدين أحمد بن عبدالله الطبرى، ص 83.

([32]). عارضة الأحوذى ج 13، ص 202 أبواب المناقب.

([33]).أعيان الشيعة. ج 2، ص 179.

([34]).المصدر السابق، ج 2 ص 180.

([35]).ذخائر العقبى، ص 82.

([36]).كتاب أعيان الشيعة، ج 2 ص 179.

([37]).ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى، ص 81 ـ 80.

([38]).ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى، ص 81 ـ 80.

([39]).المرجع نفسه.