حقوق الأمم والأديان في الإسلام

حقوق الأمم والأديان في الإسلام

 

 

حقوق الأمم والأديان في الإسلام

(دراسة في الأسس الفقهية والتاريخية)

 

شذى الخفاجي

قم ـ إيران

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار.

الوحدة ورص الصفوف من أهم مقومات البناء الحضاري للامة الإسلامية، والوحدة ضرورة شرعية وعقلية أكد عليها القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وآله وحكم بها العقل السليم، واثبت لنا التاريخ ضرورتها في تتبعه لسير الحضارات التي نمت وترعرعت وازدهرت بالوحدة وتدهورت واضمحلت حينما بدأ التمزق والفرقة يدبان في سيرها، والوحدة الإسلامية ممكنة التحقيق وليست مستحيلة كما يشيع أعداء الإسلام، ويأتي إمكان تحققها لوجود ثوابت مشتركة بين جميع المذاهب، أما الفواصل فهي فواصل جزئية لا تمنع من الاشتراك في الأفق الواسع، أفق العقيدة والمصير والمصالح والمواقف الواحدة، ومن نقاط الاشتراك هو الاتفاق

ـ(528)ـ

على الاعتراف بحقوق الأمم والأديان، وقد تجسد هذا الاتفاق على المستوى النظري والفقهي في الاعتماد على مصادر التشريع الإسلامي، وعلى المستوى العملي في تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وآله والسلف الصالح. وفي بحثنا هذا نسلط الأضواء على الأسس الفقهية والتاريخية لحقوق الأمم والأديان في الإسلام، بالاستفادة من القرآن الكريم ومن التطبيق العملي لها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وعهد الخلفاء الراشدين، وعهد أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وأئمة المذاهب، والاستفادة من آراء الفقهاء المتقدمين والمتأخرين، والاستفادة من تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران، لنضع صورة واضحة المعالم عن مظاهر التعامل الإنساني مع غير المسلمين والذي تجسد في الاعتراف بجميع حقوقهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية، حيث عاشوا في ظل الإسلام حياة كريمة تجسدت فيها إنسانية الإسلام وروح المسامحة والوئام.

الفصل الأول

حقوق الأمم والأديان في القرآن الكريم

ان الإسلام دين الرحمة والعفو والتسامح، جاء لهداية الإنسانية من خلال الآيات والبينات الواضحة المعالم ليكون الأمن والوئام والسلام هو الحاكم في أسس وقواعد العلاقات بين بني الإنسان.

وأكدت الآيات القرآنية على هذه الحقيقة، فالرسول صلى الله عليه وآله قد أرسل شاهدا على الناس جميعا ومبشرا ونذيرا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾(1).

ورسالة الإسلام هي رسالة الرحمة وقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله من أجل

ـ(529)ـ

تقريرها في واقع الحياة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾(2).

والقرآن الكريم بما فيه من مفاهيم وقيم وتشريعات مختلفة إنّما هو ذكر للعالمين: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾(3).

والبيت الحرام الذي يمثل محور الالتقاء والاشتراك لم يوضع إلا هدى للعالمين: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾(4).

فالذكر والإنذار والهدى والرحمة تستلزم نفي جميع ألوان الإكراه والاضطهاد والعبودية والامتهان لجميع بني الإنسان على مختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، ولهذا راعى القرآن الكريم في أسسه وقواعده الثابتة حقوق الإنسان في جميع مظاهرها.

حق الاعتقاد:

قال تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ...﴾(5). فقد صرح القرآن الكريم على حق الإنسان في الاعتقاد، فله الحرية الكاملة في اختيار أي دين شاء وأي عقيدة فكرية، فلا إكراه لـه على عقيدة معينة، وقد جاءت التفاسير منسجمة مع هذا المفهوم القرآني في مراعاة حقوق غير المسلمين، فقد ورد (ان المراد ليس في الدين إكراه من الله، ولكن العبد مخير فيه لأن ما هو دين في الحقيقة هو من أفعال القلوب إذا فعل لوجه وجوبه، فأما ما يكره عليه من إظهار الشهادتين فليس بدين حقيقة...)(6).

وفي تفسير آخر: (لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فانه بين واضح جلي دلائله) (7).

وقد منح القرآن الكريم حق البقاء على الاعتقاد السابق لغير المسلمين كما

ـ(530)ـ

ورد في سورة (الكافرون): ﴿...لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.

ولا يحق لاحد ان يكره غيره على اعتناق العقيدة الإسلامية، قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ﴾(8).

وقال أيضاً: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾(9).

وقال أيضاً: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾(10).

ولغير المسلمين حرية الإرادة في تبني ما يرونه من عقائد، قال تعالى: ﴿ مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا...﴾(11).

فلكل إنسان أو جماعة إنسانية حق الاعتقاد دون إكراه أو إجبار، مع المحافظة على النظام العام ومراعاة الأكثرية دون جرح لعقائدها ومتبنياتها الفكرية والعقائدية، ودون المساس بمفاهيمها وقيمها وعاداتها وتقاليدها.

حق إبداء الرأي:

لغير المسلمين حق إبداء الرأي في جميع المجالات العقائدية والفكرية والتشريعية والسياسية، ولهم حق الحوار والجدال، دون إكراه أو إرهاب، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾(13).

وأمر القرآن الكريم بالدعوة إلى الإسلام بالحكمة والجدال بالتي هي احسن؛

 

 

ـ(531)ـ

بالرفق وابراز البينات والدلائل: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾(14).

واستثنى الظالمين في هذه القاعدة الكلية فقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ...﴾(15).

وذكر القرآن الكريم مصاديق هذا الحق ومظاهره العملية التي طبقت وقد النزول، فقد كانوا يحاجون المسلمين في بعض المفاهيم والمعتقدات ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾(16).

وكان لهم حق إبداء الرأي وتوجيه الأسئلة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء﴾(17).

وكان لهم حق الترويج لمتبنياتهم العقائدية والفكرية والتنظيمية ﴿وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ﴾(18).

حق الأمن والحماية:

الإسلام دين الأمن والسلام والوئام، ولهذا يدعو إلى تقرير هذه المفاهيم في واقع الحياة، فالنفس الإنسانية لها حرمتها، فلا يبيح الإسلام القتل لمطلق الإنسان مسلما كان أم غير مسلم، فللجميع حق الحياة، قال تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾(19).

ونهى القرآن الكريم عن قتل المسالمين بل أمر ببرهم والقسط إليهم ليتمتعوا بكامل مظاهر الأمن والسلام: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾(20).

ـ(532)ـ

والأمن والسلام هو الأصل الحاكم على التعامل مع غير المسلمين، أما القتال فهو حالة استثنائية يجب الرجوع عنها في أي فرصة متاحة والعودة إلى الأصل وهو السلام والوئام، قال تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾(21).

وحرم القرآن الكريم الاعتداء: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾(22).

وأمر القرآن الكريم بإجارة المستجير حتى يبلغ مأمنه: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾(23).

وفي ظل الإسلام يتمتع الجميع بالأمن، فلا يبيح الإسلام الاعتداء على أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم وأماكن عباداتهم، فقد جاءت الآيات القرآنية مطلقة غير مقيدة بصفة الإسلام والإيمان، فحرم القرآن الكريم الاعتداء والظلم والاضطهاد، وحرم الاعتداء على أموال الناس بسرقة أو غصب أو غش واحتيال، وحرم التطفيف بالمكيال والميزان، وحرم الاعتداء على أعراض الناس جميعا، وحرم الدخول إلى البيوت إلا بأذن أهلها.

حق التمتع بالعدل:

العدل مبدأ إسلامي دعا القرآن الكريم إلى تقريره في واقع الحياة، وأمر بتطبيقه بين الناس جميعا دون النظر إلى انتماءاتهم العقائدية والفكرية، فللجميع حق التمتع به، والآيات القرآنية جاءت مطلقة غير مقيدة بصفة عقائدية، فالمسلمون وغيرهم على حد سواء ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾(24).

ـ(533)ـ

وقال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾(25).

وإضافة إلى الأمر بالعدل أمر القرآن الكريم بالإحسان فقال: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ...﴾(26).

ويأمر القرآن الكريم المسلمين بأن لا يتأثروا بما يقع عليهم من مخالفيهم في الإيمان والاعتقاد من ظلم وينعكس ذلك على غير المعتدين بل يدعو إلى توفير العدالة وكفالتها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾(27).

والقرآن الكريم ينظر إلى الإنسان بما هو إنسان بلا صفة إضافية من عقيدة أو انتماء في مجال تطبيق العدل وتحكيمه بين الناس مسلمين ام غير مسلمين.

حق التقاضي والتحاكم:

منح القرآن الكريم لغير المسلمين حق التقاضي والتحاكم من أجل إقامة العدل وإقرار الحقوق وإنهاء الخلافات والنزاعات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

فلهم حق التقاضي والتحاكم عند الحاكم الإسلامي، وهو بالخيار بين القبول والرفض تبعا لما يراه من مصلحة، وإذا تحاكموا إليه يجب عليه الحكم بينهم بالقسط والعدل: ﴿... فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾(28).

ويجب على الحاكم الإسلامي ان يحكم بينهم ـ في حال التحاكم إليه ـ طبقا

ـ(534)ـ

لقوانين الإسلام وتشريعاته: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾(29).

وحث القرآن الكريم أهل الكتاب على الحكم طبقا للأسس والقواعد التي أنزلها الله في كتب انبيائهم، التقيد بما ورد فيها من ثوابت وأساسيات، قال تعالى: ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ.. *.. وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾(30)

وقال تعالى: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.(31).

وجاءت توجيهات وإرشادات وأوامر القرآن الكريم للحكم بما أنزل الله في التوراة والإنجيل للحيلولة دون وقوع الظلم وعدم العدالة، ان حكم حاكمهم بغير الثوابت تبعا لأهوائه ورغباته النفعية والمصلحية، ويروم القرآن الكريم من ذلك إشاعة العدل وإعطاء كل ذي حق حقه وان لم يكن مسلما، إيمانا منه بإقرار حقوق غير المسلمين، لكي لا يظلم أحد منهم ولا يعتدي على حقه في نفسه وعرضه وماله.

الحقوق المدنية:

ان جميع الآيات القرآنية التي وردت بخطاب يا أيها الناس أو رتبت حقوقا للناس على بعضهم تدل دلالة واضحة على إقرار الحقوق المدنية لغير المسلمين لأنها لم تشترط في ذلك صفة الإيمان ولم تكن مقيدة بها، فالقرآن الكريم كرم مطلق الإنسان وعلى هذا فلا يجوز إهانة غير المسلمين وقذفه وممارسة الكذب

ـ(535)ـ

والخداع والغش والتدليس معه، ونهى القرآن الكريم عن الطعن بمعتقداتهم بأسلوب لا ينسجم مع أخلاق  الإسلام وسماحته، وحرم الدخول إلى بيوتهم إلا بعد الاستئذان وحرم التجسس عليهم في شؤونهم الاجتماعية، ونهى عن بخسهم لحقوقهم في المكيال والميزان وفي مطلق البيع والشراء، وساوى بينهم وبين المسلمين في الضرائب المفروضة، فعليهم الجزية وعلى المسلمين الزكاة والخمس، وساوى بينهم وبين المسلمين في الحكم بالعدل والمساواة أمام القانون، وأمر بالوفاء بالعهود والعقود بينهم وبين المسلمين، ومنحهم حق التنقل والسكن والتملك وسائر التصرفات المالية، وأقرهم على ما يعتقدونه في قضايا النكاح والطلاق والوصية والميراث.

ولزيادة الإطلاع تراجع الآيات التالية: الإسراء: 70، النور: 27 ـ 28، الأنعام: 108، هود:85، البقرة: 168، التوبة: 28، المائدة:106.

الفصل الثاني

حقوق الأمم والأديان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله

ان أول عمل قام به رسول الله صلى الله عليه وآله بعد تشكيل الدولة الإسلامية ـ هو إقرار اليهود على دينهم ومعتقداتهم وأموالهم، وكتب في ذلك كتابا اقر فيه حقوقهم المشروطة وغير المشروطة، وفيما يلي بعض نصوص الكتاب: (... وانه من تبعنا من يهود فإن لـه النصرة والأسوة، غير مظلومين، ولا متناصر عليهم.

وان اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين...

لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم... وان بطانة اليهود

ـ(536)ـ

كأنفسهم...

وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وان بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.

وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم، وانه لم يأثم امرؤ بحليفه وان النصر للمظلوم) (32).

وأقر رسول الله صلى الله عليه وآله في أقواله وكتبه وممارساته وتقريراته حقوق الأمم والأديان المتعايشة مع الدولة الإسلامية ومجتمع المسلمين، وفيما يلي نستعرض جملة منها:

حق الاعتقاد والرأي وإقامة الشعائر:

بعث رسول الله صلى الله عليه وآله لهداية البشرية من خلال البينات والدلائل الواضحة، وهو مكلف بإخراجها من الظلمات إلى النور باتباع المنهج الرباني عن طريق الدعوة والإرشاد، وقد قام بالأمر، ودعا الناس إلى الإيمان والهداية إلا انه لم يكره أحدا على ترك عقيدته السابقة، وجعل للجميع حق الاعتقاد والبقاء على دياناتهم السابقة.

ففي حوار لـه صلى الله عليه وآله مع جماعة من اليهود أجابوه بالقول: (فإنا نأخذ بما في أيدينا، فأنا على الهدى والحق، ولا نؤمن بك ولا نتبعك...)(33).

وفي حوار آخر أجابه بعضهم بالقول: (بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آبائنا، فهم كانوا اعلم وخيرا منا) (34). 

وكتب صلى الله عليه وآله لأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم ومن تبعهم ان لهم (جوار الله ورسوله لا يغير أسقف عن اسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته ولا كاهن عن

ـ(537)ـ

كهانته...)(35).

وفي رواية انه صلى الله عليه وآله (جعل لهم ذمة الله تعالى وعهده الا يفتنوا عن دينهم...)(36).

ولم يكره صلى الله عليه وآله أحدا على ترك عقيدته والاستسلام للعقيدة الإسلامية، فقد بقيت ريحانة زوجته على يهوديتها ردحا من الزمن إلى ان أسلمت (37).

ومنح اليهود والنصارى وسائر أصحاب الديانات حق التعبير عن الرأي وابداء وجهات نظرهم ومتبنياتهم العقائدية والفكرية، فكان يعقد جلسات الحوار الهادئ معهم، ففي اجتماع لـه صلى الله عليه وآله مع رؤساء اليهود قال لـه أحدهم: (يا محمد، ما جئتنا بشيء نعرفه، وما انزل الله عليك من آية فنتبعك لها)، وقال لـه آخر: (يا محمد ان كنت رسولا من عند الله كما تقول، فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه) (38).

وقال لـه جماعة من اليهود والنصارى: (ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا محمد تهتدي)(39).

وقالوا لـه أيضاً: (أتريد منا يا محمد ان نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم)، فأجابهم صلى الله عليه وآله بكل هدوء: (معاذ الله ان اعبد غير الله، وآمر بعبادة غيره)(40).

وقدم وفد نصارى نجران إلى المدينة فدخلوا مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم ثياب وأردية خاصة، ولما حانت صلاتهم، صلوا في مسجد صلى الله عليه وآله وتوجهوا إلى بيت المقدس، فقال صلى الله عليه وآله لأصحابه: دعوهم، وفي اليوم التالي جاءوا إليه صلى الله عليه وآله وقالوا: (قد رأينا الا نلاعنك، وان نتركك على دينك، ونرجع على ديننا...)(41).

وكان لغير المسلمين حق التجمع وإقامة الجلسات والمهرجانات في بيوت

ـ(538)ـ

العبادة والأماكن الخاصة بهم، فكان لليهود مقر للتجمع يسمى بيت المدارس، وكان صلى الله عليه وآله يدخل عليهم ليدعوهم إلى الإسلام (42) بالحكمة والموعظة الحسنة، وكانوا يقيمون المهرجانات في أعيادهم داخل دور العبادة بكل حرية، فقد أراد صلى الله عليه وآله الدخول إلى إحدى الكنائس وكلم أهلها ثلاث مرات فلم يجيبوه وكرهوا دخوله فانصرف راجعا (43).

حسن الأخلاق والمسامحة في القتال:

من أهداف الإسلام إشاعة الأمن والسلام في الأرض بالقضاء على جميع ألوان ومظاهر العدوان، أما القتال فهو ظاهرة طارئة ولم يكن باختيار المسلمين وإنّما هو أمر مفروض عليهم، للدفاع عن عقيدتهم وعن أنفسهم، يسعون دائما فيه إلى الرجوع إلى الأصل وهو السلام والأمن في أقرب فرصة ممكنة، فقد نهى صلى الله عليه وآله عن تمني لقاء العدو فقال: (لا تتمنوا لقاء عدوكم، فإنكم لا تدرون عسى ان تبتلوا بهم، ولكن قولوا اللهم اكفناهم وكف عنا بأسهم، فإذا جاءوكم يعزفون ويصيحون فعليكم بالأرض، وقولوا اللهم نواصينا ونواصيهم بيدك، وإنّما تقتلهم أنت، فإن غشوكم فثوروا في وجوههم) (44).

وقال صلى الله عليه وآله: (لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية) (45).

وعند الاضطرار إلى القتال وضع صلى الله عليه وآله منهجا أخلاقيا في التعامل مع الجبهة المقابلة.

ومن وصاياه: (لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع... ولا امرأة ولا شيخا) (46).

وفي معركة بدر نهى صلى الله عليه وآله عن قتل جماعة من المشركين (47) لدفاعهم عنه

ـ(539)ـ

اثناء دعوته في مكة.

ونهى صلى الله عليه وآله ان يلقى السم في بلاد المشركين (48).

وكان يأمر أصحابه بالتعامل الحسن مع الأسرى: (استوصوا بالأسارى خيرا)(49).

وكان يقدم الهداية على القتال، وليس هدفه من القتال الانتقام لذا كان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل اسير (50).

وحرم صلى الله عليه وآله الاعتداء على أموال غير المسلمين وعلى نسائهم وعلى ممتلكاتهم فقال: (ان الله عز وجل لم يحل لك ان تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن منهم، ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم...)(51).

وقال صلى الله عليه وآله: (لعلكم تقاتلون قوما وتظهرون عليهم فيفادونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم وتصالحوهم على صلح فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فانه لا يحل لكم) (52).

وأمر صلى الله عليه وآله قادة جيشه عند فتح مكة ان لا يقاتلوا إلا من قاتلهم وأخذ الراية من سعد بن عبادة وأعطاها لعلي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ لأنه سمعه يقول:

اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة (53).

وحينما انتصر على هوازن أعاد نساءهم وأبناءهم لهم وكانوا ستة آلاف (54) وكان من حقه سبيهم طبقا لقوانين القتال.

وكان كثير العفو والمسامحة لأنه يستهدف هداية الناس وإرشادهم إلى الطرق القويم، فعفى عن جماعة كثيرين أرادوا قتله (55).

وعفى عن قاتل عمه حمزة، وحينما دخل مكة خاطبهم بالقول: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) (56).

ـ(540)ـ

حق الأمن والحماية:

أقر رسول الله صلى الله عليه وآله للمعاهدين لـه والقاطنين في دولته حق التمتع بالأمن، فهم آمنون على أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، فلا يجوز الاعتداء عليهم، والتعرض لهم بالأذى بجميع الوانه واصنافه، وأوجب صلى الله عليه وآله على المسلمين الوفاء لهم بالعهد، وجعله من علامات الإيمان، فقال: (حسن العهد من الإيمان)(57).

فلهم ما للمسلمين في إشاعة الأمن، فيحرم أذاهم كما يحرم آذى المسلم وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله نفسه خصما لمن آذاهم وقال: (من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة)(58).

وقال صلى الله عليه وآله: (من آذى ذميا فقد آذاني) (59).

وحرم صلى الله عليه وآله الاعتداء عليهم بظلم واضطهاد وغلول وغصب فقال: (ألا من ظلم معاهدا وانتقصه وكلفه فوق طاقته أو اخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة...)(60).

وقال صلى الله عليه وآله: (منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره) (61).

وجعل صلى الله عليه وآله قتل المعاهد من الكبائر التي تستوجب دخول النار فقال: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة) (62).

وفي رواية: (من قتل رجلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة التي توجد ريحها من مسيرة اثني عشر عاماً) (63).

ولم يكتف صلى الله عليه وآله بالإرشاد والتوجيه وإنّما قام بخطوات عملية في إقرار هذا الحق، ومنها تثبيت المعاهدات في كتب ختمت بختمه الشريف، ومن هذه الكتب: كتابه إلى يحنة بن رؤبة صاحب ايلة حيث جاء فيه: ( هذه امنة من الله

ـ(541)ـ

ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل ايلة سفنهم وسياراتهم في البر والبحر، لهم ذمة الله، وذمة محمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر...)(64).

وكتب لأهل اليمن، وأهل اذرح، وجربا، ومقنا، كل كتاب على حدة (انهم آمنون بأمان الله وامان محمد) (65).

وكتب لكل قبيلة من قبائل اليهود كتاباً خاصاً بها (66).

فكانوا آمنين على عقائدهم وحرياتهم في التعبير عن آرائهم، وعلى أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم.

حق التقاضي والتمتع بالعدالة القانونية:

أقرّ صلى الله عليه وآله لغير المسلمين حق التقاضي والتحاكم إلى حاكمهم أو إلى حاكم المسلمين المتمثل برسول الله صلى الله عليه وآله، فقد قدّم احد اليهود شكوى على أحد الصحابة لأنه ضربه على وجهه وقال: (يا محمد انظر ما صنع بي صاحبك)، فحاسب صلى الله عليه وآله الصحابي على ذلك (67).

وقد كان أهل الكتاب يرجعون إليه للحكم بينهم في قضايا الحدود والتعزيرات، (68) حيث رجعوا إليه في الحكم على اثنين منهم متلبسين بجريمة الزنا، فحكم فيهم بحكم الإسلام(69).

وقد اجاز صلى الله عليه وآله شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض (70).

وبعث صلى الله عليه وآله أحد الصحابة إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى، فوديتهم ثمانمائة ثمانمائة وأصبت دماء من المجوس، ولم تكن

ـ(542)ـ

عهدت الي فيهم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله: (ان ديتهم مثل دية اليهود والنصارى) (71).

ووجد الأنصار رجلا منهم مقتولاً في ساقية من سواقي اليهود، فقالوا: اليهود قتلوا صاحبنا، فلما لم يأتوا ببينة، ولم يقسموا، قال لهم صلى الله عليه وآله: فاليهود يقسمون، فرفض الأنصار تحليف اليهود، فوداه صلى الله عليه وآله من بيت المال (72) ولم يلق المسؤولية على اليهود وان وجد مقتولا في ساقية من سواقيهم، تطبيقا منه للعدالة.

وقد استشعر أهل الكتاب عدالة الإسلام وعدالة رسول الله صلى الله عليه وآله في الحكم بينهم وبين المسلمين، وفيما بينهم لذا نجدهم يلتمسون رسول الله صلى الله عليه وآله ان يبعث معهم قاضيا من المسلمين، فقد جاءه وفد نجران وقالوا لـه: (ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا فأنكم عندنا رضا)(73).

 

إقرار الحقوق المدنية والشخصية:

كان أهل الكتاب وغيرهم من المشركين يتمتعون بحقوقهم المدنية والشخصية، فقد اثبت رسول الله صلى الله عليه وآله عقد نكاح المشركين وطلاقهم (74). سوءا كانوا من أهل الكتاب أم من غيرهم.

وأمر بصلة الرحم بين المسلم ورحمه المشرك، فقد استفتت إحدى الصحابيات رسول الله صلى الله عليه وآله في صلة رحم أمها المشركة فأجابها صلى الله عليه وآله: (صلي أمك) (75).

وأقر صلى الله عليه وآله حق الوصية وان كان من مسلم إلى غير المسلم، فقد أقر صلى الله عليه وآله وصية زوجته صفية لقريب لها من اليهود (76).

ـ(543)ـ

وأقر صلى الله عليه وآله صدقات بعضهم على بعض، وصدقات المسلمين عليهم (77).

وأجاز لهم صلى الله عليه وآله حق التملك والعمل الزراعي والصناعي والتجاري، فعن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: (كنا لا نقتل تجار المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله (78) على الرغم من استمرار القتال بينهم وبين المسلمين قبل صلح الحديبية، ولم يمنع صلى الله عليه وآله وصول المواد الغذائية والاستهلاكية إلى قريش (79) على الرغم من إصرارهم على مواصلة الاعتداء على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى المسلمين.

وفي مرحلة الانتصار الكبير بعد فتح مكة سأل صلى الله عليه وآله صفوان بن أمية عن مائة درع، فقال: اغصبا يا محمد ؟ قال صلى الله عليه وآله، لا، ولكن عارية مضمونة، فقال صفوان: لا بأس بهذا (80).

وكان لغير المسلمين حق العمل مع الحفاظ على ممتلكاتهم الخاصة، فقد اشترى صلى الله عليه وآله طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعاً لـه (81).

فقد رهن صلى الله عليه وآله درعه عند يهودي، وما فكر قط في إحراجه بما يملك من قوة وسلطان.

العلاقات الاجتماعية:

كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وللمسلمين علاقات اجتماعية مع أهل الكتاب وغيرهم، فكان التزاور قائما في منازلهم وفي أماكن لقاءاتهم، فقد كان صلى الله عليه وآله يدخل عليهم في منازلهم ودور عبادتهم ويدخلون عليه أيضاً، وكان صلى الله عليه وآله يعقد جلسات طويلة للحوار معهم ولم يقطع الأواصر معهم.

وكان صلى الله عليه وآله يعود المرضى من غير المسلمين، (82) وكان يرسل بعض الطعام

ـ(544)ـ

إلى جيرانه من اليهود (83) وغيرهم، وكان يوصي بحسن الجوار مطلقا سواء كان الجار مسلما أو كافرا، ومما قاله في ذلك: (الجيران ثلاثة: فمنهم من لـه ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة، ومنهم من لـه حقان: حق الإسلام وحق الجوار، ومنهم من لـه حق واحد: الكافر لـه حق الجوار) (84).

وقال صلى الله عليه وآله في مطلق الجار: (احسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا) (85).

وكان صلى الله عليه وآله يأمر بالرفق في علاقات المسلمين بغيرهم وكان يقول (ان الله يحب الرفق في الأمر كله ) (86).

وكان يراعي مشاعر غير المسلمين، فقد مرت به صلى الله عليه وآله جنازة فقام لها، فقيل: انه يهودي، فقال صلى الله عليه وآله: (أليست نفسا) (87).

وجاء أصحابه صلى الله عليه وآله بسبي من اليمن، فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية كانت أمها معهم، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله سمع بكاءها فقال: ما هذه ؟ فقالوا: يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبعنا بنتها، فبعث صلى الله عليه وآله فأتي بها، وقال: (بيعوهما جميعا أو امسكوهما جميعا)(88).

فلم يقطع رسول الله صلى الله عليه وآله علاقته الاجتماعية مع غير المسلمين، وكان يتعامل معهم تعاملا حسنا بالرفق والمسامحة والرحمة، فعاشوا في ظل دولته أحرارا كرماء، آمنين على أنفسهم وأعراضهم وحقوقهم وعقائدهم ودور عباداتهم، يتمتعون بالعدل والمساواة في الإنسانية وأمام القانون، فلم يتعرض لهم أحد بظلم أو اضطهاد، فقد وفي صلى الله عليه وآله لهم بالمعاهدات والمواثيق التي قطعها معهم، فعاشوا الأمن والطمأنينة والسلام في ظل دولته المباركة.

ـ(545)ـ

الفصل الثالث

حقوق الأمم والأديان في عهد الخلفاء الراشدين

 

حق الاعتقاد وحرية الرأي وإقامة الشعائر:

اتبع الخلفاء الراشدون تعاليم القرآن والرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في التعامل مع غير المسلمين، فأحسنوا معاملتهم ووفوا بالعهود التي قطعها رسول الله صلى الله عليه وآله لهم على نفسه وعلى المسلمين، وأقروهم على ما كانوا عليه في عهده صلى الله عليه وآله من حقوق، وعقدوا معهم عقودا وعهوداً جديدة، فكانوا يتمتعون بحرية الاعتقاد في جميع مراحل العهد الراشدي، وكان لهم حق إبداء الرأي والتعبير عن متبنياتهم العقائدية والفكرية والسياسية، فلم يكره أحد من الخلفاء أحدا من أهل الكتاب أو من غيرهم على ترك معتقداته، أو تبني الإسلام، والشاهد على ذلك وجودهم المستقل في داخل الدولة الإسلامية، حيث كان يشار إليهم بأنهم أهل ذمة.

ومن أروع صور إقرار حق الاعتقاد ان الخليفة الثاني أقر حتى مملوكة على دينه ولم يكرهه على الإسلام، عن أسبق الرومي قال: (كنت في دينهم مملوكا نصرانيا لعمر بن الخطاب، فكان يعرض علي الإسلام فآبي، فيقول (لا إكراه في الدين)، ويقول: يا أسبق لو أسلمت لاستعنا بك على بعض أمور المسلمين)(89).

وفي عهده صالح أبو عبيدة أهل الشام على الحفاظ على كنائسهم وعلى إقامة المهرجانات وان لا يمنعوا من أعيادهم(90).

وكان أهل الكتاب يدخلون في حوار طويل مع الخلفاء الراشدين، ويتمتعون بالحرية الكاملة في طرح عقائدهم وأفكارهم، وإثارة بعض الاشكالات، وكان

ـ(546)ـ

الخلفاء يستمعون إليهم بكل رحابة صدر، وإذا عجز أحدهم عن جواب بعث على غيره ليجيبهم بدلا عنه (91).

وقد اعترف النصارى في عهد الخليفة الثالث بتمتعهم بحرية الاعتقاد والرأي وإقامة الشعائر، واحترام المسلمين لمقدساتهم وعدم الطعن بها، وتقديم المعونات المادية للكنائس والاديرة (92).

وكان بعض أهل الكتاب يحتجون على الخليفة الرابع بالمعاجز التي أعطيت لموسى ـ عليه السلام ـ دون رسول الله صلى الله عليه وآله فيجيبهم برفق ورحابة صدر (93).

وكان الخليفة الرابع يستشهد بمفاهيم وقيم التوراة غير المحرفة (94)، تقديرا منه لمقدسات أهل الكتاب، وتشجيعاً لهم على ترويجها ما دامت تشترك مع الإسلام في أفق العقيدة الرحب.

حسن الأخلاق والمسامحة في القتال:

لم تكن المعارك التي قادها الخلفاء الراشدون معارك غلبة واستيلاء واضطهاد، بل كانت معارك دفاعية لحماية العقيدة من الاعتداء المحتمل، ولم تقع معركة بينهم وبين غير المسلمين إلا بعد إلقاء الحجة واستنفاذ جميع الطرق السلمية لإيقاف العدوان، حيث ان الدولتين الفارسية والرومية قد أعدتا العدة للقضاء على الإسلام وعلى الكيان الإسلامي، فكانت المعارك حقا مشروعاً تقره قوانين الدول القائمة آنذاك، ومع ذلك فقد تعامل الخلفاء مع غير المسلمين تعاملا تحكمه الرحمة والمسامحة والصفح، وكانت أخلاق الإسلام هي الأساس في علاقات الحب والسلم، فقد أوصى الخليفة الأول أمراء الجيش بالقول: (أوصيكم بتقوى الله عز وجل لا تعصوا ولا تغلوا ولا تهدموا بيعة ولا تفرقوا نخلا ولا تحرقوا 

ـ(547)ـ

زرعا، ولا تشجروا بهيمة ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تقتلوا شيخا كبيرا ولا صبيا صغيرا وستجدون اقواما قد حبسوا أنفسهم للذي حبسوها فذروهم وما حبسوا أنفسهم لـه...)، ونهى عن قتل الرهبان (95).

وأمر أيضاً بعدم التعرض للفلاّحين (96).

ومن وصايا الخليفة الثاني لامرائه: (لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، واتقوا الله في الفلاحين الذين لا يصبون لكم الحرب ) (97).

ومن صور حسن المعاملة ان أهل بيت المقدس طلبوا من قائد الجيش الإسلامي ان يكون الخليفة هو المتولي لعقد الصلح، فسار الخليفة بنفسه ونفّذ ما أرادوا (98).

وكان الصلح والسلم هو الأصل في علاقات الخلفاء مع غير المسلمين، فكثير من البلدان فتحت عن طريق الصلح ومنها: الدينور، سيروان، همذان، الماهين، إصفهان، زويلة، الري، ابهرر، قزوين، جرجان، طبرستان، وطرابلس الغرب، واغلب بلاد الشام ومصر (99).

وقد فرح أهل فارس بقدوم المسلمين وكانوا يقولون انهم (اوفياء وهم أهل دين ) (100).

ونصح ملك الصين ـ في عهد الخليفة الثاني ـ يزدجرد حينما أراد اللجوء إليه قائلا: (... فسالمهم وارض منهم بالمساكنة) بعد ان اطلع على حسن المعاملة وحسن السيرة التي اتبعها المسلمون مع غيرهم (101).

وعزل الخليفة الثالث والي الإسكندرية لأنه نقض العهد مع أهل الذمة دون مجوز شرعي (102).

ـ(548)ـ

حق الأمن والحماية:

كان غير المسلمين يتنعمون بالأمن والحماية في ظل دولة الخلفاء الراشدين، فقد كتب الأمراء لأهل البلدان غير الإسلامية الأمان على دمائهم وأموالهم وكنائسهم (103).

وكان الخليفة الثاني يقول: (لو ان أحدكم أشار بإصبعه إلى السماء إلى مشرك فنزل إليه على ذلك فقتله لقتلته به) (104).

وكان القادة والجنود لا يتخذون موقفا يتعلق بالأمن إلا وسألوا الخليفة عنه لكي لا يصيبوا أحدا بأذى، فقد نفذ الخليفة الثاني أمانا كتبه عبد مملوك لأهل حصن بأكلمه، وكتب إلى أمير الجيش: (ان العبد رجل من المسلمين ذمته ذمتكم)(105).

وكان لأهل الذمة حق الحماية والدفاع عنهم في حال تعرضهم للاعتداء على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وجميع حقوقهم، وقد وفى الخلفاء الراشدون بهذا الحق في كثير من المواقف باستثناء حالة واحدة، حيث عجز والي الخليفة الثاني عن الدفاع عنهم، فأخبرهم بذلك وأعاد الجزية لهم ـ لأهل الشام ـ لأنها أخذت منهم كضريبة للدفاع عنهم (106).

وقد أوصى الخليفة الثاني بأهل الذمة بالوفاء بالعهد وحمايتهم، ومما جاء في وصيته: (أوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وآله ان يوفي لهم بعهدهم، وان يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا فوق طاقتهم) (107).

وعزل الخليفة الثالث واليه على الإسكندرية لأنه نقض عهده مع أهل الذمة ـ كما تقدم ـ.

وقد أوصى الخليفة الرابع واليه على مصر بإقرار الأمن بين أهل الذمة، والوفاء

 

 

ـ(549)ـ

لهم بالعهد، فجاء في كتابه إلى مالك الاشتر: (...فحط عهدك بالوفاء وأرع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت... فلا تغدرن بذمتك، ولا تخيسن بعهدك... وقد جعل الله عهده وذمته أمنا افضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره ؛ فلا أدغال ولا مدالسة ولا خداع فيه... ولا تعوّلنّ على لحن قول، بعد التأكيد والتوثقة، ولا يدعونك ضيق أمر، لزمك فيه عهد الله، إلى طلب أنفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته، غير من غدر تخاف تبعته...) (108).

وأمره بإشاعة الرحمة في التعامل مع المواطنين مسلمين كانوا أم غير مسلمين: (واشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولاتكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق...) (109)

وكان يستنهض الناس لجهاد البغاة الذين اعتدوا على المسلمات ونساء أهل الذمة، تطبيقا منه لحق الأمن والحماية، وكان يقول: (ولقد بلغني ان الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة  والأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعثيها، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم ولا أريق لهم دم ؛ فلو ان امرأ مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً...) (110).

وكانوا في عهده آمنين وهو القائل: (إنّما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا) (111)

والأمن والحماية من الحقوق التي أقرها الخلفاء الراشدون، وأمروا بتنفيذها، ولولا تمتع أهل الذمة بهذه الحقوق لتركوا بلاد المسلمين والتجأوا إلى البلدان

ـ(550)ـ

الأخرى، ولم يحدثنا التاريخ ان أحدا منهم ترك بلاد المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين.

حق التقاضي والتمتع بالعدالة القانونية:

كان غير المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين يتمتعون بحق التقاضي إلى قاضي المسلمين أو إلى قاضيهم الخاص بهم، وقد اعتمد الفقهاء المتقدمون والمتأخرون على سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الراشدين في إثبات هذا الحق، ولم يحدثنا المؤرخون إلا قليلا عن تقاضي غير المسلمين عند قاضي المسلمين، ولعل ذلك ناشئ من تقاضيهم إلى قضاتهم، ومع ذلك كانوا يتمتعون بالحماية القانونية، ففي عهد الخليفة الثاني اعتدى بعض الجند على مزرعة لأحد أهل الذمة، بسبب مجاعة أصابتهم، فقدم الذمي شكوى إليه، فقام الخليفة بمحاسبتهم، وعوض الذمي عن الخسارة التي ألحقت به (112).

وحينما كلف بعض المسلمين أهل الذمة من أهل الشام فوق طاقتهم، وخلافا لمعاهدة الجزية، قدموا شكوى إليه، فأعطاهم الحق، وأمرهم بعدم الاستجابة لطلب المسلمين (113).

واختصم لديه (مسلم ويهودي، فرأى عمر ان الحق لليهودي فقضى لـه) (114). وسأل والي مصر الخليفة الرابع عن رجل مسلم زنا بنصرانية، فأمره بإقامة الحد عليه، وتسليم النصرانية إلى النصارى يحكمون عليها بحكمهم (115).

وكان يقول: (يقتص للنصراني واليهودي والمجوسي بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم ببعض إذا قتلوا عمداً) (116).

وفي خلافته وجد درعه عند نصراني فحاكمه إلى شريح قاضي الكوفة فقال

ـ(551)ـ

النصراني: (ما هي إلا درعي ولم يكذب أمير المؤمنين؟)، فقال شريح للخليفة الرابع: ألك بينة  قال لا: وهو يضحك، فأخذ النصراني الدرع ومشى يسيرا ثم عاد، وقال: أشهد أن هذه أحكام الأنبياء (117).

الرعاية المالية وحق التكافل الاقتصادي:

صالح نصارى نجران رسول الله صلى الله عليه وآله على ألفي حلة وشرط عليهم ان لا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به، فلما استخلف أبو بكر عاملهم بذلك ولم يضف عليهم شيئاً خارج معاهدة رسول الله صلى الله عليه وآله، وفي عهد عمر طلبوا منه الإجلاء فأجلاهم واشترى منهم عقارهم وأموالهم، وفي عهد عثمان اسقط عنهم مائتي حلة، وسمح لهم بإرسال جباتهم إلى الشام لجباية الحلل لهم (118).

وكانوا آمنين على أموالهم فلم يتعرض لهم أحد من المسلمين بالاعتداء على أموالهم وممتلكاتهم، وكان لهم حق العمل في الزراعة والصناعة والتجارة (119).

وراعى الخلفاء في اخذ الجزية المستوى المعاشي لهم فقد كتب عمر إلى ولاته: (ان من لم يطق الجزية فخففوا عنه، ومن عجز فأعينوه ) (120).

ولم يسمح لأحد من المسلمين شراء ما في أيديهم من الأراضي كرها (121).

وكان يتقيد في الأخذ ببنود المعاهدة فلا يزيد عليها (122).

وان يأخذ من تجارهم مثلما يأخذ من تجار المسلمين (123).

وتطبيقاً منه لمفهوم التكافل الاقتصادي كان يجري للعجزة منهم راتبا من بيت المال (124).

ومنع الخليفة الرابع من تكليف أهل الذمة فوق طاقتهم في جباية الجزية ومنع

ـ(552)ـ

من اخذ ما يحتاجونه من مؤونة، وأمر بحسن الخلق عند الجباية(125).

وأمر بالأنفاق على كبار السن والعاجزين عن العمل والمرضى من بيت المال (126).

فكانوا كالمسلمين يتمتعون برعاية الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، إضافة إلى توجيهاتهم وإرشاداتهم للمسلمين برعايتهم وإشباع حاجاتهم.

وهنالك حقوق أخرى لم نجد لها نصوصا عند استقرائنا لأمهات الكتب، سنذكرها في المواضيع القادمة ولعل الفقهاء اعتمدوا على سيرة الخلفاء في إقرار تلك الحقوق، أو اعتمدوا على الأسس الثابتة في مصادر التشريع الإسلامي.

الفصل الرابع

حقوق الأمم والأديان عند أئمة المذاهب

أولا: حقوق الأمم والأديان عند أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ:

لا اختلاف بين أئمة أهل البيت ـ عليه السلام ـ وأئمة المذاهب الأخرى في المفاهيم والقيم الثابتة في المنهج الإسلامي، حيث يشتركون في الأفق الواسع ؛ أفق العقيدة والتشريع، والمصير والمصالح والمواقف الواحدة ومن نقاط الاشتراك والاتفاق هي الاعتراف بحقوق الأمم والأديان من ناحية الأحكام النظرية والتطبيقات والمواقف العملية، وهي أكثر النقاط اتفاقا بينهم.

وقد حدد الإمام علي بن الحسين زين العابدين ـ عليه السلام ـ الأسس الكلية الثابتة المتعلقة بحقوق أهل الذمة في رسالته المعروفة برسالة الحقوق حيث جاء فيها:

ـ(553)ـ

(وأما حقوق أهل الذمة: ان تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده، وكفى بما جعل الله لهم من ذمته وعهده، وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين من ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله حائل، فإنه بلغنا انه قال: (من ظلم معاهدا كنت خصمه) فاتق الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله )(127).

فقد ربط الإمام ـ عليه السلام ـ حقوقهم بمصدر الوجود وهو الله تعالى، فهو تعالى جعلهم أهل ذمة وحدد لهم حقوقا وواجبات، ولذا فإن رعايتهم هي رعاية للأوامر الإلهية وأداء للواجب الشرعي المكلف به المسلم، فالمسؤولية اتجاههم مسؤولية اتجاه أوامر الله تعالى ونواهيه، وما جاء في هذه الرسالة يحدد الهيكل العام للحقوق الشاملة لجميع جوانب الحياة، ومنها: حق الاعتقاد، وحق إبداء الرأي، وحق العبادة وإقامة الشعائر، وحق التمتع بالأمن والحماية، والمساواة أمام القانون، وحق الحفاظ على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، وحق التمتع بالعدل، وحق الكرامة وسائر الحقوق المدنية والشخصية، ومنها حق التنقل والسكن والعمل وسائر التصرفات المقيدة بمصلحة الإطار العام للإسلام.

ومن مظاهر مراعاة المشاعر والأحاسيس التي يحملها اتباع الأديان، وإشاعة الألفة والوئام بين المسلمين وبينهم، والتركيز على نقاط الاشتراك الثابتة، وتوجيه الأنظار إلى وحدة المصدر ووحدة المفاهيم والقيم، ركز أهل البيت ـ عليهم السلام ـ على الاستشهاد بما جاء في التوراة والإنجيل وسائر الكتب الإلهية، والاستشهاد بأقوال الأنبياء السابقين، فقد ورد في أحاديثهم استشهادات عديدة من هذا القبيل، ومن ذلك:

ـ(554)ـ

قول الإمام علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ: (اما بلغكم ما قال عيسى بن مريم للحواريين؟

قال لهم: الدنيا قنطرة فأعبروها ولا تعمروها...)(128).

وقول الإمام محمد بن علي الباقر ـ عليه السلام ـ: (قال موسى بن عمران...الهي فمن ينزل دار القدس عندك ؟ قال: الذين لا تنظر اعينهم إلى الدنيا،... ولا يأخذون على الحكومة الرشا، الحق في قلوبهم، والصدق على ألسنتهم...) (129).

وقول الإمام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ: (كان المسيح يقول لأصحابه... إنّما أعلمكم لتعلموا، ولا أعلمكم لتعجبوا، إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون، وبصبركم على ما تكرهون) (130).

وقد استشهد الإمام موسى بن جعفر الكاظم ـ عليه السلام ـ بذلك عدة مرات في حديث واحد: (ان المسيح قال للحواريين... مكتوب في الإنجيل.. أوحى الله تعالى إلى دواد...) (131).

وكانوا يذكرون روايات مطولة في مناجاة الله تعالى لموسى وعيسى ـ عليهم السلام ـ (132).

ولعل ما ذكروه هو إرشاد وحث لأتباع الأديان لنشر المفاهيم والقيم الدينية التي وردت في كتب الأنبياء السابقين، عن الله تعالى، أو رسله وأنبيائه، وهذا قمة الاعتراف بحق الاعتقاد وبحرية نشر المفاهيم والقيم الصحيحة غير المحرفة، والترويج لها داخل الكيان الإسلامي.

ومن أهم الحقوق بعد حق الاعتقاد هو التمتع بالأمن والحماية فهم آمنون على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، قال الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ (... فإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم وحرمت أموالهم وحلت لنا مناكحهم) (133).

ـ(555)ـ

وقال أيضاً: (ما من رجل آمن رجلا على ذمة ثم قتله إلا جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر) (134).

وأوجب الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ إقرار الأمن والحماية بمختلف الأساليب، فقال: (لو ان قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان ؟ فقالوا: لا، فظنوا انهم قالوا: نعم، فنزلوا إليهم، كانوا آمنين)(135).

ولعل تركيزه على الجهاد مع الإمام العادل، (136) ناظر إلى رعايته للأرواح والممتلكات ووفائه بالعهود والذمم.

وحرم الإمام ـ عليه السلام ـ القتال مع الغادرين وان كان العدو مشتركا فقال: (لا ينبغي للمسلمين ان يغدروا أو يأمروا بالغدر، ولا يقاتلوا مع الذين غدروا...) (137).

واستشهد أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله المتعلقة بإقرار حق الأمن والحماية لغير المسلمين، وذكروا أحاديثه الشريفة في هذا الخصوص.

واقروا حق التقاضي والتحاكم لغير المسلمين سواء كان عند قاضي المسلمين أو عند قاضيهم، فلو قضي قاضيهم بحكم فيه جور على أحد المتخاصمين وأراد الواقع عليه الجور ان يرد الحكم إلى حكم المسلمين، قال الإمام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ: (يرد إلى حكم المسلمين) (138).

وجوز الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ حكم غير المسلمين فيما بينهم فقال: (تجوز على أهل كل ذي دين بما يستحلون) (139).

فلو اراق أحد خمرا لغير المسلم أو قتل خنزيرا فانه لـه ضامن لأنه حق لـه مالية. وجوز أئمة أهل البيت شهادة أتباع كل دين بعضهم على البعض الآخر وتجوز الشهادة على غيرهم ان لم يوجد شاهد من نفس دينهم، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: (... ان لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم، انه لا يصلح

ـ(556)ـ

ذهاب حق أحد) (140).

ويحلّف اليهودي والنصراني والمجوسي بالله تعالى كما يحلّف المسلم، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: (اليهودي والنصراني والمجوسي لا تحلفوهم إلا بالله عز وجل ) (141).

ولهم حق القصاص إذا قتل بعضهم بعضا، قال الإمام ـ عليه السلام ـ: (ان أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كان يقول: يقتص للنصراني واليهودي والمجوسي بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم ببعض إذا قتلوا عمدا) (142).

وإذا أظهر أهل الذمة العداوة للمسلمين وغشوهم، لا يقتص من قاتلهم إلا ان يكون معتادا على قتلهم، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ في جوابه لسؤال حول ذلك: (لا إلا ان يكون متعودا لقتلهم)، (143) ويدفع الدية إذا لم يكن معتادا.

ويجب تطبيق قانون الديات المتعلقة بالجنايات على المسلم وغير المسلم، قال الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ: (يؤخذ من المسلم جنايته للذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم ) (144).

ومن حقوقهم المالية والاقتصادية حق العمل في مختلف الحقول التي لا يشترط فيها الإسلام كالزراعة والصناعة والتجارة، ولهم حق مشاركة المسلم في الأعمال المختلفة كما وردت في ذلك نصوص عديدة عن الإمام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ (145).

وليس عليهم إلا دفع الجزية ولا يجوز للمسلمين ان يأخذوا منهم أكثر من ذلك، سئل الإمام محمد الباقر ـ عليه السلام ـ عن أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية ؟ قال: لا (146).

وأوجب الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ التقيد ببنود المعاهدة معهم، ونهى عن مخالفتها

ـ(557)ـ

فقال: (... فإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم وأن أخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم) (147).

ومن اجل تحقيق التكافل الاجتماعي وإشباع حاجات مطلق المحتاجين والمستضعفين جوز الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ إعطاء الصدقة لليهود والنصارى والمجوس (148).

وكان ـ عليهم السلام ـ يقوم بنفسه في تطبيق ذلك (149).

وحث ـ عليه السلام ـ على عدم اخذ الجزية من المعتوه والمغلوب عليه عقله (150).

وتأخذ منهم الجزية كل حسب طاقته، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: (ذاك إلى الإمام ان يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما لـه بما يطيق...) (151).

فلم يجوز الإمام ـ عليه السلام ـ تكليفهم فوق طاقاتهم حفاظاً على مستواهم المعاشي وعدم دفعهم للحاجة والسؤال.

وأقر أئمة أهل البيت ـ عليه السلام ـ الحقوق المدنية والشخصية لغير المسلمين، فأقروا قضايا الزواج والطلاق وان كان باطلا في الشريعة الإسلامية فلو اسلما معا فنكاحهما الأول جائز، قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ: (بل يمسكها وهي امرأته) (152).

وأقر ـ عليه السلام ـ الجمع بين أكثر من أربع زوجات لغير المسلم، وأقر صحة العقد ان كان المهر خمرا أو خنزيرا (153).

ونهى ـ عليه السلام ـ عن قذف غير المسلم كافرا كان ام ذميا بل نهى عن قذف من يتزوج المحارم وكان يقول: (أو ليس ذلك في دينهم نكاحا) (154).

واقر ـ عليه السلام ـ مسائل الميراث (155).

وفي العلاقات الاجتماعية حث الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ على حسن المجالسة معهم، (156) وحث الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ على حسن الصحبة وكان يستشهد بسيرة رسول

ـ(558)ـ

الله صلى الله عليه وآله وسيرة الإمام علي ـ عليه السلام ـ في الصحبة مع غير المسلمين (157).

وجوز ـ عليه السلام ـ مكاتبة غير المسلم وطلب العون منه (158).

وجوز الإمام موسى الكاظم ـ عليه السلام ـ للمسلم ان يدعو لغير المسلم ان احتاج إليه (159).

وكان الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ يجالس النصارى هو وأصحابه (160).

وكان بقية الأئمة كذلك، فلم يقطعوا الأواصر الاجتماعية معهم، وأقروهم على جميع الحقوق التي اقرها الله تعالى لهم.

ثانيا: حقوق الأمم والأديان عند أئمة المذاهب الأربعة:

اتفق أئمة المذاهب الأربعة مع أئمة أهل البيت في إقرار حقوق الأمم والأديان، ولم يختلفوا معهم في الأسس والقواعد العامة لإقرار هذه الحقوق، فأقروا لهم حق التمتع بالأمان والحماية بعد أجراء معاهدة الأمان ودفع الجزية ولهم حرية البقاء على دينهم، ويجب على المسلمين حمايتهم والدفاع عنهم في حال تعرضهم للعدوان (161).

وهم آمنون على أنفسهم وأموالهم ويجب حمايتهم من المسلمين وغيرهم (162).

ولو دخل الحربيون منهم دار الإسلام لم يجز سبيهم عند مالك والشافعي واحمد (163).

ويجب الوفاء لهم بمعاهدة الذمة، ولا ينتقض عهد الذمة عند أبي حنيفة بالاعتداء على المسلمين بالضرب أو السرقة والغصب، ولا بقطع الطريق ولا بإيواء جاسوس ولا بالزنا، وإنّما ينتقض بالتحاقهم بدار الحرب وإعلانهم لحرب

ـ(559)ـ

 المسلمين، وينتقض عند مالك والشافعي بمنع الجزية وعدم قبول حكم الإسلام ان حكم حاكم المسلمين عليهم بحكم بعد الترافع إليه، وينتقض عند الشافعي إضافة إلى ذلك بقتالهم للمسلمين (164).

وقد أفتى الأئمة الأربعة بإعفاء بعض اصنافهم من الجزية تخفيفا لهم من الدفع وتشجيعا على اجراء معاهدة الذمة، فلا جزية عندهم على النساء والصبيان والشيوخ وأهل الصوامع ولا على العبيد والمرضى والفقراء (165).

وإذا تمت المعاهدة فانهم كالمسلمين لهم حق التحاكم إلى حاكمهم أو إلى حاكم المسلمين (166).

وإذا لم يحتكموا إلى حاكم المسلمين فليس للحاكم ان يستتبع شيئاً من أمورهم (167).

وتقبل شهادة بعضهم على البعض الآخر (168).

ويرى مالك إقامة الحد على المسلم ان قتل ذمياً أو معاهدا أو مستأمناً بحيلة (169).

ويرى الشافعي وجوب إجراء الحدود والتعزيرات على من اغتصبهم حقوقهم مسلما كان ام ذميا من ظلم أو اعتداء على أموالهم وأعراضهم وأرواحهم (170).

ولولي دم الذمي حق كما للمسلم (171).

وتقطع يد من سرقهم عند الأئمة الثلاثة باستثناء أبي حنيفة (173). وديتهم كدية المسلم في قتل العمد والخطأ عند أبي حنيفة، ونصف دية المسلم عند مالك، وثلث الدية عند الشافعي، اما عند احمد فإن ديتهم كدية المسلم في قتل العمد ونصفها في قتل الخطأ (173).

ـ(560)ـ

وتجب الكفارة في قتل الذمي باستثناء رأي مالك فإنها لا تجب عنده (174).

وأقر الأئمة حقوقهم المالية والاقتصادية، فلهم حق العمل في جميع موارده التي لم يشترط فيها الإسلام، باستثناء العمل في جباية الصدقات، باستثناء رأي احمد فإنه جوز ذلك (175).

وجوزوا للحربي وغير المعاهد حق مروره تاجرا في بلاد المسلمين (176).

وللذمي حق الشفعة على المسلم وحق المشاركة لـه في سائر الأعمال التجارية وغيرها، باستثناء احمد لم يجوز حق الشفعة (177).

ولا يجوز الاعتداء على أموالهم وان كانت خمرا أو خنزيرا (178).

ومن أجل تطبيق التكافل الاقتصادي وضمان حاجات أهل الذمة جوز أبو حنيفة دفع زكاة الفطرة والكفارات إلى الذمي (179).

وحرم الشافعي حرمانهم من صيد البر والبحر والرعي وجلب الحطب (180) ولا يجوز اخذ مال الذمي وان دخل دار الحرب (181).

وإضافة إلى هذه الفتاوى فإن أئمة المذاهب الأربعة، أوصوا في كثير من إرشاداتهم وتوجيهاتهم بالاهتمام بالفقراء والمستضعفين ـ من مختلف الديانات ـ والسعي لبذل يد العون لهم، واشباع حاجاتهم المختلفة.

واقر الأئمة لأهل الذمة ولمطلق الكفار حقوقهم المدنية والشخصية فحكموا بصحة عقودهم في الزواج، وإقرار مسائل الطلاق والايلاء ولا يكشفوا عما استحلوا من نكاح المحارم، باستثناء مالك فلم يحكم بصحة نكاح الكفار من غير أهل الذمة (182).

ولذا فيعزر المسلم ان قذف كافرا بالزنا (183).

وجعل احمد الذمية بمنزلة المسلمة في النفقة والقسم بين الزوجات (184).

ـ(561)ـ

واقروا حقوقهم في الإرث فيتوارثون فيما بينهم (185).

وتصح الوصية للكافر سواء كان حربيا أو ذميا باستثناء أبي حنيفة فمن رأيه انه تصح لأهل الذمة خاصة (186) ولهم حق العتق والمكاتبة (187).

ويرى الأئمة ما عدا أبي حنيفة انعقاد يمين الكافر(188).

ومن حق الذمي عند احمد ان يفدى ان وقع في أسر العدو إذا قاتل مع المسلمين (189).

وإذا اضر حائط المسلم بالآخرين بسبب ميله فيحق للذمي ان يطالبه بنقضه، وهو رأي أبي حنيفة(190).

ومن حقوقهم الاجتماعية جواز عيادة المسلم لهم وخصوصا ان كانوا أقاربه أو جيرانه (191).

ويجوز للمسلم تزوج نساء أهل الذمة باستثناء رأي أحمد (192).

وجوز الشافعي الصدقة على مطلق الكفار (193).

وجوز احمد للمسلم اخذ الصدقة منهم. (194).

وجوز أيضاً خروجهم مع المسلمين في المصالح العامة ومنها الاستسقاء (195).

وأوجب احمد تكريمهم بدفنهم ان ماتوا بين المسلمين (196).

ـ(562)ـ

الفصل الخامس

آراء وفتاوى الفقهاء

آراء وفتاوى الفقهاء المتقدمين:

إتّبع الفقهاء المتقدمون أئمة مذاهبهم في إقرار حقوق غير المسلمين من الذميين والمعاهدين والمستأمنين، وفي معرض استقرائنا لآرائهم وفتاواهم، نكتفي بذكر اثنين منهم، أحدهما من الشيعة والآخر من السنة لتطابق الآراء والفتاوى عند أغلبية الفقهاء.

أولا: آراء وفتاوى الشيخ المفيد (ت 413 هـ)

لأهل الذمة والمستأمنين حق الأمن والحماية من قبل المسلمين، وقد جعلت الجزية لحقن دمائهم، والمنع من استرقاقهم، ووقاية لهم من جميع ألوان الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، وهي ضريبة تؤخذ منهم على قدر استطاعتهم، فإذا دفعوها فليس على أموالهم وممتلكاتهم شيء بعدها (197).

ولهم حق الحماية القانونية، ويجوز لهم التحاكم عند قاضي المسلمين أو قاضيهم الخاص بديانتهم، وهم متساوون مع المسلمين في إجراء الأحكام القضائية، ولحاكم المسلمين الاختيار في الحكم عليهم بما يوجبه حكم الإسلام أو تسليمهم إلى حاكمهم بما يوجبه حكم دينهم (198).

وتقبل شهادتهم بعضهم على بعض، ويستحلفون بما يرون في دينهم الاستحلاف به (199).

ويعاقب المسلم ان اعتدى عليهم، ولكل عدوان عقوبة مناسبة لـه، فإذا قتل

ـ(563)ـ

المسلم واحدا منهم فلأوليائه أخذ الدية من المسلم،ويقتل إذا كان معتادا على قتلهم جريئا على ذلك (200).

وإذا قتل الذمي مسلما خطأ فديته على أوليائه (201).

وديات أعضاء أهل الذمة بحسب ديات أنفسهم (202).

ومن هجم عليهم في دارهم فلهم حق إخراجه، ومن اطلع عليهم لينظر إلى عوراتهم فلهم حق طرده وتخويفه ورميه بحجر أو غيره لإخراجه فلو مات على اثر ذلك فلا دية عليهم ولا قصاص (203).

وإذا اعتدى المسلم على أعراضهم حُدَّ أو عُزِّر، فلو زنى بامرأة منهم عاقبه حاكم المسلمين، وعاقب المرأة المختارة، وله حق تسليمها إلى أهل دينها ليقيموا عليها الحد حسب دينهم (204).

وفي الجانب الاقتصادي لهم حق العمل في جميع المجالات التي لا يشترط فيها الإسلام، كالإجارة والمزارعة والمضاربة، وتعمير الأرض وفي التجارة، سواء كان العمل مع المسلمين أو مع أبناء دينهم (205).

وحرم الاعتداء على أموالهم بسرقة وغصب وخيانة في الوديعة (206).

ومن أتلف شيئاً من أموالهم التي لها مالية عندهم كالخمر والخنزير وآلات اللهو كان عليه غرمه ودفع قيمته التي يحددها أهل دينهم (207).

واقر لهم حقوقهم المدنية والشخصية، فلا يجوز قذفهم ، ومن قذفهم فعليه التعزير مسلما كان ام من أهل دينهم (208).

ويجوز لهم وقف أموالهم على عمارة بيعة أو كنيسة أو بيت نار (209).

ويجوز للمسلم وقف ماله على أبويه وأرحامه من الكفار (210).

وتصح وصيتهم إلى مثلهم ، وتصح صدقة المسلم على أرحامه من الكفار ومن

ـ(564)ـ

أهل الذمة (211).

ويورث بعضهم بعضا وان اختلفوا في الدين ، ولا يفرق بينهم في المواريث (212).

وتصح الوكالة فيما بينهم (213).

ولهم حق شرب الخمر سرا (214).

وإذا خرج الذمي عن الذمة فأمره عائد للسلطان العادل ، وليس للسلطان الجائر ولا للرعية الحق في إجراء الحكم بحقه (215).

ثانيا: آراء وفتاوى القاضي أبي يعلي الفرّاء (ت 458 هـ)

لأهل الذمة ولأهل العهد والمستأمنين حق التمتع بالامن داخل حدود الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي ؛ فهم آمنون على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم ، ويمنع عنهم من تعرض لهم من المسلمين بسبب أو اذّى ويؤدب عليه من خالف (216).

ويجب الدفاع عن أهل الذمة خاصة بعد إقرارهم بالجزية (217) حين تعرضهم للعدوان الداخلي والخارجي.

ولأهل العهد إذا دخلوا دار الإسلام الأمان على نفوسهم وأموالهم ، ولهم ان يقيموا أهل من سنة بغير جزية (218).

والمستأمن وهو الذي يدخل دار الإسلام بأمان نفس الحق ، ويكون الأمان صحيحا ان صدر من امرأة أو عبد أو طفل تجاوز السبع سنين (219).

ولا يجوز شراء أولاد أهل الذمة من ذويهم ولا استرقاقهم (220).

وإذا نقض المعاهدون العهد لم يجز قتل من في أيدي المسلمين من رهائنهم ، ولا يجوز قتلهم وان قتلوا رهائن المسلمين (221).

ـ(565)ـ

وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان أو كان أسيرا فأطلقوه وأمنوه لم يجز لـه ان يعتدي على أنفسهم وأموالهم ، وعليه أن يؤمنهم كما امنوه (222).

وإذا اشترط المسلمون عليهم الضيافة لا يجوز تكليفهم فوق طاقتهم وحد الضيافة ثلاثة أيام (223).

وفي مجال القضاء لهم حق التقاضي والترافع إلى حاكمهم ، أو إلى حاكم المسلمين ، وان تشاجروا في دينهم لم يعارضوا فيه ولم يكشفوا عنه (224).

وهم متساوون مع المسلمين في القضاء فلا يجوز للحاكم ان يتبع هواه في الحكم (225).

وهم متساوون مع المسلمين في التعزير والتغريب ، وفي قطع يد السارق ، ورجم المحصن ، ولا يفضل القاتل على المقتول تبعا لدينه (226).

ولهم حق الاقتصاص في الأطراف ان كان المعتدي مسلما وديتهم في قتل العمد كدية المسلم ، وان اختلفت أديانهم أقيد بعضهم ببعض (227).

ولأهل الذمة حق العمل في بلاد المسلمين ، كالزراعة وإصلاح الأراضي والبيع والشراء (228).

وتبقى أرضهم ملكا لهم ان صالحوا المسلمين على ذلك ، فلهم حق بيعها ورهنها (229).

وإذا غلب المشركون المسلمين وأحرزوا أموالهم أصبحت ملكا لهم (230)

وأموال أهل الذمة ، محفوظة ، فمن هرب منهم إلى دار الحرب لم ينقض امانه في ماله (231).

ويحرم الاعتداء على أموالهم وحقوقهم ، فيحرم الاعتداء على الأجير في نقصان اجره (1) وغير ذلك من ألوان الاعتداء.

ـ(566)ـ

ولأهل الذمة حق العمل في مؤسسات الدولة الإسلامية التي لا يشترط فيها الإسلام ، فيجوز ان يكون وزير التنفيذ منهم (232).

ويجوز إعطاء الذميين وغيرهم من سهم المؤلفة قلوبهم أو من الفيء والغنيمة (233).

ولهم حق الضيافة على المسلم (234).

ولغير المسلمين حق الحفاظ على حقوقهم المدنية والشخصية ورعايتها ، فيقرّون على النكاح ، ويعزر من قذفهم وإن كانوا كفارا لأجل الأذى وتبرئة اللسان (235).

ويحرم التجسس على بيوتهم وأعراضهم وهتك أستارهم (236).

ولا يجوز للمسلم ان يبني دارا تشرف على دورهم بحيث يطلع على داخلها (237).

 

آراء وفتاوى الفقهاء المتأخرين

أولاً: آراء وفتاوى الإمام الخميني  w :

الإمام الخميني w من مفاخر الفقهاء ، ومن المتقدمين عليهم في أداء المسؤولية الشرعية ، فقد استطاع ان يقيم دولة إسلامية تتبنى الإسلام قاعدة فكرية لها في تشريعاتها وقوانينها ، وله الفضل والسبق في إقرار مبادئ الإسلام في واقع الحياة وجعلها هي الحاكمة في أفكار المجتمع وعواطفه ومواقفه العملية ، وقد حمل هموم المستضعفين والمحرومين في العالم على مختلف انتماءاتهم القومية والدينية ، واتصف بالانفتاح التام على مختلف الأمم والشعوب والأديان في فكره

ـ(567)ـ

وعواطفه ومواقفه ، لذا فمن الواجب على الجميع الاستنارة بأفكاره ومفاهيمه وقيمه ، ومنها ما يتعلق بحقوق غير المسلمين وخصوصا أهل الذمة.

فأقر حق الاعتقاد والتدين لأهل الذمة سواء كانوا عربا أو عجما ، وكذلك من كان من نسلهم (238).

والطفل تابع لأبيه فإذا بلغ فله حق الاختيار في البقاء في دار الإسلام أو اختيار غيرها ، ولو اختار دار الحرب رد إلى مأمنه ولا يجوز الاعتداء عليه (239).

وهم آمنون على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم ان التزموا بشرائط الذمة ومنها: (240).

1 ـ قبول الجزية.

2 ـ ان لا يفعلوا ما ينافي الأمان مثل العزم على حرب المسلمين ، وإمداد المشركين.

3 ـ ان لا يتظاهروا بالمنكرات عندنا كشرب الخمر والزنا وأكل لحم الخنزير.

4 ـ قبول جريان أحكام المسلمين عليهم من أداء حق أو ترك محرم أو إجراء حدود الله تعالى ، والاحوط اشتراط ذلك عليهم.

5 ـ ان لا يؤذوا المسلمين كالزنا بنسائهم والسرقة لأموالهم وإيواء عين المشركين والتجسس لهم.

والشرط الأول من مقومات عقد الجزية ، والثاني من مقتضيات الأمان ، والشروط الثلاثة الباقية تنقض العهد ان اشترطت فيه.

ولو عين في عقد الذمة الجزية على الرؤوس لا يجوز بعده اخذ شيء من أراضيهم وغيرها ، ولو وضع على الأراضي لا يجوز بعده الوضع على الرؤوس ، ولابد من العمل على طبق الشروط (241).

ـ(568)ـ

ويرتب الإمام w آثار الصحة على العقد وان كان الحاكم الذي تولى العقد جائرا (2429.

وإذا انتقل الذمي من دين إلى دين آخر فالأمر عائد إلى أهل دينه ، فإذا أقروه على دينه الجديد أقر عليه ، وإذا لم يقروه عليه فلا يقبل منه (243).

وفي حالة عدم اشتراط منع احداث المعابد ، جاز لهم احداثها ولو انهدمت جاز لهم تعميرها وتجديدها(245).

ولهم حق التقيد بمقتضى شريعتهم ، فلو ارتكبوا ما هو جائز في شرعهم وغير جائز في شرع الإسلام لم يعترضوا ان كانوا متسترين به ، ولو تجاهروا به عمل بهم ما يقتضي الجناية بموجب شرع الإسلام من الحد والتعزير (246).

ويحق لهم الترافع إلى حاكم المسلمين أو إلى حكامهم ، وإذا ترافعوا إلى حاكم المسلمين فيجب عليه العدل في الحكم سواء كان بين ذمي وذمي أو بين ذمي ومسلم (247)، فلهم حق التمتع في العدل والمساواة في الحكم.

وتترتب العقوبة على المسلم ان اعتدى عليهم طبقا للقوانين الموضوعة في أبواب القضاء ، ويرد الحق لمعتدى عليه منهم (248).

وهناك ممارسات يقتل فيها المسلم دون الكافر والذمي ، وعلى سبيل المثال العامل بالسحر يقتل ان كان مسلما ، ويؤدب ان كان كافرا ، ويثبت ذلك بالإقرار (249).

وليس بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة ، وإنّما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين (250).

واقر الإمام w لهم حقوقهم المالية والاقتصادية ، فلهم حق العمل في مختلف حقوله التي لم يشترط فيها الإسلام ، كالإجارة ، والبيع والشراء

ـ(569)ـ

والمضاربة ، والمزارعة ، الشركة وغير ذلك من الأعمال (251).

ويجب الوفاء لهم بجميع أحكام البيع والشراء والتجارة ، فلهم حق الخيار بجميع أنواعه (252).

وتثبت الشفعة للكافر على الكافر وللمسلم على الكافر ، ولا شفعة للكافر على المسلم (253).

ويجوز التبادل التجاري مع مطلق الكفار تجارا كانوا ام دولا ويراعى في ذلك مصلحة المسلمين ، ويجوز في ذلك حتى بيع السلاح لهم (254).

وجوز الإمام w إعطاء السلاح مجانا للكافر ان كان يعود نفعه إلى المسلمين (255).

ومن الأمور التي خالف فيها الإمام w آراء كثير من الفقهاء هو جواز نقل القرآن الكريم إلى الكفار وتملكهم لـه (256) من اجل هدايتهم إلى الإسلام.

وأموال أهل الذمة محترمة يجب على المسلم ضمانها ان أتلفها ، كالخمر وآلة اللهو وجميع ما يملكه الذمي في مذهبه ، فلو كانت مستورة وأتلفها المسلم يجب عليه ضمانها (257).

وجوز الإمام w إعطاء أهل الذمة من الزكاة(258).

وأوجب على المسلم الإنفاق على الكفار وأهل الذمة من أرحامه ، كأبويه وآبائهما وأمهاتهما ، وعلى الأولاد وأولادهم وان نزلوا (259).

وأقر الإمام w لغير المسلم حقوقهم المدنية والشخصية ، فعقد الزواج الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم وعلى طبق مذهبهم تترتب عليه آثار الصحة عند المسلمين ، سواء كان الزوجان كتابيين أو وثنيين أو مختلفين (260).

ولهم حق الهبة والصدقة والوقف والإرث والوصية والوكالة (261) فيصح

ـ(570)ـ

وقف الكافر والذمي على البيع والكنائس وبيوت النيران لجهة عمارتها وخدمتها وفرشها ومعلقاتها.

ولو وقف كافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته.

وتجوز صدقة المسلم المستحبة على الذمي (262).

ويعزر من اعتدى على أعراضهم باللسان (263).

ثانياً: آراء المتأخرين من أهل السنة

أوجب علماء وفقهاء ومفكروا أهل السنة إقرار حقوق اتباع الأديان ، وإقامة العلاقات السلمية بينهم ، ومن هذه الحقوق: (264).

1 ـ إنهاء الحرب وإعادة العلاقات السلمية .

2 ـ وجوب حمايتهم والمحافظة على أرواحهم وأموالهم وحرماتهم إزاء أي اعتداء عليهم من المسلمين أو من غيرهم.

3 ـ عدم التعرض لكنائسهم القائمة ، وما يتبعها من شعائرهم الدينية وخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهروها.

4 ـ لزوم عقد الذمة في حق المسلمين واستمراره ، فلا يملك إمام المسلمين أو أحد منهم نقضه لأنه عقد مؤبد ما لم يصدر من أهل الذمة شيء يستوجب نقض العهد.

ولا يجوز للمسلم ان يكره زوجته الذمية على تغيير دينها أو مضايقتها في أداء عبادتها (265).

ويجوز لهم الترافع إلى حاكم المسلمين أو إلى حاكمهم (266).

ولهم حق التوارث على اختلاف مللهم ، فيرث النصراني من يهودي ويهودي من مجوسي ، ومجوسي من وثني (267).

ـ(571)ـ

ويصح الوقف للكافر وللذمي وللمعاهد والمستأمن (268).

ويجوز إعطاء الصدقات غير الواجبة إليهم (269).

ومن أروع ما ذهب إليه عدد من الفقهاء في احترام وإقرار الحقوق ان أوجبوا على المتزوج من كتابية ان يصحبها إلى المكان الذي تؤدي فيه الشعائر والعبادات إذا طلبت منه ذلك (270).

ولهم حق دق النواقيس في جوف كنائسهم ، ولهم ان يفعلوا ما لا يثير العداء ، ولا يؤدي إلى اضطراب وفتنة (271).

ويجوز للمسلم شراء أراضي الذمي وبالعكس (272).

وتسقط عنهم الجزية لو قاموا بالدفاع أو اشتركوا فيه (273).

ومن آراء الشيخ محمد (أبو زهرة):

يمنع الحاكم الإسلامي من التعرض لغير المسلمين الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية (274).

وللزوجة الكتابة على زوجها المسلم جميع حقوق الزوجة المسلمة عليه (275).

ولا تبطل وصية غير المسلم إلا إذا كانت محرمة في شريعته وفي الشريعة الإسلامية (276).

ويصح الوقف على أبناء دينهم (277).

وتصح وكالة المسلم لغيره ، ووكالة غير المسلم لـه (278).

ويرى وجوب الإنفاق على فقرائهم وسد حاجاتهم من بيت مال المسلمين (279).

ـ(572)ـ

ثالثاً: تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران:

أقر نظام الجمهورية الإسلامية في إيران جميع حقوق الأمم والأديان القاطنة في إيران وفي خارجها ، سواء في دستوره أو في التطبيقات والممارسات العملية ، ففي أيام انتصار الإمام الخميني  على النظام البائد ، لم يفرض النظام الإسلامي على الشعب الإيراني بمختلف قومياته وأديانه ومذاهبه ، بل انه جاء نتيجة الاستفتاء العام ، فقد اختار الشعب الإيراني الإسلام نظاما لـه بأغلبية 2 / 98% ممن كان لـه حق التصويت.

والدستور الإسلامي وفي مادته الثانية يؤكد على الإيمان بكرامة مطلق الإنسان وحريته ، وتأمين القسط والعدل والاستقلال والتلاحم الوطني ، ورفض أي نوع من الظلم والتسلط.

وفي المادة الثالثة يوجب الدستور على الحكومة تحقيق جملة من الأمور ، كما ورد في البنود التالية:

7 ـ تأمين الحريات السياسية والاجتماعية في حدود القانون.

8 ـ اشتراك عامة الناس في تقرير مصيرهم السياسي ، والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

9 ـ رفع التمييز الخاطئ ، وإيجاد الفرص المتكافئة للجميع وعلى جميع الأصعدة المادية والمعنوية.

12 ـ خلق الرفاه والقضاء على الفقر.

14 ـ تأمين كافة الحقوق للأفراد ـ المرأة والرجل ـ وإيجاد الضمانات القضائية العادلة للجميع ، والمساواة في الحقوق أمام القانون.

16 ـ تنظيم سياسة الدولة الخارجية على أساس: القيم الإسلامية ، والمسؤولية

ـ(573)ـ

الأخوية تجاه كافة المسلمين ، والدعم المطلق لمستضعفي العالم.

المادة 13: الإيرانيون الزرادشت ، واليهود ، والمسيحيون هم الأقليات الدينية الوحيدة المعروفة التي تتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية ، والعمل وفق مبادئهم في الأحوال الشخصية، والتعاليم الدينية.

المادة 14: إن على حكومة جمهورية إيران الإسلامية ، وعلى المسلمين ان يعاملوا غير المسلمين بالأخلاق الحسنة ، والقسط ، والعدل الإسلامي ، وان يراعوا حقوقهم الإنسانية.

المادة 15: يسمح الاستفادة من اللغات المحلية والقومية ، في الصحافة ، ووسائل الأعلام وكذلك تدريس أدبها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية.

المادة 20: يتمتع جميع الأفراد بحماية القانون ، بصورة متساوية كما يتمتعون بكافة الحقوق الإنسانية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، مع مراعاة الموازين الإسلامية.

المادة 22: إن شخصية ، وروح ، ومال ، وحقوق ، ومسكن ، وعمل الأشخاص مصونة من التعرض. 

المادة 23: يمنع تفتيش العقائد ولا يمكن مؤاخذة أي شخص أو التعرض لـه لمجرد اعتناقه عقيدة معينة.

المادة 28: لكل شخص الحق في اختيار أي عمل يرغب فيه ولا يتعارض مع الإسلام والمصالح العامة ، وحقوق الآخرين ، والحكومة مسؤولة عن توفير فرص العمل للجميع.

المادة 29: ان حق التمتع بالضمان الاجتماعي في مجالات التقاعد ، والبطالة ، والشيخوخة ، والعجز عن العمل وفقد القيم والانقطاع في الطريق ، والحوادث

ـ(574)ـ

والطوارئ ، والخدمات الصحية والعلاجية... هو حق عام.

المادة 64: ينتخب الزرادشت واليهود كل منهما نائبا واحدا ـ في مجلس الشورى ـ وينتخب المسيحيون والآشوريون ، والكلدانيون معا نائبا واحدا ، وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال ، كل منهما نائبا واحدا ، وفي حالة ازدياد نفوس أي واحدة من الأقليات ، فإنه يتم بعد عشر سنوات إضافة نائب واحد عن كل مائة وخمسين ألف نسمة إضافية.

المادة 67:... نواب الأقليات الدينية يؤدون اليمين مع ذكر كتابهم السماوي.

المادة 154: تعتبر جمهورية إيران الإسلامية سعادة الإنسان في المجتمع البشري عامة ، هدفها الرئيسي وتعتبر الاستقلال والحرية وإقامة حكومة الحق والعدل هي من حق الناس في كافة أرجاء العالم ، من هنا فإن جمهورية إيران الإسلامية تقوم ـ في نفس الوقت الذي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى ـ بحماية الكفاح الشرعي للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم.

فالدستور يراعي حقوق الإنسان بغض النظر عن انتماءاته الدينية والعقائدية والفكرية.

أما في التطبيقات العملية فإن غير المسلمين يتمتعون بجميع حقوق الإنسان فهم أحرار في متبنياتهم العقائدية ، وهم أحرار في ممارسة شعائرهم وعباداتهم ، ولهم حق الاجتماع وحق التدارس فيما بينهم ، ويتمتعون بجميع حقوق المواطنة وهم آمنون على أنفسهم وأعراضهم وكراماتهم وأموالهم ، لهم حق العمل في جميع مرافقه بما فيها مؤسسات الدولة في المعامل والمزارع والمستشفيات والمهن الحرة ، ومنهم من أصبح من التجار الكبار في إيران ، وهم يفضلون العيش

ـ(575)ـ

في إيران على العيش في الدول غير الإسلامية ، فلولا تمتعهم بالحقوق لما فضلوا ذلك.

وهم يتمتعون بجميع حقوقهم المدنية والشخصية ، ولهم علاقات حسنة مع المسلمين ، ويكاد الإنسان لا يميز بين مسلم وغير مسلم هنا لأنهم متساوون في الحقوق والواجبات ، ولهم علاقات متينة وعميقة مع كافة أبناء المجتمع.

أما أبناء القوميات فهم يتمتعون أيضاً بكافة الحقوق ، ولهم عاداتهم وتقاليدهم القومية في الأعياد والمناسبات والمهرجانات ، وقد وصل الكثير منهم إلى وظائف متقدمة في الدولة ، فمنهم الوزراء ، والأعضاء في مجلس صيانة الدستور ، ومجلس الخبراء ، وفي الجيش وحرس الثورة وفي القضاء ، لذا نجد ان الجمهورية الإسلامية في إيران أكثر البلدان استقرارا ، وتعدد الأديان والقوميات فيها لم يؤثر على المحافظة على الأمن العام والاستقرار العام كما هو الحال في بعض الدول ذات التعددية التي لازالت الصراعات السياسية والعسكرية قائمة فيها.

ـ(576)ـ

الهوامش

1 ـ الأحزاب: 45.

2 ـ سورة الأنبياء: 107.

3 ـ سورة ص: 87.

4 ـ سورة آل عمران: 96.

5 ـ سورة البقرة: 256.

6 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن 1: 364 ، الفضل بن الحسن الطبرسي ، مكتبة المرعشي النجفي ، قم 1403هـ.

7 ـ تفسير القرآن العظيم1: 318 ، إسماعيل بن كثير الدمشقي، دار المعرفة بيروت 1406 هـ ط1.

8 ـ سورة الغاشية: 8.

9 ـ سورة النور: 54.

10 ـ سورة يونس: 99.

11 ـ سورة الإسراء: 16.

12 ـ سورة آل عمران: 20.

13 ـ سورة آل عمران: 64.

14 ـ سورة النمل: 125.

15 ـ سورة العنكبوت: 46.

16 ـ سورة آل عمران: 65.

17 ـ سورة النساء: 153.

18 ـ سورة البقرة: 135.

19 ـ سورة المائدة: 32.

20 ـ سورة الممتحنة: 8.

21 ـ سورة الأنفال:61.

22 ـ سورة البقرة: 190.

ـ(577)ـ

23 ـ سورة التوبة: 6.

24 ـ سورة النساء: 58.

25 ـ سورة الحديد: 25.

26 ـ سورة النحل: 90.

27 ـ سورة المائدة: 8.

28 ـ سورة المائدة:  42.

29 ـ سورة المائدة: 48.

30 ـ سورة المائدة 43 ـ 44.

31 ـ سورة المائدة 47.

32 ـ السيرة النبوية لابن هشام 2: 148 ـ 149 ، السيرة النبوية لابن كثير 2: 321 ـ 322.

33 ـ السيرة النبوية: 2 / 217 ، عبد الملك بن هشام ، دار احياء التراث العربي ، بدون تاريخ.

34 ـ الروض الانف 4: 353 ، عبد الرحمن السهيلي ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1412 هـ ، ط 1.

35 ـ الطبقات الكبرى 1: 266 ، محمد بن سعد الزهري ، دار صادر ، بيروت 1405 هـ.

36 ـ الكامل في التاريخ 2: 293 ، علي بن محمد الشيباني ، دار صادر بيروت 1402 هـ.

37 ـ السيرة النبوية 4: 604 ، إسماعيل بن كثير ، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1383 هـ.

38 ـ الروض الانف 4: 348 ـ 350.

39 ـ الروض الانف 4: 350.

40 ـ الروض الانف 4: 356.

41 ـ الروض الانف 4: 354.

42 ـ مسند احمد 7: 40 ، احمد بن محمد بن حنبل ، دار احياء التراث العربي ، بيروت 1414 هـ ط 2.

43 ـ سنن سعيد بن منصور 2: 204 ، دار الباز مكة ، 1405 هـ ، ط 1.

44 ـ م. ن 2: 203.

45 ـ مجمع الزوائد 5: 316 ، علي بن أبي بكر الهيثمي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، بدون تاريخ.

46 ـ الروض الانف 5: 107.

47 ـ الكافي 5: 28 ، محمد بن يعقوب الكليني ، المكتبة الإسلامية ، طهران ، 1388 هـ.

48 ـ السيرة النبوية 2: 299 ، ابن هشام.

49 ـ الطبقات الكبرى 1: 377.

ـ(578)ـ

50 ـ السنن الكبرى 9: 204 ، احمد بن الحسين البيهقي ، دار المعرفة ، بيروت 1356 هـ.

51 ـ م. ن 9: 204.

52 ـ السيرة النبوية 4: 49 ، 51 ، ابن هشام.

53 ـ م. ن 4: 132.

54 ـ السيرة النبوية 2: 487 ، 3: 583 ، 4: 31 ، ابن كثير.

55 ـ الكامل في التاريخ 2: 250 ـ 252.

56 ـ كنزل العمال 4: 365 ، حسام الدين الهندي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1395 هـ ، ط 5.

57 ـ الجامع الكبير 1: 85  ـ 86.

58 ـ من لا يحضره الفقيه 4: 124 ، محمد بن علي الصدوق ، جماعة المدرسين ، قم ، 1404 هـ ، ط 2.

59 ـ السنن الكبرى 9: 205.

60 ـ كنز العمال 3: 363.

61 ـ كنز العمال 4: 362.

62 ـ مستدرك الوسائل 11: 131 ، حسين النوري الطبرسي ، مؤسسة آل البيت ، قم 1408 هـ ، ط 1.

63 ـ السيرة النبوية 4: 29  ، ابن كثير.

64 ـ الطبقات الكبرى 1: 290.

65 ـ أعلام الورى بأعلام الهدى: 79 ، الفضل بن الحسن الطبرسي ، دار المعرفة ، بيروت ، 1399.

66 ـ السيرة النبوية 2: 207 ـ 208، ابن هشام.

67 ـ صحيح مسلم 3: 1326 ، مسلم بن الحجاج النيسابوري ، دار الفكر ، بيروت ، 1389 هـ ، ط 2.

68 ـ الروض الانف 4: 369.

69 ـ سنن ابن ماجة 2: 794 ، محمد بن يزيد القزويني (ابن ماجة) ، دار الفكر ، بيروت ، بدون تاريخ.

70 ـ الاستبصار 4: 269 ، محمد بن الحسن الطوسي ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، 1390 هـ ، ط 3.

71 ـ من لا يحضره الفقيه 4: 99.

72 ـ الروض الآنف 5: 21.

73 ـ الام 5: 55 ، الامام محمد بن إدريس الشافعي ، دار المعرفة ، بيروت 1393 هـ ، ط 2.

74 ـ صحيح مسلم 2: 696.

75 ـ سنن الدارمي 2: 427 ، عبدالله بن بهرام الدارمي ، دار الفكر ، بيروت ، بدون تاريخ.

76 ـ الأموال: 605 ، أبو عبيد القاسم بن سلام ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1406 هـ ، ط 1.

ـ(579)ـ

77 ـ مجمع الزوائد 4: 73.

78 ـ نصب الراية 3: 392 ، عبدالله بن يوسف الزيعلي ، دار احياء التراث العربي، بيروت ، 1407 هـ ، ط 3.

79 ـ أعلام الورى بأعلام الهدى: 119.

80 ـ نصب الراية 4: 319.

81 ـ المهذب في فقه الإمام الشافعي 2: 292 ، إبراهيم بن علي الفيروز آبادي ، دار الفكر، بيروت ، بدون تاريخ.

82 ـ مجمع الفوائد 3: 102 ، محمد بن محمد المغربي ، مؤسسة علوم القرآن ، بيروت ، 1408 ، هـ ، ط2.

83 ـ جامع السعادات 2: 276 ، محمد مهدي النراقي ، مؤسسة الاعلمي ، بيروت ط 4 ، بدون تاريخ.

84 ـ م.ن: 276.

85 ـ صحيح مسلم 4: 1706.

86 ـ م.ن 2: 661.

87 ـ من لا يحضره الفقيه 3: 219.

88 ـ تفسير القرآن العظيم 1: 318.

89 ـ تهذيب تاريخ دمشق 1: 179.

90 ـ الخصال: 365 ـ 382 ـ 456.

91 ـ روح الإسلام: 295 ، أمير علي ، دار العلم ، بيروت ، 1397 هـ.

92 ـ مستدرك الوسائل 11: 133.

93 ـ تهذيب تاريخ دمشق 1: 134 ، نصب الراية 3: 407.

94 ـ الكامل في التاريخ 2: 386.

95 ـ سنن سعيد بن منصور 2: 239.

96 ـ فتوح البلدان: 144 ، احمد بن يحيى البلاذري ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1398 هـ.

97 ـ الكامل في التاريخ 3: 16 إلى 26.

98 ـ م. ن 3: 35 ـ 36.

99 ـ م. ن 3: 36 ، 37.

100 ـ تاريخ اليعقوبي 2: 164.

101 ـ سنن سعيد بن منصور 2: 232 ، البدء والتاريخ 5: 185.

ـ(580)ـ

102 ـ م. ن 2: 299.

103 ـ م. ن 2: 233.

104 ـ الخراج: 298 ، 299 ، القاضي أبو يوسف ، دارالمعرفة ، بيروت 1399 هـ.

105 ـ الخراج: 125.

106 ـ نهج البلاغة: 442 ، كتاب رقم 53 ، تحقيق صبحي الصالح.

107 ـ م. ن: 427 ، كتاب رقم 53.

108 ـ م.ن: 70 ، خطبة 27.

109 ـ المغني 10: 489 ، عبدالله بن قدامة ، دار الفكر ، بيروت ، 1397 هـ.

110 ـ كنز العمال 4: 490.

111 ـ المهذب في فقه الإمام الشافعي 2: 251.

112 ـ الموطأ 2: 719 ، الامام مالك بن أنس ، بيروت ، ت: محمد فؤاد عبد الباقي ، بدون تاريخ.

113 ـ وسائل الشيعة 28: 152 ، محمد بن الحسن العاملي ، مؤسسة آل البيت ، 1412 هـ ، ط 1.

114 ـ الكافي 7: 309.

115 ـ الكامل في التاريخ 3: 401.

116 ـ م.ن 2: 293 ـ 294.

117 ـ تهذيب تاريخ دمشق 1: 83.

118 ـ م.ن 1: 180.

119 ـ م.ن 1: 83.

120 ـ الأموال: 158.

121 ـ م.ن: 530.

122 ـ م.ن: 46 ـ 50 ـ 51.

123 ـ السنن الكبرى 9: 205.

124 ـ وسائل الشيعة 15 ـ 66.

125 ـ شرح رسالة الحقوق 2: 571 ، حسن علي القبانچي ، مؤسسة اسماعيليان ، قم 1406 هـ.

126 ـ الآمالي: 43 ، المفيد ، جامعة المدرسين ، قم 1415 هـ.

127 ـ م.ن: 86.

128 ـ م.ن: 208.

ـ(581)ـ

129 ـ تحف العقول: 292 إلى 297.

130 ـ تحف العقول: 369 إلى 378.

131 ـ تحف العقول: 210.

132 ـ الكافي 5: 31.

133 ـ وسائل الشيعة 15 ـ 68.

134 ـ الكافي 5: 20.

135 ـ الكافي 2: 237.

136 ـ وسائل الشيعة 27: 297.

137 ـ م.ن 26: 319

138 ـ من لا يحضره الفقيه 3: 47.

139 ـ الكافي 7: 451.

140 ـ الكافي 7: 309.

141 ـ من لا يحضره الفقيه 4: 124.

142 ـ الاستبصار 4: 271.

143 ـ الكافي 5: 27 ، 282 ، 286 ، 2: 65.

144 ـ م. ن 5: 568.

145 ـ م. ن 5: 567.

146 ـ م. ن 4: 14.

147 ـ م. ن 4: 57.

148 ـ وسائل الشيعة 15: 65.

149 ـ الكافي 5: 566.

150 ـ م. ن 5 : 435.

151 ـ م. ن 5 :436.

152 ـ م. ن 7: 240.

153 ـ م. ن 4 :193.

154 ـ الامالي: 185.

155 ـ الكافي 2: 670.

ـ(582)ـ

156 ـ م. ن 2 :651.

157 ـ م. ن 2 :65.

158 ـ م. ن 2: 656.

  159 ـ الموطأ 1: 280.

160 ـ الام 4: 186 ـ 207.

161 ـ الميزان 2: 181 ، عبد الوهاب اشعراني ، مطبعة حجازي ، القاهرة ، 1354 هـ ، ط 1.

162 ـ رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 2: 183 ، محمد بن عبدالرحمن الدمشقي ، مطبعة حجازي ، القاهرة ، 1354 هـ.

163 ـ الميزان 2: 188 ، رحمة الأمة 2: 190.

164 ـ الميزان 2: 158.

165 ـ أحكام أهل الملل: 122 ، أبو بكر احمد بن محمد الخلال ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1994 م، ط 1.

166 ـ رحمة الأمة 2 : 213 . اللباب 4 : 63.

167 ـ الميزان 2: 146.

168 ـ الام 4: 208.

169 ـ الميزان 2: 151.

170 ـ م. ن 2 :171.

171 ـ م. ن 2 :150.

172 ـ م. ن 2 :154.

173 ـ م. ن 2 :15

174 ـ م. ن 2: 190.

175 ـ الميزان 2: 99 ، الام 4: 213.

176 ـ الميزان 2: 97 ، اللباب 2: 195.

177 ـ الميزان 2: 132.

178 ـ الام 4: 207.

179 ـ الام 4: 183.

180 ـ الميزان 2: 120 ، 131 ، 133 ، الام 5: 50 ، 4: 213.

ـ(583)ـ

181 ـ اللباب 3: 198 ، أحكام أهل الملل: 261 ، الميزان 2: 164.

182 ـ مسائل الامام احمد: 160 ، أبو داود السجستاني ، دار المعرفة ، بيروت ، 1353 هـ.

183 ـ رحمة الأمة 2: 204.

184 ـ الميزان 2: 113.

185 ـ الام 4: 211.

186 ـ الميزان 2: 36.

187 ـ أحكام أهل الملل: 236.

188 ـ اللباب 3: 118.

189 ـ أحكام أهل الملل: 212.

190 ـ الميزان 2: 118.

191 ـ الام 2: 61.

192 ـ أحكام أهل الملل: 61.

193 ـ م.ن: 49.

194 ـ م.ن: 217.

195 ـ المقنعة: 269 ، 273 ،274، محمد بن محمد بن النعمان (الشيخ المفيد) ، مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ، 1410 هـ.

196 ـ المقنعة: 723 ، 786 ، 779.

197ـ م. ن:726 ، 731.

198 ـ م. ن: 739.

199 ـ م. ن: 753.

200 ـ م. ن: 765.

201 ـ م. ن: 742.

202 ـ م. ن: 779.

203 ـ م. ن: 238 ، 623 ، 637 ، 640.

204 ـ م. ن: 626.

205 ـ م. ن: 279 ، 770.

206 ـ م. ن: 792.

ـ(584)ـ

207 ـ م. ن: 654.

208 ـ م. ن: 653.

209 ـ م. ن:688 ، 671.

210 ـ م. ن:701.

211 ـ م. ن: 817.

212 ـ م. ن: 800.

213 ـ م. ن: 740.

214 ـ الأحكام السلطانية: 48 ، 161 ، 304 ، محمد بن الحسين الفراء ، مكتب الاعلام الإسلامي طهران ، 1406 هـ ، ط 2.

215 ـ الأحكام السلطانية: 161.

216 ـ م. ن:161.

217 ـ م. ن: 49 ، 161.

218 ـ م. ن:145.

219 ـ م. ن: 48 ـ 49.

220 ـ م. ن: 152.

221 ـ م. ن: 156.

222 ـ م. ن: 160 ـ 161.

223 ـ م. ن: 66.

224 ـ م. ن: 263 ، 264 ، 268 ، 272.

225 ـ م. ن: 276 ، 274 ، 273.

226 ـ م. ن: 148 ، 164.

227 ـ م. ن: 149.

228 ـ م. ن: 145.

229 ـ م. ن:162.

230 ـ م. ن: 302.

231 ـ م. ن: 32.

232 ـ م. ن: 132.

ـ(585)ـ

233 ـ م. ن: 158.

234 ـ م. ن: 144 ، 270.

235 ـ م. ن: 295.

236 ـ م. ن: 304.

237 ـ تحرير الوسيلة 2: 498 الامام الخميني w مطبعة اسماعيليان ، قم ، 1410هـ ، ط 4.

238 ـ تحرير الوسيلة 2: 499.

239 ـ م. ن: 2 :501 ، 502.

240 ـ م. ن 2: 499.

241 ـ م. ن 2: 501.

242 ـ م. ن 2: 506.

243 ـ م. ن 2: 504.

244 ـ م. ن 2: 506.

245 ـ م. ن 2: 409.

246 ـ م. ن 2: 464 ، 519 ، 559 ، 597.

247 ـ م. ن 2: 477.

248 ـ م. ن 2: 600.

249 ـ تحرير الوسيلة 1: 507 ، 508 ، 571 ، 587 ، 608 ، 623 ، 635.

250 ـ م. ن 1: 552 ، وما بعدها.

251 ـ م. ن 1: 557.

252 ـ م. ن 1: 486 ، 487 ، 496.

253 ـ المكاسب المحرمة 1: 227 ، الإمام الخميني w ، مطبعة اعتماد ، قم ، 1373 هـ ، ش.

254 ـ البيع 2: 545 ، الإمام الخميني ، مطبعة اسماعيليان ، 1410 هـ ، ط 4.

255 ـ تحرير الوسيلة 2: 604.

256 ـ تحرير الوسيلة 1: 336.

257 ـ م. ن 2: 319.

258 ـ م. ن 2: 285.

259 ـ م. ن 2: 56 ، 91 ، 71 ، 364 ، 507 ، 40.

ـ(586)ـ

260 ـ م. ن 2: 91.

261 ـ م. ن 2: 474.

262 ـ الفقه المهجي 8: 143 ، د. مصطفى الخن ، د. مصطفى البغا ، د. علي الشريجي ، دار القلم ، دمشق 1409 هـ.

263 ـ م. ن 4: 33.

264 ـ م. ن 5: 24.

265 ـ م. ن 5: 79.

266 ـ م. ن 5: 15 ، 20.

267 ـ م. ن 2: 64.

268 ـ الجهاد في التصور الإسلامي: 11 ، إبراهيم النعمة.

269 ـ دعائم الحكم في الشريعة الإسلامية: 176 ، د. إسماعيل البدوي ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1980 م ، عن: السياسة الشرعية ، لعبد الوهاب خلاف.

270 ـ النظام المالي في الإسلام: 148 ، 149 ، د. عبد الخالق النواوي ، المكتبة العصرية ، بيروت ، 1973 م ، ط 2.

271 ـ م. ن: 152.

272 ـ الأحوال الشخصية: 259 ، محمد أبو زهرة ، دار الفكر العربي ، القاهرة 1377 هـ ، ط 2.

273 ـ محاضرات في عقد الزواج وآثاره: 151 ، محمد أبو زهرة ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1391 هـ.

274 ـ قانون الوصية: 49 ، محمد أبو زهرة ، دار الفكر العربي 1409 هـ.

275 ـ محاضرات في الوقف: 412 ، محمد أبو زهرة ، دار الفكر العربي ، 1391 هـ.

276 ـ الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية: 345 ، محمد أبو زهرة ، دار الفكر العربي ، 1396 هـ.

277 ـ محاضرات في الوقف: 412.