حبّ أهل البيت (عليهم السلام)
حبّ أهل البيت (عليهم السلام)
الدكتور أبو عبد الله غلام الله
معالي وزير الشؤون الدينية والأوقاف - الجزائر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله الأطهار وصحابته الأخيار وعلى من اتبعهم باحسان الى يوم الدين.
ـ حضرة الشيخ الهاشمي الرفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام.
ـ حضرة الدكتور علي أكبر ولايتي، الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت.
ـ سماحة الفاضل آية الله الأستاذ محمّد واعظ زادة الخراساني الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.
أيها السادة الفضلاء والعلماء الأجلاء، ايتها السيدات الفضليات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
وإنّها لساعة مباركة من هذا الشهر المنور الذي في مثله منذ أربعة عشر قرناً ونيف أضاءت الدنيا واستنارت بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم. تلتقي فيها ثلة من علماء الإسلام للتذكر والتدبر في شؤون أمة الإسلام وتلتقي في هذا البلد الطيب المجاهد نصرة للإسلام.
ولعل خير ما يمكن أن نتوسل به الى انبثاق ذلك النور الذي يقذفه الله في قلوب المؤمنين الصادقين هو أن نمعن النظر في الأدوات التي نستخدمها ونتناول بها أوضاع المسلمين ومشاكلهم. فإننا ما دمنا نتوقع بدون نقد ولا تمحيص أن ما توصل به غيرنا من الطرق يجب لا محالة أن ينقذنا، قد لا نكون أحسنّا الاختيار.
فلا بد من فحص أدواتنا، وأن ننظر مدى العلاقة الموضوعية بين أدوات التفكير وموضوعه. ولا أصلح لتغيير حالنا من هذه الأوضاع التي لم يعد بيننا من يرتضيها الاّ أوضاعاً نكون فيها أكثر قرباً من بعضنا وأكثر تعاوناً وأقل تنابزاً وصراعاً وإهداراً للطاقات . قلت لا أصلح لذلك من المنهج القرآني الذي ينبغي أن نعود إليه وأن نتدبره.
فالعودة الى المنهج القرآني بوعي وتدبر ستكون بلا شك عودة الى الله الذي يفرح بتوبة عبده أشد مما يفرح أحدنا بالعثور على مائه وزاده بعد أن شردت بهما راحلته وهو وحيد في الصحراء.
أمّا الحديث عن أهل البيت فإنّ الله قد أكرمهم في القرآن حيث قال تعالى: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً).
وقال: (قل لا أسألكم عليه أجراً الاّ المودّة في القربى).
ومهما يختلف المفسرون بالمقصود بـ(القربى) فإن ذوي القربى في آيات كثيرة أخرى من القرآن الكريم مقدمون على غيرهم. هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإذا كان معنى الآية كما روي عن عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما هو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش. فإنّ ذلك ينتج أنّ مراعاة القرابة مطلوبة شرعاً وأخلاقاً سواء كانت قرابته من قريش أو قرابته من أهله ونسله. ما دامت قرابة النسب مطلوب مراعاتها وتقديمها أو تمييزها بمزيد من المودة والمحبة والتبجيل. وقد كان لذرية الإمام عليّ من فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدير متميز في بلاد المغرب وذلك منذ هجرة إدريس الأكبر.
وكان لذرية ولده إدريس الأصغر مكانة لدى البربر الذين آووهم وسهروا على تنشئتهم وأعطوهم القيادة الدينية والعلمية، وكان البربر وما يزالون يخصونهم بالطاعة إذ الغالبية العظمى من مشائخ التصوف وفقهاء الزوايا العلمية من هؤلاء الأشراف وحتّى لا أُطيل أكتفي بذكر أعظم من مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتهر بذلك الى درجة أن فحول الشعراء مثل أحمد شوفي وغيره لم يدعوا مباراته في مدح النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وانما تباروا في تشطير بعض قصائده. ألا وهو الإمام البوصيري الذي ينتسب الى جبال الجرجرة في الجزائر. وكان أبواه قد هاجرا الى مصر حيث ولد ونشأ.
وفيما كنت في شهر المولد من سنة 1418 أشرح قصيدة الهمزية وتعرضت للمعجزات التي ذكرها الإمام البوصيري تبين لي بأن من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالإضافة الى القرآن الكريم، نبوءته بزوال حكم كسرى أنوشيروان ملك الفرس. وذلك عندما عاد مبعوثه عليه الصلاة والسلام الى كسرى وأخبره بما فعل كسرى برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخبر عليه الصلاة والسلام بأنّ كسرى سيكون آخر ملوك الفرس، وقال كلمته المشهورة: «أذا هلك كسرى فلا كسرى بعده».
غير أن الشاه محمّد رضا بهلوي، الذي تربّى في أحضان الثقافة الغربية وأبطرته النعمة حتى اشتد طغيانه وظن نفسه أن ملكه امتداد لملك الساسانيين، فأقام احتفالات ماجنة في سنة 1976 نظمها في زعمه بمناسبة مرور 2500 سنة على ملك أجداده، وكأنّه بذلك يعارض نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت الثورة الإسلامية المظفرة التي فجرها الشعب الإيراني المسلم بقيادة الامام الخميني رحمه الله ورضي عنه، مكذبة لادّعاء محمّد رضا بهلوي الباطل ومصدقة لنبوءة محمّد صلى الله عليه وسلم.
وبهذه المناسبة أُحيّي المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية والقائمين على هذا التجمع العظيم. وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفّق العاملين على وحدة الأُمّة الإسلامية الى ما فيه خير هذه الأُمّة التي جعلها الله جلّت قدرته خير أُمّة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.