السلام والمجتمع الاسلامي مقاربة سوسيوانثروبولوجية
السلام والمجتمع الاسلامي
مقاربة سوسيوانثروبولوجية
شاذی العبوسی - العراق
مفهوم السلام
يُعد السلام فى مقدمة القيم الإنسانية الرفيعة، وهناك العديد من الأقوال المتواترة فى هذا الخصوص، والتى شاعت فى أعمال الفلاسفة، والباحثين، والشعراء والأدباء، تمجد جميعها فى السلام، وتجعل منه قيمة أساسية ومحورية فى الحياة.
التعريف : السلام هو "غياب الخلاف، العنف، الحرب" ، ويرى الباحثون فى مجال العلاقات الدولية أن السلام يعنى غياب الحرب، ووجود الحرب لا يعنى وجود السلام. وفى المجتمعات الإنسانية يعنى السلام غياب كل ما له علاقة بالعنف، مثل الجرائم الكبرى المنظمة كالإرهاب، أو النزاعات العرقية أو الدينية أو الطائفية أو المناطقية (أى تلك التى تنشب بين مناطق جغرافية فى مواجهة مناطق أخرى داخل إقليم الدولة ذاته). وعادة ما تعود أسباب النزاعات المناطقية إلى اعتبارات اقتصادية (مثل الصراع على الثروات الطبيعية كما هو الأمر فى العديد من بلدان أفريقيا)، أو سياسية (مثل احتكار مناطق جغرافية معينة للسلطة السياسية مثلما هو النزاع الجارى حاليًّا فى دارفور) أو عرقية (مثل النزاعات بين الأعراق المختلفة التى تقطن مناطق جغرافية فى مواجهة بعضها البعض .
والسلام هو "الاتفاق، الانسجام، الهدوء...". وفق هذا التعريف فإن السلام - عكس التعريف السابق - لا يعنى غياب العنف بجميع أشكاله، ولكنه يعنى صفات إيجابية مرغوبة فى ذاتها مثل الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق، الرغبة فى تحقيق الانسجام فى العلاقات بين البشر، سيادة حالة من الهدوء فى العلاقات بين الجماعات المختلفة.. وهكذا، السلام – إذن - هو حالة إيجابية فى ذاتها (الاستقرار والهدوء مثلاً)، أكثر من كونه غيابًا لحالة سلبية مرفوضة (العنف، الحرب، القتل مثلاً).
يفتح هذا التعريف المجال أمام التفكير فى مستويات مختلفة للتعامل مع مفهوم "السلام". هناك سلام بين دول، وهناك سلام بين جماعات بشرية، وهناك سلام فى داخل الأسرة، وهناك سلام بين المرء وذاته.
ولعل اقرب مفاهيم السلام التي وردت في الاسلام هو السلام الاجتماعى فهو الهدوء، والاستقرار، والصحة، والنماء، والحب بين أفراد المجتمع الواحد، ويمكن أن نقترب أكثر من مفهوم السلام الاجتماعى Social Peace فنقول إن المجتمع - أى مجتمع - يتكون من مجموعة من البشر، مختلفون بالضرورة عن بعضهم البعض، سواء فى انتمائهم الدينى، أو المذهبى، أو موقعهم الاجتماعى، أو الوظيفى، ولكن يجمعهم جميعًا ما يمكن أن نطلق عليه "عقد اجتماعى"، أى التزام غير مكتوب بينهم، يتناول حقوق وواجبات كل طرف فى المجتمع. الخروج على هذا العقد يمثل انتهاكًا لحقوق طرف، وإخلالاً بالتزامات طرف آخر مما يستوجب التدخل الحاسم لتصحيح الموقف.
من هذا المنطق فإن العقد الاجتماعى هو: - تعبير عن حالة توازن بين الأطراف المجتمعية المختلفة فى المصالح، والقوة، والإمكانات، والإرادات - يحافظ على هذا التوازن "قوة"، ليست هى بالضرورة "قوة العضلات" أى العنف، ولكن هى - فى الأساس - قوة القانون، والشرعية.
ويساعد على تسوية النزاعات أو الخلافات باعتباره المرجعية التى تعود إليها الأطراف المختلفة لحل مشكلاتهم. يساعد ذلك على حدوث ما نطلق عليه "التوقع". كل طرف يتوقع من الطرف الآخر سلوكًا معينًا، بناء على ما يقع على عاتقه من التزامات وواجبات، فإذا لم يأت بهذا السلوك يعتبر ذلك خروجًا على العقد الاجتماعى السائد. فمثلاً إذا كانت هناك التزامات تقع على عاتق صاحب العمل تجاه العاملين فإنه فى المقابل هناك حقوق لصاحب العمل تجاه العاملين. الإخلال بأى منهما يؤدى إلى الخروج عن العقد الاجتماعى، مما يستوجب التصحيح ، وهذا ما دعى اليه الاسلام في جوانبه المعاملاتية التي نظمها ويمكن تصنيفها على النحو الاتي :
اولا : السلام بين البشر
· المساواة بين الجنس البشري
· المساواة بين الرجل والمرأة في الشرع الإسلامي
· التحية في الإسلام
· صلة الأرحام
· حسن الصحبة والمعاشرة
· علاقة الإنسان مع الله تعالى
ثانيا : السلام مع الله ويتمثل بـ :
· الإيمان بالله والفطرة التي فطر الناس عليها .
· الإيمان بالآخرة وأثره في إيجاد السلم والسلام .
· الايمان بالأنبياء(عليهم السلام) والعلاقات الروحية بين الإنسان وخالقه>
· الأمن والسلام في الآخرة .
ويصعب فهم السلام في الاسلام دون معرفة اصل المفردة لغويا ، فالسلام في اللغة العربية : اسم مصدر من سلَّم يسلِّم تسليما ، كالكلام والطلاق ، وهو بمعنى النجاة والتخلص مما لا يُرغب فيه ، يقال: (سلم من الأمر) إذا نجا منه ، وهذه المادة (السين واللام والميم) تفيد معنى التخلص من الآفات والنجاة منها ، فهو بمعنى السلامة ، وكذا ما اشتق من هذه المادة فهو يدل على هذا المعنى ، ومن ذلك السُّلَّم: وهو ما يتوصل به إلى الأماكن العالية؛ لأن الصاعد عليه أو النازل يرجى له السلامة وبه ، ومن ذلك أيضًا: السِّلام: وهو الحجارة الصلبة؛ سميت بذلك لسلامتها من الرخاوة فتكون بذلك أبعد شيء في الأرض من الفناء والذَّهاب ، لشدتها وصلابتها.
اما في الشريعة الاسلامية فيُطلق لفظ (السلام) في النصوص الشرعية ويراد به عدة أمور ، ترجع كلها- عند التأمل- إلى معنى مادة الكلمة ، وهو البراءة من العيوب ، ومن هذه الإطلاقات:
الإطلاق الأول: يطلق ويراد به اسم الله تعالى ، قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ. سمي بذلك سبحانه لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء.
الإطلاق الثاني: يطلق ويراد به السلامة من الآفات ، وهو المعنى الأصل ، ومنه قول الله عز وجل: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا . أي: قولاً يسلمون فيه من مقابلة الجاهل بجهله.
الإطلاق الثالث: يطلق ويراد به التحية ، وهو قولنا: (السلام عليكم) ومنه قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ، و(السلام) الوارد في التحية إما أن يكون المراد به: اسم الله تعالى ، فيكون المعنى: اسم الله عليكم ، وجاء اسم السلام في التحية دون بقية أسمائه سبحانه لتضمنه معنى السلامة ، أو يكون المراد به: السلامة نفسها ، فيكون المعنى: السلامة عليكم ، فكأن المسَلِّم يقول للمخاطب: لك منى السلامة ، فلا تخشى شيئًا ، فيرد عليه الآخرُ بالمثل.
الإطلاق الرابع: يطلق ويراد به الصلح والمهادنة ، وضده الحرب ، ولهذا وردا متقابلين في نصوص كثيرة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعلنا هداة مهتدين ، غير ضالين ولا مضلين ، حربًا لأعدائك ، وسِلْمًا لأوليائك . وسمى سلامًا لأنه يحصل به سلامةٌ من القتال وتبعاته.
وقد ورد (السلام) بهذا الإطلاق بألفاظ أخرى مرادفة له ، ومشتقة من نفس مادته ، منها: السَّلْم – بفتح السين وسكون اللام- ، والسِّلْم- بكسر السين وسكون اللام- ، قال ابن منظور: السَّلْم والسِّلْم: الصلح ، يفتح ويكسر ويذكر ويؤنث، فمن الأول قوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ، ومن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: حربًا .
ومنها: السَّلَم – بفتح السين واللام- ، ومنه قول الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ . أي: المهادنة والصلح .
وبهذا يتبين لنا أن السلام من الألفاظ المشتركة ، والذى يحدد معناه إذا ورد هو السياق ، والسلام الذى نحن بصدد بحثه هو الذي بمعنى الإطلاق الرابع ، وهو المراد عند إطلاقه في العصر الحاضر ، لاسيما في وسائل الإعلام .
و السلام في اللغة بمعنى النجاة ، والتخلص مما لا يُرغب فيه ، وما اشتق من مادته يرجع إلى هذا المعنى ، وأنه أطلق في الشرع على أربعة أمور ، على اسم الله تعالى ، وعلى السلامة من الآفات ، وعلى التحية ، وعلى الصلح ، فهو من الألفاظ المشتركة التي يحدد معناها السياق ، والإطلاق الأخير هو المراد هنا ، وهو المراد عند إطلاقه في العصر الحاضر.
والإسلام سعى إلى السلام مع الحربيين من الكفار أيضًا ، بدليل الأحكام التي شرعها في حقهم ، كالنهي عن الغدر بهم ، والتمثيل بهم ، وقتل من ليس أهلاً للقتال ، والأمر بإكرام رسلهم ، والرفق بأسراهم ، ودفن قتلاهم ، وعدم التفريق بين الأم وولدها إذا وقعوا في الأسر .
السلام في القران الكريم
وورد لفظُ: (السلام) وما اشتُقَّ منه في كتاب الله -عز وجل- في أربع وأربعين آية، منها خمس مدنية، والباقيات مكية، في حين لم يرد لفظ الحرب إلا في ستِّ آياتٍ، كلُّها مدنية.
وهنا لفتة جميلة لا بد من التنبُّه إليها،وهي أنَّ القرآنَ الكريم يدعو إلى السلامِ في الدرجة الأولى، ويحث عليه، ويرغب فيه، ويرفض الحرب والتنازع والفرقة.
ومن الآيات الكريمة الدالة على هذا المفهوم:
· قوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) [الأنفال:61].
أي: إن مالوا إلى المسالمة والمصالحة والمهادنة؛ فَمِلْ إلى ذلك، واقْبَلْهُ منهم، كما وقع في صلح الحديبية لما طلبَ المشركون الصلحَ ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك مع ما اشترطوا عليه من الشروط؛ رغبة في السلم والمسالمة.
· قوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَن أَلْقَى إِلَيكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) [النساء:94]، فقد فُسِّر معنى (السلام) فيها بـ(السَّلَم)؛ أي: بالمسالمة التي هي ضد الحرب.
ويدل على ذلك قوله: (أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ)، ولم يقل)عَلَيكُم)، فدل على أن المقصود به: ترك القتال؛ كما في الآية الأخرى: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُم وَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقُوا إِلَيكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُم عَلَيْهِمْ سَبِيلًا) [النساء:90]، وقوله: (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُم وَيُلْقُوا إِلَيكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُم فَخُذُوهُم) [النساء:91
السلام في السنة النبوية:
الأحاديث والسيرة النبوية شاهدة على أنَّ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ هي: (السلام)، فلم يكن نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الحرب، ولا إلى المخاصمة، والتنازع، ولا إلى التشاجر، بل يدعو إلى السلام، ويهدي الناس إليه ويدلهم عليه.
فمن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يَظْلِمُه، ولا يُسْلِمُه»، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تَحاسدوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أَخو المسلمِ، لا يَظلِمُه، وَلا يَخْذِلُه، ولا يَحْقِرُه، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسبِ امرئ مِنَ الشرِّ أَن يَحقِرَ أَخاهُ المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ: دَمُه، وَمالُه، وعِرْضُه.
وهذا كلُّه يدل على السلام والمسالمة، والمصالحة بين الناس.
وفي حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «من أَصبحَ آمنًا في سِرْبِه، معافًى في جَسدِه، عنده قوتُ يومِه؛ فكأنما حيزت له الدُّنيا» دلالة واضحة على الإنسان لا يكون سعيدًا في هذه الدنيا إلى بالسلام
مفهوم المجتمع:
ظهر حديثاً لفظ المجتمع كمصطلح يدل على الانتماء إلى فكر معين , أو إقليم معين , أو جنس معين , و لم يكن هذا المصطلح معروفاً من قبل للدلالة على ما سبق , لذا لم نجد في قواميس اللغة قديماً هذا اللفظ , كما لم نر في مصادر التراث تعريفاً جامعاً مانعاً لهذا المصطلح .
و قد اختلف علماء الاجتماع في العصر الحديث في تحديد مفهوم المجتمع بالمعنى العام و الخاص , و النماذج التي يصح إطلاق اسم المجتمع عليها , إلا أنهم وضعوا تعريفات عديدة نذكر منها :
· المجتمع هو ذلك الإطار العام الذي يحدد العلاقات التي تنشأ بين الأفراد الذين يعيشون داخل نطاقه , في هيئة وحدات , أو جماعات .
· مجموعة من الأفراد التي تقطن على بقعة جغرافية معينة , محددة من الناحية السياسية , و معترف بها , و لها مجموعة من العادات و التقاليد , و المقاييس و القيم , و الأحكام الاجتماعية , و الأهداف المشتركة المتبادلة التي أساسها الدين , و اللغة , و التاريخ , و العنصر .
· جميع العلاقات بين الأفراد التي في حالة تفاعل مع منظمات و جمعيات لها أحكام و أسس معينة .
و قد اشترط بعض علماء الاجتماع أن تتوفر شروطاً في المجتمع الإنساني حتى يطلق عليه مجتمعاً , و الشروط هي :
· أفراداً يعيشون معاً فترة طويلة .
· أرض بمساحة يقيمون عليها .
· نظم تحدد علاقاتهم الاجتماعية .
· شعور جماعي بوحدتهم الاجتماعية .
وهناك تعاريف أخرى للمجتمع تركز على التباين:[1]
كثير من اﻟﻤﺠتمعات جغرافية فقط وتتخللها صراعات خطيرة ذات اتجاهات طبقية أو دينية أو عنصرية أو غير ذلك.
وينبغي ألا يشير مصطلح اﻟﻤﺠتمع إلى تجمع مترابط ومتجانس من الناس، ولكن إلى ترتيب طبقي لجماعات ومصالح وموارد. أو حتى نزاع في أي مجتمع بعينه، وقد يحدث ان بعضها يملك نفوذاً أكبر مما يملكه الآخرون. ومن المرجح أن توجد منافسة لها شأنها شأن بعض التغيرات في البنية الداخلية للمجتمع “.
وتتضمن التعاريف الأكثر حداثة للمجتمع المقوم الاجتماعي له فبحسب أودونيز1985 ان اﻟﻤﺠتمع حيز اجتماعي يندمج فيه تلبية احتياجات اﻟﻤﺠموعة مع قوتها الداخلية، من أجل اتخاذ القرارات اللازمة لحل مشكلاتها .
في ضوء ماسبق : إذا أمعنا النظر على التعريفات التي ذكرها علماء الاجتماع للمجتمع لم نجد أياً منها صالحاً للدلالة على المجتمع المسلم , لأن المجتمع المسلم لم يظهر بسبب حوادث معينة , أو ظروف تاريخية , كالمجتمعات الغربية و الشرقية اليوم , الذي يكون الفرد فيها مجرد آلة في مجتمع آلي , خال من الإيمان و القيم و الفضائل الربانية التي تبرز قيمة الإنسان كإنسان , بل أصبحت المادة هي المنطق الأساسي في هذه المجتمعات و المحور الذي تقوم عليه الحياة . لذا لقد وضع بعض الباحثين المسلمين تعريفات للمجتمع المسلم ينسجم مع مبادىء و قواعد الشريعة الإسلامية , و نذكر من هذه التعريفات ما يلي :
· المجتمع المسلم هو ذاك المجتمع الذي تميز عن المجتمعات الأخرى بنظمه الخاصة , و قوانينه القرآنية و افراده الذين يشتركون في عقيدة واحدة , و يتوجهون إلى قبلة واحدة , و لهذا المجتمع و إن تكون من أقوام متعددة , و ألسنة متباينة خصائص مشتركة , أعراف عامة , و عادات موحدة .
· هو خلائق مسلمين في أرضهم مستقرين , تجمعهم رابطة الإسلام , و تدار أمورهم في ضوء تشريعات إسلامية و أحكام , و يرعى شئونهم ولاة أمر منهم و حكام .
من التعريفات أعلاه للمجتمع المسلم يتضح لنا أنه مجتمع رباني , حددت أهدافه و رسمت ملامحه من قبل , و استمد تنظيمه من نصوص الشريعة الإسلامية السمحة و أحكامها , التي جاء بها القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة , فليس من الضروري إذاً أن تكون هناك أرضا معينة لهذا المجتمع , و ليس من الضروري أن يعيش أفراده معاً لفترة طويلة , و أهدافهم و مصالحهم ليست مشتركة , بل هي واحدة , و ليس للعادات أو التقاليد , أو اللغة أو التاريخ , أو العنصر دخل في تكوين هذا المجتمع , بل إنه يقبل كل من آمن بالله رباً , و بالإسلام ديناً , و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً .
ووحدة المجتمع الإسلامي لا يُقاس بها وحدة أي مجتمع آخر , ذلك أن الرابطة التي تربط أفراد هذا المجتمع , هي رابطة الإيمان و هي رابطة الفكرة , و ليست رابطة الدم و لا النسب و لا العصبية , وهي أشرف الروابط و أوثقها . فالصلات التي تربط بين أفراد هذا المجتمع على تباعد الديار و تنائي الأوطان , هي صلات وثيقة محكمة , و يشعر بهذا الشعور واضحاً كل من تمسك بعقيدة المجتمع الإسلامي و ذاق حلاوة الإيمان .
سمات المجتمع المسلم
لا بد لكل مجتمع من أسس يبنى عليها، وتكاد تكون هذه الأسس مشتركة بين المجتمعات كلها، والمجتمع الإسلامي مثل غيره من المجتمعات لديه أسس عامة قام عليها ونشأ، فقد تميز المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات بعدد من السمات جعلته بحق مجتمعاً فريداً لم تعرف البشرية مجتمعاً مثله جمع في ثناياه هذه السمات الحميدة، ليكون أنموذجاً يرتجى، ومثالاً يحتذى عند العقلاء من بني البشر، وأهم سمات المجتمع الإسلامي:
· أنه مجتمع ملتزم بشرعه في كل تصرفاته.
· أنه مجتمع جاد في كل أعماله، ولهذه الجدية مظهرين: العلم النافع، والعمل الصالح،
· أنه مجتمع متسامح مع أتباعه، ومع غير أتباعه.
· أنه مجتمع آمن، لأنه آمن بمولاه فآمنه في دنياه وآخرته.
السلام وتقوية الروابط الاجتماعية في المجتمع الاسلامي
الروابط الاجتماعية واحدة من الأسس التي يبنى عليها المجتمع الإسلامي، وقد حرص المشرع في الاسلام على تقوية هذه الروابط حتى لا يخبو نورها ولا يضعف دورها، ومن أهم هذه التشريعات، تشريع صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والجنازة، وتشريعه للواجبات الاجتماعية الخاصة التي تشمل بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، ودعوة الإسلام إلى أسباب التآلف الاجتماعي العام، والتي تضمنت الدعوة إلى نشر السلام، وتوقير الكبار والعطف على الصغار، فضلاً عن أمور أخرى تعمل على تقوية التآلف الاجتماعي. وتقوية الأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، وعلى رأسها الصدق والحياء والبشاشة وطلاقة الوجه والمدارة، فضلاً عن أخلاق أخرى دعا إليها الإسلام، وأخلاق أخرى حذر منها ،فضلا عن تشريع الإسلام للتكافل الاجتماعي من خلال تشريعه لفريضة الزكاة، وزكاة الفطر، والنفقات الواجبة، والواجبات المالية التكافلية، و تشريعه للصدقات التطوعية، و دعوة الإسلام إلى الحوار والجدال بالتي هي أحسن.
ومن أهم المشكلات الاجتماعية التي تناولها الاسلام بالوقاية والعلاج هي انحراف الشباب الفكري والسلوكي ، وطرق الحماية من تلك الانحرافات ، كذلك تناول الامراض الاجتماعية واخطرها انتشار الفواحش الأخلاقية، وعلى رأسها الزنا، واللواط، والقذف، والاختلاط ومخاطر المخدرات والمسكرات والدخان، والآثار الخطيرة المترتبة على تعاطي هذه السموم، كما تناول الرشوة وأثرها في إفساد العلاقات الاجتماعية .
كما تناول الاسلام أهمية الأسرة ومكانتها وطبيعة تكونها من خلال الزواج الشرعي ، واهمية مكانة المرأة في الإسلام ونظم علاقة المراة بالرجل والمجتمع من خلال تنظيم عمل المرأة، وشهادتها، وديتها، وتعدد الزوجات، ، وسبل حماية الأسرة، واداب احترام الاسرة مثل وجوب غض البصر والاستئذان لدخول البيوت، وتحريم الخلوة، والغيرة على المحارم، وعقوبة الزنا والقذف. كما نظم قواعد اجراء خطوبة المراة وأحكامها العامة ، وكذلك في ما يتعلق بالنكاح ومقاصده وأحكامه والآثار المترتبة على عقد النكاح من حقوق للمراة في الصداق وحضانة الاطفال ونفقتها وغير ذلك كما نظم امور الطلاق واثاره والاحكام المترتبة عليه .
دعائم السلام واخلاقياته في الاسلام :
أما دعائم السلام وآدابه، وشروطه وقواعده؛ ففي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، عدَّة قواعد وأحكام ينبني عليها مفهوم السلام، مما يُشكِّلُ للمسلمين قانونًا دوليًّا يسيرون عليه، وينطلقون من خلاله. فمن هذه القوانين والشروط الواجب توفرها حتى يتم السلام:
أولًا:المساواة بين الشعوب بعضها ببعض؛ كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِير) [2]فالإسلام يُقرِّر أنَّ الناسَ -بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم- ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية.
ومنه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: كُلُّكم لآدمَ، وآدمَ من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلا بالتقوى.
ثانيًا:الوفاء بالعهود، ومنع العدوان، وإيثار السلم على الحرب إلا للضرورة.
ويدل عليه: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [3]، وقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا) [4] . فالأخوة الإنسانية العامة، توجب قيام العلاقةِ بين الشعوب والأمم على المودَّةِ والوفاء بالعقود والعهود، ما دام الاعتداءُ غيرَ قائم، كما في قوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الذَّينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُم أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيهِم إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) [5]
ثالثًا:إقامة العدل والإنصاف، ودفع الظلم: اذ إن من شروط تحقيق السلام بين الشعوب والمجتمعات: إقامة العدل والإنصاف بينهم، فلا يعتدي أحدٌ على حق أحدٍ، ولا يظلم أحدٌ أحدًا.
بل الإنصاف والعدل والمساواة، كلها من ركائز السلام وقواعده. والعدل مع الاعداء كما قال الله عز وجل: (وَلَا يَجْرِمُنَّكُم شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [6] فإذا حصل ظلمٌ أو تَعَدٍّ من الطرفِ الآخر، فليكن ردُّ الاعتداءِ بمثلِه، لا يتعدَّاه، بل إنَّ المعاملةَ بالمثلِ تخضع في كثير من جوانبها لأخلاقِ الإسلام الساميةِ، ومبادئه السمحةِ الراقية.
فإذا لجأ العدوُّ إلى قتل الأطفالِ والنساء والشيوخ، فليس من الاسلام أَن نفعلَ كفعلهم، وإذا اعتدوا على الأعراضِ والممتلكات، فليس من الاسلام أيضًا أن نفعل كفعلهم.
وبهذا فالاسلام دين التسامح والمحبة والسلام. وهو عقيدة قوية تضم جميع الفضائل الاجتماعية والمحاسن الإنسانية، والسلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، وأصبحت جزءاً من كيانهم، وهو غاية الإسلام في الأرض. ومما لا شك فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء سلاماً ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات الى النور حتى يصل الناس جميعاً إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كل تعاملاتهم في الحياة.
بعض اهم مظاهر السلام في الاسلام
· التحية : الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة ولا غرابة في أن كلمة الاسلام تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع وقد جعل الله السلام تحية المسلم، بحيث لا ينبغي أن يتكلم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام، حيث قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «السلام قبل الكلام» وسبب ذلك أن السلام أمان ولا كلام إلا بعد الأمان وهو اسم من أسماء الله الحسنى.
· الحرب : من المعروف أن العالم بأسره وخاصة العرب قد شهد حروبا كثيرة في زمن نشأة الرسول وقبل بعثته، فكانت القبائل العربية تتقاتل فيما بينها أو مع القبائل الأخرى بسبب أو بدون سبب، وقد جاء الاسلام الحنيف ليخرج الناس من هذه الحياة السيئة والصعبة وينقلهم الى حيث الأمن والامان والسكينة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصا على إبعاد الناس تماما عن الحروب وعن كل ما يؤدي إليها، وكان صلى الله عليه وسلم ايضاً يبحث دائما عن الطرق السلمية والهادئة للتعامل مع المخالفين له. ان إقرار السلام لا يعني انتفاء الحرب تماماً، بل إن الحرب وضعت في الشريعة لإقرار السلام وحمايته من المعتدين عليه، وقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين المؤمنين بأن يقاتلوا في سبيله، والله هو السلام، وأمرهم بأن يقاتلوا المعتدين وينصروا المعتدى عليهم الآمنين المسالمين.
· العيش الامن : إن السلام بمفهومه السلمي هو أمنية ورغبة أكيدة يتمناها كل إنسان يعيش على هذه الارض، فالسلام يشمل أمور المسلمين في جميع مناحي الحياة ويشمل الأفراد والمجتمعات والشعوب والقبائل، فإن وجد السلام انتفت الحروب والضغائن بين الناس، وعمت الراحة والطمأنينة والحريّة والمحبة والمودة بين الشعوب.
· المساواة : وفي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عدة قواعد وأحكام ينبني عليها مفهوم السلام، مما يشكل للمسلمين قانوناً دولياً يسيرون عليه، وهذه القوانين والشروط الواجب توفرها حتى يتحقق السلام تظهر في المساواة بين الشعوب بعضها البعض، فالإسلام يُقرِّر أنَّ الناسَ، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم ينتمون إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوة في الإنسانية، ومنه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على أَعْجَمِيٍّ إلا بالتقوى.وتظهر اكثر انواع المساواة في الاسلام في الاتي :
1. المساواة بين الجنس البشري
2. المساواة بين الرجل والمرأة في نظر الشارع الإسلامي
3. المساواة في القانون في المجتمع الإسلامي
كذلك يكون التساوي بين المسلمين في الحدود والديات والقصاص والقضاء والمواريث والمعاملات بأنواعها الكثيرة من بيع وشراء ورهن وإجارة وشركة ومضاربة وهبة وغير ذلك. وأما التساوي بين الرجل والمرأة، فالإسلام يعلنها كأصل أولي بالصراحة ويقول بالتساوي بينهما إلا فيما خرج بالدليل، قال الله عزوجل: ( وَلَهُنّ مِثْلُ الّذِي عَلَيْهِنّ بِالْمَعْرُوفِ( [7]
وقال: (يَـا أيّهَا النّاسُ اتّقُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً( [8]
وبصورة عامة يكون تطبيق قانون التساوي مع مراعاة قانون العدالة هو من أسس السلم والسلام في المجتمع.
· القيم الاجتماعية : أن الوفاء بالعهود، ومنع العدوان، وإيثار السلم على الحرب الا للضرورة وإقامة العدل والانصاف، ودفع الظلم، من القواعد الأساسية لتحقيق السلام بين الشعوب والمجتمعات، فلا يعتدي أحدٌ على حق أحدٍ، ولا يظلم أحدٌ أحدًا، فالإسلام يسعى دائما الى استقرار الأمة الاسلامية، كما يستعى الى استقرار علاقات المسلمين بالأمم الاخرى.
· السلام العالمي : إن أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلى في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ العنف والتطرف بكل صوره ومظاهره، وكذلك في نشر ثقافة الحوار الهادف بين أتباع الأديان والثقافات لمواجهة المشكلات وتحقيق السلام بين مكونات المجتمعات الإنسانية وتعزيز جهود المؤسسات الدينية والثقافية في ذلك. إن للسلام العالمي شأناً عظيماً في الاسلام، فما كان أمراً شخصياً ولا هدفاً قومياً او وطنياً بل كان عالميا وشموليا، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً، فالمولى عز وجل عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً، وإنما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضا، فالإسلام يدعو الى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممن يعيشون على هذه الارض، ويكشف لنا التاريخ أن جميع الحضارات كانت تواقة من أجل تحقيق السلام العالمي. السلام ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة من الزمن باعتباره ضرورة لكل مناحي الحياة البشرية ابتداء من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع فبه يتأسس ويتطور المجتمع.
·
اسباب اخفاق مفاهيم السلام
في دراسة لـ"سعاد الحكيم" بعنوان "نحو فلسفة للسلام الإنساني"، شخصت الكاتبة أسباب إخفاق مفاهيم السلام؛ كالمحبة والتسامح والحوار وقبول الآخر كجزء لا يتجزأ من الذات في ثلاثة أسباب:
السبب الأول: إن مفاهيم السلام بقيت عند الممارسة في إطار فردي نخبوي ولم تمس حياة الجماعة عامة. لا شك في أننا نجد أشخاصًا هنا وهناك وعلى امتداد العالم، يريدون السلام حقيقة، ويتحلون بالتسامح والمحبة، والقدرة على رؤية الآخر في الذات. ولكن هؤلاء الأشخاص لم يستطيعوا -للأسف- أن يشكلوا تيارًا أهليًّا قويًّا، وظل نشاطهم محصورًا في نخبة طائفية أو قلة فكرية.
السبب الثاني: إن مفاهيم السلام كما هي مطروحة اليوم، لا ترتكز على أسس سليمة، لأنها -كما يبدو- تسوَّق كسلع استهلاكية تهدف إلى الحصول على السلام من طرف واحد، تدعوه إلى التسامح اللامشروط المرتكز على المحبة فقط، والتي يبدو أنها مفقودة عند قطاع كبير في الطرف الثاني. إن السلام الحقيقي يفترض وجود طرفين يتبادلان الاعتراف بحق الكينونة، ويثق واحدهما بالآخر؛ بأن السلام من طرفه لن يعني انمحاء واستلابًا وازْدواجة معايير... إن لم توجد هذه الإرادة الصادقة من الطرفين، يظل السلام في إطار أقليات خيّرة وواعية، ولا يخرج إلى بدن الجماعات البشرية.
السبب الثالث: إن مفاهيم السلام هذه (المحبة والتسامح وقبول الآخر) تعاني من التوقف عند مرحلة تنظيرية تتسم بالفردانية التي لا يربطها رابط خارجي، ولا نسق داخلي يجمعها... لكأنها تجمع على هيئة "باقة زهر" يقدمها إنسان خيّر محبّ إلى الإنسانية. لذلك نحن أحوج ما نكون إلى توظيف هذه المفاهيم المفردة في منظومة فكرية تساعد كافة الناس -وليس النخبة فقط- على الرؤية والاقتناع وبالتالي الممارسة؛ أي نحن نحتاج لأن نخرج من مرحلة تنظيرية خطابية تبريرية عاطفية، إلى مرحلة أشد اتساقًا تجمع هذه المفاهيم المفردة، لتكوّن منها كلا متسقًا منتظمًا، لتؤسس منها فلسفة يقتنع بها عامة الناس، ولا تظل في حدود فردية عالية الروحانية.
وإذا كانت الباحثة قد لامست إشكالية مفهوم السلام وأبرزت تلك الأسباب الثلاثة، فإن مفهوم السلام غني بدلالاته التي جرى الحديث عنها، كي يحقق البعد الحضاري الإنساني، بالعودة إلى الدين والأخلاق في إطار ثقافي يوازن بين الـ"أنا" والآخر، والفطري والمكتسب، والذاتي والموضوعي، والفردي والجماعي، والمحلي والإقليمي والعالمي.
وتتفق الباحثة "سعاد الحكيم" مع كبار مفكري السلام العالمي، في أهمية ارتكاز مفهوم السلام على الدين؛ فتحت عنوان "بناء إنسان الإنسانية"، قالت: "من أجل إنشاء فلسفة للسلام، لابد -بالإضافة إلى كل ما تقدم- من التفكر حول هوية الإنسان الذي يحقق السلام الكوني.
لذا فإن القوانين المدنية تجعل الرّادع خارج الإنسان، وبالتالي ما إن تغيب سلطة الرادع الخارجي حتى يظهر توحّش الإنسان وهمجيته، على حين أن القوانين المصاغة -انطلاقًا من الأديان- يستجيب لها رادع داخلي، وتحقق النظام -إلى حد ما- في الداخل والخارج... إذن فمن مصلحة البشرية أن تدافع عن تكوين كائن مؤمن متقٍ أخلاقي... وهذا مشروع عملاق لا يقوم به طرف واحد أو أبناء دين واحد منفردين، بل لابد من تكاتف عالمي في هذا الإطار بين الشعوب وقيادتها الروحية. وفي هذا السياق تتفق الكاتبة مع المصلح الديني الألماني "هانس كينغ"، حين أطلق شعار "لا سلام بين الشعوب من دون سلام بين الأديان".
موقف الإسلام من السلام
لم يكن موقف الإسلام من السلام بدعًا، بل جاء مصدقًا لما بين يديه من الأديان التي سبقته. فقد أثبتت الدراسات أن الأديان قاطبة، وخاصة الديانات الشرقية القديمة (الهندية والبرهمية والبوذية والكنفوشيوسية، والطاوية) والديانات السماوية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) دعت جميعها للسلام، وجعلته الأصل في العلاقات، وعظّمت من شأنه، وأنها جميعًا "تأمر بالعدل والإحسان وتنهى عن الظلم والعدوان، وكلها تسوي في المعاملة الدنيوية بين أتباعها وبين أعدائها".
كما أثبتت الدراسات كون السلام، من المبادئ الأساسية في الإسلام، وأنه لا يوجد مثال واحد أباح البدء بالاعتداء على الطوائف الأخرى، سواء كان ذلك لمقاصد دينية أم لأغراض سياسية، بل الواقع على العكس من ذلك، أنه احتمل الاضطهاد أمدًا طويلاً قبل الإذن لأتباعهما باتخاذ القوة للدفاع عن حياتهم وعن حريتهم في اعتناق الحق والدعاء إليه.
وميز الإسلام في موقفه من السلام، بكون اسم السلام نفسه واسم الإسلام نفسه، يرجعان لأصل واحد ويشتركان في كثير من الدلالات والاشتقاقات اللغوية بما فيها من سعة وامتداد وعمق. ثم إن الإسلام اتخذ من التدابير ما يكفل أن يكون السلام جوهر الإسلام، وظلَّه وأساسَ معتقده، وأهم مبادئه، وركائزه العقدية، وقيمه الأخلاقية والتشريعية الكبرى، واختاره أن يكون تحيتَه. فبالسلام البدء والنهاية والتواصل في مختلف دوائره على صعيد النفس والكون والحياة.
ولإيضاح تلك التدابير، يمكن تصنيفها على النحو الآتي:
· التدابير التربوية الثقافية التي تعتمد على السلوك والأخلاق.
· التدابير التشريعية المقننة.
· التدابير الملائمة لسنن الكون والنفس والحياة.
فأما التدابير التربوية الثقافية، فقد استطاع الإسلام أن يغرس السلام في داخل نفس الفرد المسلم بالتربية والثقافة والسلوك والأخلاق. فقرر أولاً أن الناس من أصل واحد، وأنهم جميعًا أبناء رجل واحد هو آدم عليه السلام الذي جعله الله سبحانه وتعالى خليفة له في الأرض، وسخّرها له، وكرّمه وفضّله على كثير ممن خلق، وأسجد له ملائكته، وعلمه الأسماء كلها، ثم أورث تعالى بني آدم تلك الخلافة، وتحمّلوا الأمانة، واضطلعوا بالمسؤولية... وهذا يوجب عليهم أن يستشعروا الكرامة والعزة، وأن تكون علاقاتهم سليمة، وضمائرهم نقية، وأن يتوجهوا لمن كرمهم واستخلفهم بالعبادة وإفراده بالتوحيد، وبخاصة أنه جل جلاله قد حدد الغاية من خلقهم وعلة وجودهم فقال: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ[9]. ولكون الأب واحدًا، والرب واحدًا، فإن "مقتضى اتحاد الأصول وتوحيد المعبود، تآلف الفروع وأخوة العابدين وتعاونهم جميعًا على القيام بواجب الرحم وبحق المعبود الذي يغضبه أن يبغي بعضهم على بعض.
والسلام في الإسلام، يندرج في دوائر بدءًا من سلام الفرد مع نفسه، إلى سلامه مع أسرته ومحيطه القريب، إلى سلامه مع محيطه وبيئته بموجوداتها وتنوعاتها الثرية من الكائنات الحية والنباتات المختلفة في البر والبحر والجو.
ثم جاء النداء مكررًا في القرآن الكريم في آيات كثيرة بوصف البنوة لآدم، وبالنداء بوصف الإنسانية، وأنها موضع التكريم. كذلك حثت الآيات والأحاديث على مكارم الأخلاق، وأن تكون أساسًا للمعاملة: وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم [10] .
وفي الحديث: "خالِقِ الناس بخُلُق حَسَن" (رواه الترمذي)، وورد: "الدين المعاملة". وجاء كذلك الأمر بالعفو والمخاطبة بالسلام، وقال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [11]، وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا[12] .
كما جعل الإسلام السلام تحية الصالحين، وبه يحيون أنفسهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ [13]. وقال: إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [14] . وقال: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً[15] ونهى عن دخول بيوت الآخرين، إلا بعد الاستئذان والاستئناس والسلام على أهلها: لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا[16].
والآيات في ذلك من الكثرة بمكان، كذلك ورد السلام في القرآن الكريم تحية لجميع الرسل: سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ[17]. سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [18]. سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [19] . وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . [20]. وكان السلام دعوة عيسى عليه السلام: وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [21]. وناهيك عن كون السلام اسمًا من أسماء الله تعالى: هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ [22] . وسميت الجنة التي هي موعود الله لعباده المؤمنين "دار السلام": لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[23] . وأنه تعالى يدعو إلى دار السلام: وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[24] .
وبهذا يتضح ترسيخ الإسلام لمبدأ السلام و"أن إشاعته تعالى للسلام في هدايته لعباده على هذا النحو، ما كان إلا ليغرس في سويداء قلوبهم حب السلام والعمل للسلام، وأن يعملوا جهدهم في التحلي بالسلام والدعوة إليه وإفشائه بين العباد.
فإذا عُلِم أن هذه الآيات وما تحمله من هدي وتوجيهات تطرق سمع المسلم في صلواته ودعواته، وأنها تصبغ علاقتها الخاصة والعامة الحاضرة والمستقبلة في الدنيا والآخرة، وأنها تدخل في معظم تفاصيل حياته وفي صميمها اتضحت مقاصد الإسلام من ذلك، وتبين أنه حوّلها إلى ممارسة بالسلوك والتهذيب والتربية والتعليم والتعود والمران، حتى غدت ثقافة ذات بُعد إنساني حضاري متجذر.
أما التدابير التشريعية المقننة، فقد جعل الإسلام الأصل في العلاقات هو السلم، فالسلم أمر الله، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ[25] . وقد تضمن الأمر به التعريض بما يقابل السلام وهي الحرب، وأنها اتباع لخطوات الشيطان على أن الحرب إن نشبت في ظروف وملابسات استثنائية -لا يوجدها الإسلام قطعًا وإنما يفرضها أعداؤه عليه- فإنها حينئذ تقدر بقدرها وتُحَدّ بحدود وتحاصر بضوابط وآداب شرعية، ومع ذلك فإن الإسلام يأمر بأن يكون السلم هو الخيار، وأن يُجنحَ إليه إذا جنح إليه الطرف الآخر: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ [26].
كذلك جاء النهي عن القتال بعد نشوبه إذا ألقى العدو إلى المسلمين السلم، قال تعالى: فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً[27] .
وقد كتبت الدكتورة أميمة بنت أحمد الجلاهمة تحت عنوان: "السلام في علاقات المسلمين بغيرهم"، بعد توضيحها لطابع الإسلام السلمي في علاقاته مع الآخرين، بأن ذلك: "لا يعني تهاون المسلمين في ردّ أي عدوان وُجِّه للمقدسات والأوطان، ولثروات الأمة البشرية منها والمادية على السواء. فالرد في هذه الحالات يكون واجبًا شرعيًّا كما هو واجب وطني. وحال المسلم في هذا الردّ كحال كل الأمم التي تقف صفًّا واحدًا في وجه أي اعتداء يَطال مقدساتها وأرضها وعرضها. ولكن المسلم في كل أحواله، ومهما استفظعت الأسباب الموجبة للحرب والمقاومة المسلحة، لا يمكن أن يكون ذلك توجيهًا نابعًا من اجتهاد شخصي ينبري للقيام به من تلقاء نفسه. فللحرب في الإسلام نظم وأصول ملزمة لا يجوز للمسلم الخروج عنها. فالحرب في الإسلام قرار دولة لا قرار فرد مهما علا شأن هذا الفرد في أمته".
أما التدابير الملائمة لسنن الكون والحياة والنفس الإنسانية، فإنها ذات نسق وسياق يؤكد إعجاز الإسلام، وتؤيده الاكتشافات العلمية والدراسات المتعمقة في فقه التاريخ والحضارة والدراسات الإنسانية . فالسلام في الإسلام مفهوم أصيل وفلسفة عميقة يفي بمتطلبات البشرية قاطبة، كي تعيش حياة كريمة وتنعم بالأمن والاستقرار، في ظل أخلاقيات تطبع النفوس بروح التسامح وحسن التعامل مع المخالفين في المعتقد من غير تعصب لمعتقد ولا حقد ديني يحمل على الحيف والظلم ومن غير تطرف ولا عنف، وإنما تقوم العلاقات بين المسلمين وغيرهم، على البر والعدل والإحسان والتوسط في المواقف والتوازن بين التجاذبات. وبذلك حقق الإسلام في موقفه من السلام البُعد الإنساني الحضاري الإستراتيجي.
استنتاج
تعد قضية السلام من القضايا الكبرى في التاريخ. وعلى الرغم من سلاستها وعذوبة لفظها وجنوح الفطر السليمة إليها، وكونها خيار العقلاء والحكماء -قديمًا وحديثًا- في تأسيس علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وفي العلاقات الخاصة والعامة التي تربط بين الأفراد والجماعات والدول والشعوب، إلا أن وقائع التاريخ ومجريات أحداثه، أغفلتها في كثير من الأحوال، أو تلاعبت بدلالاتها ومفهومها وأدخلتها حلبة المزايدات السياسية والتفسيرات الدينية المؤدلجة؛ كذلك تقاذفتها المطامع والمصالح وصراع القوى،
وقد أثبتت الدراسات أن الأديان قاطبة، وخاصة الديانات الشرقية القديمة والديانات السماوية الثلاث دعت جميعها للسلام وكان اخرها الاسلام ، جعلت السلام الأصل في العلاقات، وعظّمت من شأنه، وأنها جميعًا "تأمر بالعدل والإحسان وتنهى عن الظلم والعدوان.
التوصيات
لضمان أن تكون السيادة للسلام حاضرًا ومستقبلاً، فإنه ينبغي :
· اعتماد الإصلاح السياسي بدعم الديمقراطية .
· فسح المجال للنقد والشفافية واحترام التشريعات الإليهة.
· تقييد التقنينات التي تميلها متطلبات الواقع بالأخلاق الحميدة، وأن تصبغ بالمبادئ الإنسانية من خلال علماء الدين وفلاسفة الإنسانية وحكمائها والنخب الثقافية.
· إذا كانت الأديان -وآخرها الإسلام- هي المؤسسة للسلام على النحو الذي جرى الحديث عنه، فإن على قادة الفكر والسياسة ورواد السلام، أن يفسحوا المجال للتثقيف والتهذيب الديني، وبخاصة للثقافة الإسلامية بما تنضوي عليه من خصائص وسمات إنسانية وأطر عالمية من حقها أن تتفاعل مع الثقافات الأخرى في أجواء من السلم والمسالمة بعيدًا عن روح العداء، وأن يُعْلَم -كما قرَّر علماء الدين ومفكرو العصر- "أن الأديان كلها، بدلا من أن تكون سبب نزاع وخصام في شؤون هذه الحياة، -وهي على ضد من ذلك- تنادي بالائتلاف والوئام، وأن السبب الحقيقي في الخصومات هو بالعكس من ذلك، إنما يحدث بتعمد الانحراف عن الدين، وأن كل طائفة تثير نار الحرب باسم الدين، فهي كاذبة في دعواها الانتساب إلى دينها، وأن العلاج الناجع لآلام الإنسانية الحاضرة، هو أن يُعنى رجال كل دين عناية خاصة بالجانب الخُلقي العام منه، فينمّوا في أتباعهم عاطفة الأخوة الإنسانية باسم الدين نفسه.
· ينبغي العمل باسم السلام ومن أجل السلام على معالجة ما آل إليه السلام في النظم البشرية الحديثة، حيث اتخذته الأمم المتقدمة والمتخلفة شعارًا لمضامين أخرى.
[1] - منظمة الصحة العالمية 1989 ، سلسلة التقارير التقنية رقم: 746 .
[2] -الحجرات:13.
[3] - المائدة:1.
[4] - الإسراء:34.
[5] - الممتحنة:8.
[6] - المائدة:8.
[7] - سورة البقرة: 228..
[8] - سورة النساء: 1 .
[9] - (الذاريات:56).
[10] - فصلت:34.
[11] - الأعراف:199-200.
[12] - الفرقان:63.
[13] - يونس:10.
[14] - الأحزاب:56.
[15] - النور:61.
[16] - النور:27.
[17] - الصافات:79.
[18] - الصافات:120.
[19] - الصافات:109.
[20] - الصافات:181.
[21] - مريم:33.
[22] - الحشر:23.
[23] - الأنعام:127.
[24] - يونس:25.
[25] - البقرة:208.
[26] - الأنفال:61.
[27] - النساء:90.