الغطاء الديني للدافع السياسي للتكفير
الغطاء الديني
للدافع السياسي للتكفير
عرض ومعالجة
الدكتور عبدالامير سليماني
استاذ في الجامعة الإسلامية الحرة - واحد جنوب – طهران
المقدمة
قال المولى جلّ شأنه. )إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ( وقال خير من قائل: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (.
ارسل الله الرسول لهداية البشرية ووضعها على الطريق الصحيح ومن أجل ذلك نظم شؤون حياتها وعلاقاتها فيما بينها ووضع الله للبشرية الخارطة التي بها تصل الى بر الأمن والأمان. فكان لابد من تمييز المحسن من المسئ ولابد من معاقبة المسيء كل على مقدار أسائته، لابد من قانون ينظم الحياة الإنسانية ولكل قانون أحكام.. فكان الإسلام هو السلام وهو الرحمة وهو المحبة . كما ورد في الحديث «اليس الدين هو المحبة» الدين هو ما أرسله الخالق الودود الذي كتب على نفسه الرحمة ووصف نفسه بالرحمن الرحيم ـ فماذا يصدر من الرحمان إلاّ الرحمة والسلام وهو سبحانه السلام المهيمن العزيز الجبار المتكبر، كمن يقول ماذا يصدر من النار اليست الحرارة الحارقة... وهكذا جاء الاسلام.
· سلام ومحبة وطمأنية.
· عدل ومساواة وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.
· رحمة مزجاة ومودة فائقة. انا ارسلنا رحمة للعالمين.
· كرامة وجمال وحسن خلق. ولقد كرمنا بني آدم.. ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.
· تسخير كل ما في الأرض لهذا الإنسان وسخرنا لكم ما في الآخر جميعاً
· أعطاه الحرية في الاعتقاده لا اكراه في الدين.
وغير ذلك كثير.
فإذا المشرع هو الله تعالى فإذا جاء أحد وشرع من نفسه ليصد عن سبيل الله. فقد تعدى على كل الإنسانية من وقع عليه التشريع أو من مسه ونال من حرمته لانتسابه للإنسانية. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/62).
كما أن الذين يكتبون بأيديهم ويقولون هذا هو الإسلام وهذا من عند الله وهم يعلمون ذلك كذباً لانهم ليس ممن يعلم الكتاب لأن أهل الدين عبر عنهم الكتاب (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(البقرة/ 121).
هؤلاء لا فرق بينهم وبين اليهود حيث يقول المولى جلت قدرته (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ) (البقرة/ 79).
وبالتالي فإن الله رؤوف بعباده وشرع كل شيء من أجلهم وأمرهم بالعبادة واساسها الشهادة. فمن تشهد الشهادتين لا عليه قتل، حتى ولو بلسانه. وهو لمصلحة الإنسان وأن الإنسان حرٌ في هذه الحياة. وقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) . يولد الإنسان حراً.. وقال المولى لنبيه المصطفى (ليس عليهم بوكيل) وأن التكفير هو حالة صغيرة جداً تلحق المتحدي العاصي الذي ينكر الأولوهية والدين. بعد أن يقاضى أو يسأل.
أما ما نشاهده في أيامنا وتاريخنا فهو مؤامرة ستعمل على توضيح ذلك إذ سنعرف معنى التكفير وما هي لوزامه وأسسه. ومن يشخص التكفير ومتى نشأ أتهام التكفير وهل هو من مستلزمات الإسلام الذي قال "أدرأوا الحدود بالشهبات" ولكل حادث وقضية حيثيات.. الإسلام الذي أشرق في الأرض بروح التسامح فأعتنقه الملايين بلا كره يظهر اليوم بصورة مؤامرة ليبتعد عن الساحات. كذلك أثر السياسة في التشبث بهذه الصفة وقتل الخصوم وتخويفهم وأبعادهم عن الساحة.. كذلك لنعلم أن التكفير لم يأت إلا من أجتهادات أو بالأحرى آراء مفتراة. لأن القرآن الكريم والسنة الشريفة وسيرة أهل البيت وعترة النبي لا تجري بذلك. لأن قضية التكفير من أخطر الأمور التي تهدم المجتمع والحقيقة أن المشكلة ليست بأصطلاح التكفير بل بمن يقوم بذلك.. وأن هذه المؤامرة عميقة الجذور أوجدها المستعمرون بأيد منتسبين إلى الإسلام . ورفدوا هذا الفكر الظلامي على يد محمد بن عبدالوهاب. التي تبناها متآمرون في تحقيق مآربهم وأهدافهم، وعرضنا الى ما ينبغي عمله تجاه هجمة التكفير الظالمة.
وبما ان الموضوع "التكفير" من اخطر الموضوعات التي اكتشفها العدو ومارسها دون أن يخسر طلقة أو يتكلف عناء الحرب ضد الإسلام فقد اعتمد هذه الوسيلة على أحسن وجه وهو ما تتصدره التقارير الخبرية والسياسية بعد عشرات السنين بأعتباره خطوة استعملتها الصهيونية وحضرت لها قبل عقود.
إن بحثنا هذا سنتناول فيه بعد هذه المقدمة التي بحثنا فيها أهمية الموضوع وخطورته الكارثية جعلنا بحثا لشرح التكفير وتشخيصه ومن يقف خلفه وعمق التخطيط الحاذق فيه. كما افردنا بحثاً ثان لتأريخ التكفير وآلياته النتنة والتي كانت السياسة وفسادها هي وراء ذلك فضلاً عن الاستكبار والصهيونية في العصر الحديث .
وبعدها موضوع صحفي يحتوي على موضوع كتبه الكاتب المعروف فيليب بلوند وآدريان يتحدث فيه حول جذور الأرهاب نشرته صحيفة اينترناشينال هيراليد تريبيون فيه أشارات على ما يتبناه كتاب ومفكرو الغرب عن اسلامنا الحنيف.
أما في البحث الثالث فتناولنا فيه العلاج من خلال شخصية الإنسان المكرمة.
وأنتهينا بخلاصة للبحث ، نسأله التوفيق والرضى جلت قدرته وحسن الظن فيه وفي رأفته ورحمته.
المبحث الأول: معنى التكفير وتشخيصه ومنشأه في التراث الديني
للأسف الشديد كثير من المعاني والمصطلحات الإسلامية ولعدم الحاجة إليها بقيت معومة دون البحث فيها بما يحددها كاملاً ويقفل الدخول عليها دون شروطها. ومنها الجهاد والتكفير وغير.
التكفير والكفر: نقيض الإيمان ويصل إلى الجحود الكلي للخالق. وكفَر، أي ستر، وكفر بنعمة الله. وكفورا، أي جحدها وسترها.
وإذا كان لفظ المؤمن قد جاء في القرآن الكريم فإن كلمة كافر وكفر وتكفير. قال المولى. (وما كفر سليمان ولكن الشياطن كفروا) (البقرة/ 102). وقال تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)(المائدة/ 72) وقال جلت قدرته: (كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) ) (المائدة/ 73) .
وقال سبحانه: (من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاه فلأنفسهم يمهدون) (الروم/ 44).
وقال تعالى: (فأما الذين أسودت وجوهههم أكفرتم بعد إيمانكم) (آل عمران/ 106).
وقال جلت قدرته (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذتهم أم لا تنذرهم لا يؤمنون) (البقرة/6).
وقال تعالى: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله) (البقرة/ 106)
وقال سبحانه: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) (الأحزاب/ 1) وعشرت الآيات وحتى الأحاديث وقسم الكفر لدى الفقهاء الى اقسام وأنواع لأن القرآن يراعي الكثير من المسائل فلا يوجد هناك أطلاق حول القضايا الخاضعة الى الحكم.
وقولنا التكفير هو نفي الإيمان الذي أشارت ودلت عليه نصوص الوحي.. إذ الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله ولايوم الآخر. والقدر بخيره وشره، أو أنكار معلوم من الدين بالضرورة. كأنكار أحكام قطعية كالوحي والنبوة.. وهو مخرج من الملة. والمتصف بها يسمى كافراً.
ومصطلح الكافر في القرآن الكريم هو كل ما ليس بمسلم مشركاً أو كتابيا (المنحرفون) أو وثنياً أو ملحداً أي: هو ما يدعو الى تعطيل جملة من الأحكام في حقه وأهمها ما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية ولكن لا تنفى العلاقات الاجتماعية، اذ تبقى العلاقات الاجتماعية له كأنسان كرمه الله سبحانه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء/70).
وجاء في فتاوى السبكي في الصفحة 586 "أن التكفير حكم شرعي سببه جحد الربوبية والرسالة أو قول أو فعل حكم الشارع بأنه كفر".
إن اعظم صفة اتصف بها الإسلام العظيم هي التوحيد والعدل والرحمة.. فكيف يناقضها وهو يدعو اليها فهؤلاء المكفرون لا يمتون للإسلام بصلة بل اعداء الإسلام وجاءوا السلب الإسلام أعظم صفة فيه وهي الرحمة للإنسانية وبذر النفاق والشقاق والفتنة بين المسلمين فقط لا غير ونشر الاحقاد والكراهية والتفرقة بين مجتمع التوحيد وما هي إلا دسيسة صهيونية تنشرها السياسة الأمريكية في قلب الأمة الإسلامية.
المبحث الثاني: من تاريخ التكفير وآلياته
لا نبالغ إذا ما قلنا أن فرقة "الخوارج" هي أول الفرق التي ظهرت بسبب مواقفها السياسية وأبتداع الآ{اء التكفيرية حتى جعلهم يتوارثون ذلك ليصدموا مع الحكومات المتعاقبة واكبرها مع دولة بني أمية. وتسميتهم بالخوارج حيث خرجوا على التحكيم في صفين أما أبو الحسن الأشعري فيرى تسميتهم بالخوارج لخروجهم عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ورفعهم شعار "لا حكم إلا لله" ولو أن أحفادهم من الأباضية اليوم يعترضون على هذا الاصطلاع لأنه يحمل مفهوماً سلبياً بكل معنى الكلمة حيث يشمل كل من أعترض على السلطة وكل المفسدين من الجهة المقابلة حتى نسب أبن حجر حديث "الخوارج كلاب أهل النار هم أشرار امتي يقتلهم خيار أمتي" وعرفوا "الخوارج" بالحرورية، الشراة، المارقة، المحكمة وهذا المصطلح الأخير يتمسكون به، وبخروجهم شكلوا فتنة كبرى. حيث تصدى الإمام علي (عليه السلام) لهذه الفتنة والظاهرة الغريبة وهو أول من فقاً عين الفتنة.. ولوحدة المسلمين وجدنا أن الإمام علي يتنازل ويقبل التحكيم حيث أخيره النبي(ص) قائلاً لعلي "أن سيكون لك يوم مثل يوم الحديبية، حيث فرض عليه التحكيم والتزم الإمام به الى أقصى ما فيه . لكن الخوارج لم يلتزموا به.
هؤلاء الخوارج وان كانوا من حفظة القرآن ولكن لم يصل القرآن الى شغاف قلوبهم.. إذ يقول عبد القادر بن طاهر التميمي الشافعي المتوفى عام 420 أو 429 "وهو أحد كبار قدماء العلماء من الشافعية" "إن الخوارج قالوا بتكفير علي(ع) وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وأصحاب الجمل وبتكفير معاوية والحكمين وتكفير أصحاب الذنوب من هذه الأمة ومازادوا على ذلك"([1]) ثم يواصل كلامه فيقول: "حتى ظهرت الأزارفة منهم والأطفال من مخالفيهم وزعموا أنهم مخلدون في النار، وكفروا القعدة منهم عن الهجرة اليهم"([2]).
وزعم النجدات منهم أن مخالفيهم كفرة غير مشركين وعذروا بالجهالة في الفروع وأسقطوا حد الخمر.. وأباحت الميمونية بنات البنات دون بنات الصلب وأنكروا سورة يوسف([3]).
وللشيخ حسين الراضي العالم المعروف في بحث نشر له في"منبر الجمعة" في 5/9/2014 الموافق 9/11/1435هـ . وهو يقارن ويتحدث عن العهود والمواثيق في الأمم السابقة بذكره الآيات التالية:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ، ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) ( البقرة/ 84-86).
فيقول: أخذ الله العهود والمواثيق في الأمم السالفة وفي هذه الأمة على عدم سفك الدماء فيما بينهم فإن المحافظة على النوع الإنساني من الأهداف الإلهية لهذه الخليقة، بل عدم جواز اخراج الناس من ديارهم وقد وافقوا وأقروا على ذلك، ولكنهم عصوا المولى سبحانه وباشروا بقتل بعضهم بعضا. وعبر عن الأمة ككل بالأنفس، فالأمة نفس واحدة والبشر نوع واحد. فالاعتداء على واحد هو أعتداء على الأمة ككل كما هو اعتداء على أنفسهم([4]).
وفي هذه الآيات يتعرض القرآن الكريم الى نقض بني اسرائيل للمثياق المأخوذ عليهم بعدم قتل بعضهم بعضا وعدم تشريد بعضهم الآخر بينما هم على العكس (ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ) ويشير القرآن الى تعاون بعضهم ضد البعض الآخر (تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ثم يشير المولى جل شأنه إلى تناقض هؤلاء في مواقفهم إذ يحاربون بعضهم بعضا ويخرجونهم من ديارهم ثم يفدونهم إن وقعوا في الأسر (وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ) وفديتهم استناداً إلى نصوص لديهم في الوقت الذي يشردوهم و يقتلوهم خلافاً للميثاق الذي أخذه الله عليهم. (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) وهذا التناقض عامل من عوامل انحطاط الإنسان في هذه الدنيا وكذلك الآخر. (فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ).
وفي حديث الشيخ الراضي حول ذلك يقول "هذه السنّة الكونية لا يقتصر على بني إسرائيل بل هي سارية في كل زمان ومكان وتشمل المسلمين كافة وما أكثر الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض في مجتمعاتنا اليوم وما أشقى هؤلاء في الدنيا والآخرة.
فالخوارج في صدر الحديث وما قامت به من صدر الإسلام إلى يومنا هذا، وكما وردت الروايات الكثيرة عن رسولنا(ص) عن مواصفاتهم من مختلف الطوائف الإسلامية.. وكفروا كل من نقموا عليه ولم يرتضوا فعله بما فيهم كبار الصحابة والتابعين. فهم الخوارج بعد أن أجبروا الإمام على التحكيم في صفين واتفق عليه ووقع رفضته وحملت الإمام علي(ع) المسؤولية وكفرته كما مر سابقاً.
إن الذي يدقق بما يحدث اليوم لا يرى فرقاً بل يشاهده نسخة طبق الأصل لأولئك الخوارج.
وحكام بني أمية الذين حموا حكمهم بطريقة الجبر الإلهي كما يقولون أن الإمة ليس لها أعتراض على جبر الله وهو طريق شيطاني واضح من أن حكمهم جاء بمشيئة الله وجبره... ولذا كان معاوية يكرر قوله "اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا راد لما قضيت» يردد ذلك في كل مكان وقد وطدوا حكمهم كما فعل أحد ولاة بني أمية وهو إبراهيم بن عربي والي الأمويين على نجد من عام 73 حتى 105 وكانت له صلة بالحجاج حيث فعل كما يفعل من فتك وتصفية وسجون مثل سجن "دوَار" حيث كان يكفر كل من خالفه وحاربه([5]). حيث غزى من نجد المسماة سابق باليمامة مدينة هجر والقطيف وكفر كل من خالفه.
وكانت السياسة الخادعة والمفترية هي الآلة الحقيقية في طعن الأخرين بالكفر.
وفي القرن السابع ظهر ابن تيمية وأحدث ضجة كبرى بأبتداعه ما هو ضد المتعارف لدى المسلمين من عهد النبي (ص) وأنكر زيارة القبور والتوسل الى الله بالصالحين والأولياء حتى خلق فتنة كبرى آنذاك فكفروه ومات في السجن.
لكن لم تنتهي ظاهرة التكفير بل ظهرت أخرى على يد محمد بن عبدالوهاب النجدي (1111-1207عأ) وهذا الرجل معروف بعلاقاته المريبة بالمخابرات البريطانية في أسطنبول حيث أنّه بعث أفكار ابن تيمية وكفر الأمة جمعاء.
فكر أبن عبدالوهاب من أكبر آليات التكفير. لأنه ثبتها في الحكم السعودي. ويدعم حالياً وسياسياً من آل سعود وأصبحوا هم من يعرف الإسلام لا غيرهم فكان التكفير المرعب لكل المسلمين وقد حاربهم المسلمون وجهزوا لهم الجيوش في مصر بقيادة إبراهيم ابن حاكم مصر محمد علي باشا الكبير وكاد أن يقضي عليهم تماماً لكنه رجع وأصبح الفكر الملهم لخوارج العصر الحالي.
فكانت القاعدة وابن لادن والظاهري وقادة طالبان وأمثالهم هم من وجدوا أحسن ما يفيدهم في نزعتهم التي أصبحت آفة مشوهه للإسلام وهم رعاة الفتنة ومنبع فكر التكفيريين المسخرين من أعداء الإسلام لحرب الإسلام بأسم الإسلام.
وما "داعش" إلاّ صورة قاتمة سوداء في تاريخ الأمة الإسلامية في الأفادة من التكنولوجيا لمحاربة الإسلام وتشويهه وتقديمه للعالم بالمبدأ الدموي العنيف الخالي من الرحمة والشفقة وكل صفة إنسانية.. ولم تكن داعش إلا نسخة من فكر بن عبدالوهاب لتقوم بالتكفير والقتل والتعذيب والسفاح باسم الدين . فأستحلالهم دماء المسلمين رجالاً ونساءً أطفالاً وشيوخاً كما هو الحال للديانات الأخرى أيضاً بقتلهم وتهجيرهم من ديارهم صورة مطابقة لأعمال الوهابية بل داعش زادت في أجرامها على ما مضى بمختلف وسائل القتل والإرهاب والتخويف والتكفير بالجملة. كانوا يكفرون أفراد والآن يكفرون فئات بعينها كبيرها وصغيرها وهم من المصلحين والعابدين لله تعالى.. بل يرفعون شعار قتل المسلمين أولاً ثم اليهود. وهو شعار يهودي يتستر خلفه هؤلاء لأنهم هم يهود وصهاينة ولا يمتون للإسلام بصلة.
إن هؤلاء التكفيريين وباء قاتل لم يسلم فيه السنّة فضلاً عن الشيعة وأصحاب الديانات الأخرى. ولابد من كشف ذلك للعالم وأن أمريكا هي التي تقف وراء ذلك بتخطيط خبيث صهيوني لتنفيذ مشاريع سبكت ورسمت منذ عقود من الزمن ولابد من كشف المتعاونين معهم والمساعدين لهم والمساهمين لهم بأراضيهم من كل دول المنطقة وأن كشفت الصحف والإعلام ذلك لكن لابد أن يكون حقيقة للجميع كدول النفط الخليجية بلا استثناء وتركيا العثمانية ودول جوار سوريا وراعية العمل إسرائيل اللقيطة.
ونحن نتحدث عن الوهابية التي تمثل الفكر الذي اعتمدته هذه العصابات الإرهابية.
والوهابية: هي حركة بدوية أعرابية انطلقت على يد محمد بن عبدالوهاب من قبيلة تميم التي قيل عنها أنها قرن الشيطان وقد طرح تكفير المسلمين من سنة وشيعة واستخدم الإرهاب والعنف وأصدر فتاواه بتحريم الكثير ممن اعتاد عليه المسلمون كزيارة القبول والأتعاض في ذلك كما روي "كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها" وأمور أخرى كالتوسل و.. وأتهم الناس بالشرك وكان أمره قد بدأ من عام 1143هـ وأنتشر من عام 1150هـ ومن المؤسف أن دولة العثمانيين الأتراك لم تدافع عن المقدسات ولم تعمل للدين شيئاً رغم رفعها شعار الخلافة "الكاذبة" وكان ابن عبدالوهاب يدعى المذهب الحنبلي لأنه أقرب للوهابية من حيث الفتوى وفسروا القرآن على طريقتهم الخاصة ونبذوا العقل وقالوا ليس العقل بالحكم كما هم الأشاعرة ويأخذون ظاهر القرآن وكما كان يقول عبدالله بن عباس "القرآن حمال أوجه" وقد زحفت الوهابية بجيوش آل سعود فأحتلوا مكة المكرمة عام 1208هـ وأستتابوا الناس ثم زحفوا الى جدة وهكذا حيث كفروا قبيلة قبيلة. رغم أن أفكار الوهابية ليس لها واقع لكن ارهابهم وقوتهم وسيطرتهم أذهلت الناس. فهم يقولون أن النبي(ص) كباقي البشر ثم ذهب والرسالة أهم من الرسول(ص) ولا يجوز التوسل بالنبي(ص) ولا زيارة قبره كان الناس لا يؤمنون بهم عقائدياً ولكن استسلموا لهم سياسياً. هدما قبور الأئمة والأولياء والصلحاء والمسلمين حتى جاءوا لهدم قبة النبي محمد(ص) لكن ارشدوهم بعض العقلاء والأنكليز الذين كان لهم كامل السيطرة على الأسرة السعودية حتى أن ابن سعود كان ينفذ أي شيء ما لم يكن الإشراف (الشريف حسين) ينفذه.. ولعل تحريم لبس "البرنيطة" في مصر كان على أيديهم حين قام أحد خطباء الوهابية "إنّ الله أمر المسلمين أن يتخذوا من الشيطان كل حذر وحيطه ولذا حرم عليهم لبس البرنيطة كما يقول ذلك خالد محمد خالد في كتابه "لكي لا تحرثوا البحر" بل حتى أكل بعض الأغذية كسمك السردين تمادوا في التكفير وخلق البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان حتى سنة النبي(ص) فلم تنجو منهم وحاربوا كل من يذكر مدحاً لأهل البيت عليهم السلام أو يذكر حديث الغدير حتى أبي هريرة حورب أيضاً.. ورفض جميع المذاهب وخاصة مذهب أهل البيت(ع) ووالوا معاوية بن أبي سفيان وقد مدحوا معاوية أنه كان سياسياً ناجحاً هزم الإمام علي(ع) والإمام الحسن المجتبى (ع). وأن معاوية كالمهدي. بل هم يقدسون معاوية وابنه يزيد حيث ورد عن أحمد بن حنبل أن معاوية ملأ الأرض عدلاً كالمهدي.. كما يقولون ان معاوية محبوباً من المسلمين فهو الأفضل طبقاً لحديث للرسول نقل أنه قال "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم" كما ورد في البخاري وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتعلنوهم ويلعنونكم".
سلاحهم التكفير وكراهية المخالف، وكل من لا يؤيدهم فهو مشرك فعادوا الشيعة وسموهم بالروافض ووسموهم بكل كذب ورفضوا أحاديثهم.. حتى خروج الإمام الحسين(ع) يقولون كان خطأ وأن أهل البيت لم يكن معهم حق. وتطاولوا على الله سبحانه وقالوا صفاته غير ذاته وهو غاية بالكفر لأنه جعل الصفة شيئاً آخر خارج الذات وعن الموصوف فهي آله ثان.. ومن شدة العمى لديهم أنهم يمنعون أي كتاب شيعي وهو ناتج عن قصر عقولهم وشخصيتهم فأنتجوا عصابات جاهلة لا تعي ما حولها وعاشوا بفضل شراكتهم مع آل سعود في الحكم وأفادتهم من أموال المسلمين في النفط ولو أنهم على الحاشية لكنهم يفتون مالا يضر بالملك والأمير. وبأستطاعتهم تحويل الحلال الى حرام وبالعكس وكتب عنهم زيني دحلان وقال عنهم أنهم كحمر مستنفرة، كما حاورهم الشيخ محمد جواد مغنية ولكن لم يصل الى نتيجة. أنها القدر المذكور. والمصيبة الكبرى التي تلحق بالإسلام.. وفكرهم هذا هو الذي اختاره الصهاينة وأرباب المسيحية الصهيونية التي تؤمن برجوع المسيح (ع) ولكن بشرط انتصار اليهود ويعملون من أجل نجاح إسرائيل وانتصارها ليتحقق الوعد في رؤية النبي عيسى (ع) عند رجوعه أخرى.
موضوع صحفي نشرته صحيفة اينترناشينال هيراليد تريبيون
قام الصحفي المعروف فيليب بلوند وآرديان باست بكتابة موضوع عنوانه بـ"جذور الإرهاب الإسلامي" وهو في الواقع ثمرة من ثمرات فتاوى التكفير وصراع أصحاب الفتنة وما يسمى بالتطرف، نشرته صحيفة اينترناشونال هيراليد تربيون بتاريخ 28 يوليو 2009 يقول فيه:
معظم المعلقين يحاجون بأن الإرهاب الإسلامي هو انحراف عن تعاليم الإسلام الصحيحة ويطالبون بتحديث العالم الإسلامي وفقاً لنمط الحياة الغربية آملين بتدجين الإسلام المتطرف فالقول بأن الإسلام دين سلام كلام زائف لا يستند على حقيقة ومن الخطأ تأريخيا القول أن الحرب أمر غريب على الإسلام والمقصود بالجهاد هو جهاد النفس وليس بعمل عسكري.. الإسلام منذ البداية أقام دولة تعتمد على الفتح العسكري ورسول الإسلام مات وهو قائد عسكري نجح في أقامة دولة أمتدت بعده إلى أنحاء العالم القديم بالوسائل العسكرية. والخلافة الإسلامية مزجت هذه الدولة بين المجتمع الديني والدولة الإمبريالية ذات الطابع الأمبراطوري وهذا الأزدواج يكشف لنا كيف يمكن للإسلام أن يكون دولة مسالمة وحربية في نفس الوقت فيما ينص الدين أنه لا اكراه في الدين لكن يرى الإسلام واجبه المقدس التوسع عسكرياً.. وذكر أن من مات دون أن يشارك في الغزوات فإنّه يموت دون (ايمان) ولا غرابة إذا ما طلب ابن لادن إجلاء الكافر من الأراضي المقدسة وإذا ما قال المتطرفون أنهم يقتلون بأسم الإسلام فإنهم يعتمدون على التقاليد الإسلامية. فجذور القاعدة تعود الى الوهابية التي أسسها عبدالوهاب سنة 1744 الذي دعا إلى العودة إلى الإسلام الصافي وهي "الوهابية" لا تقبل المساومة فيما تدعو له من مبادئ وقد مزجت القاعدة هذه العقيدة بالفاشية ، وكان أبو الأعلى المودودي 1903 – 1979) انتقد المجتمعات الإسلامية المعاصرة التي تطبق الإسلام ووصفها بالردة وحث المؤمنين على اعلان الجهاد ضد الحكومات التي لا تطبق الإسلام. والمودودي أثر على سيد قطب كثيراً "1906- 1966) منظر الأخوان، ومثل المودودي حيث مزج سيد قطب تاريخ كفاح النبي محمد بأيديولوجية ثورية لأحياء الخلافة وبذل النفس والرخيص في سبيل ذلك. وفكرتهما تدعو للرجوع الى العصر الذهبي للإسلام.
والمتعاطفون مع القاعدة يقرأون بشغف شديد أدب الفاشية الأوربي ويعملون لتحقيق أهداف دينية عبر وسائل غير دينية، والمجندون لهذه الدعوة ليس من طبقة المثقفين الذين ينتقدون المجتمعات الغربية وأثرها على الإسلام .
وبالتالي فالإرهاب هو ولا مفاوضات سياسية قادرة على التغلب على التوجه الإستبدادي المتشدد للإسلام والقمع المتشدد، ومهمتهم. فلا تسوية ولا توافق على ايديولوجية تسعى فرض رؤيتها على كل العالم.. والطبيعية الإسلامية إسلام بديل، والإسلام لن يعتنق العلمانية الغربية، لكنه يمكن أن ينقذ حياته عن طريق استعادة تقاليده "ديني حقيقي" مثل الصوفية قبل الفتوحات الإقليمية. الإسلام بحاجة الى استعادة السلطة الشرعية للوفاق والتطور مع المستقبل بدلاً من الوقوف ضده.
المبحث الثالث: العلاج من خلال شخصية الإنسان المكرّمة
تحدثنا عن الوهابية والتطرف الأعمى حيث تعتبر الوهابية من أخطر الحركات على الإسلام في التأريخ، وهي واقع مرّ جداً فرضه الاستعمار البريطاني بعد دراسة مستفيضة للاستشراق في التناقضات في بنية المجتمع الإسلامي وموروث العقيدة منذ الأزمان الغابرة حتى ظهرت بعض البحوث يصفون بها الإسلام بدين التطرف والطعن بشخصية النبي(ص) كما ظهر في الدنمارك من أنه لا يهمه إلا سفك الدماء ومعاشرة النساء. وقد توسعت مدارس الاستشراق في دراساتها في فرنسا حيث درست حركات الصوفية والزهد. وقد توصلوا الى أن أيجاد التطرف في البناء الإسلامي خير ضربة للإسلام والمسلمين وتقديم صور مشوهه عن الإسلام وأخذت المخابرات الأمريكية ومخابرات دول خليجية كالسعودية في تأسيس ما سمي بالقاعدة لمحاربة السوفيت في افغانستان كما أن الطالبان التي أسستها المخابرات الباكستانية بالتعاون مع السي آي أي C.I.A وكان الفكر الوهابي المدعى بالسلفي خير فكر بأسم الإسلام وكانت تهمة الارتداد واردة في هذا المجال لكل من يقوم بفعل ثابت في الشريعة فحرموا زيارة القبور. والنبي(ص) كان علناً يذهب لزيارة البقيع حيث قبور الشهداء من أصحابه ويترحم عليهم ويقرأ الفاتحة عليهم.. وظهرت آراء لا تمت للإسلام بصلة وأتهامات بالغلو وأمثال ذلك ومن المتطرفين من نادى بالتصدي بالسيف والتكفير بدل الدعوة والتوجيه كأبن تيمية ومن جاء ليحيى هذه الأفكار كمحمد بن عبدالوهاب الذي انطلق من الدرعية مقر محمد بن سعود بعد أن ترك مدينته "العيينة" وكان أن وَهَبَ نفسه لقب "الشيخ" ووهب محمد السعود لقب الإمام وبدأت عملية تأسيس الدولة السعودية على تكفير المسلمين وغزوهم واستتابتهم وكان الاتفاق أن يعمل ابن سعود على حماية ابن عبدالوهاب ونصرته ونصرة دعوته وان يتعهد الشيخ ابن عبدالوهاب بعدم مغادرة الدرعية واسناد الدولة بالدعاية الدينية. ومن العجيب هنا أن يمنح محمد بن سعود لقب أمام وهو بعيد عن هذا اللقب كل البعد والغيت الضرائب التي يأخذها ابن سعود وابدلت بالغزو والنهب من المسلمين بأعتبارهم كفاراً وتحصيل الغنائم التي هي سرقات واضحة. ومما قاما به أستباحة الحجرة النبوية الشريفة وغزو كربلاء وسرقة أموال حجرة النبي(ص) وكذلك من كربلاء حتى أصبح أهل الدرعية أغنياء وأصحاب مجوهرات واصبح ابن سعود سلطان الجزيرة. وهو ما دعى محمد علي باشا الكبير خديوي مصر لقتال الوهابيين عام 1222هـ - 1807م.
وفي البداية لم يتمكن جيش محمد علي باشا فأرسلت له تعزيزات وهزم الوهابيون شر هزيمة عام 1233 – 1818 واسترد الحجاز بعد حصار الدرعية فاستسلم عبدالله بن سعود اذا مات محمد آنذاك استسلم الى ابراهيم بن محمد علي باشا. ونقل عبدالله بن سعود وأركان دولته الى القاهرة ومنها الى الاستانة عاصمة السلطة العثمانية وحوكموا هناك عن جرائمهم منها محتويات الحجرة النبوية الشريفة ومحتويات كربلاء ، ومقام الإمام الحسين السبط(ع) وأضرحة أهل البيت وحكموا بالاعدام ويرجح تم الأعدام بقطع الرؤوس قرب ساحة جامع أياصوفيا بقلب الاستانة (اسطنبول) وأصبح محمد علي باشا حاكما لمصر والحجاز.
لكن الانكليز أخذوا يشجعون القبائل وعائلة آل سعود وقدموا لهم بعض المساعدات للغزو والحروب وقد هرب بعض الأمراء السعوديين من القاهرة ومنهم فيصل بن تركي الذي حكم عليه 5 سنوات (1254 – 1259) (1838 – 1843) وقد تأسست في هذه الحقبة أمارة من قبيلة شمر عرفت فيما بعد بأمارة ابن رشيد. لكن الغزو كان مستمراً مع الحروب وحدثت حرب مع الكويت وتصدى لها مبارك الصباح. وأستطاع عبدالعزيز آل سعود من استغلال الصراع بين آل رشيد وآل مبارك وبمساعد البريطانيين حيث انتفض بالرياض وتسلقوا ليلاً سور الرياض ووصلوا الى الحاكم عجلان العجلان المكلف من آل رشيد وقبض عليه وعلى النساء وقتل عجلان ونادى مؤذن أن الملك لله ولعبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود فحارب ضد آل رشيد وضد العثمانيين وضد اليمن وضد الاشراف وأصبح سيد الجزيرة وتأسست الدولة على جماجم تقدر بـ (700) ألف جمجمة وانشغل عبدالعزيز وابنه الكبير تركي وتوفي في عام 1953 بعدها تمت عقود النقط.. وقد أوصى ولدية فيصل وسعود بمسك السلطة وكان عبد العزيز يعارض الحكام العرب آنذاك بدخول الجيوش العربية الى فلسطين عام 1948.
وهكذا انطلقت الوهابية وحكام آل سعود وأصبح النفط السعودي يسوق وفق آراء البريطانيين وحدث ما حدث ليس بصدده الآن . وبلغت الوهابية أفكارها وأستمر محمد بن عبدالوهاب حتى موته عام 1206- 1792.
من هذا نفهم أن هذه الحركة قامت على الغزو والسلب والنهب والقتل ولم يقف أمامها أي محرم أو حرمات وتجذرت هذه الافكار وفرخت القاعدة وطالبان وداعش والنصرة وأمثالها لذا كيف السبيل لمعالجة هذه الظاهرة؟
فعلى الرغم من أن الإسلام يواجه التكفير والتعصب الطائفي وباعتباره دين الحرية والعدالة والحقوق ودين العلم والعمل وعدم الاكراه كما تصرح فيه نصوص الآيات القرآنية والسلوك النبوي والخلافة الإسلامية.. فهو يؤكد أيضاً على التعددية بأعتباره جعل تكويني حيث يقر بذلك العقل والفطرة.. لكن الؤامرة التي حيكت ضد الإسلام وأصبحت أمراً واقعاً لابد لها من حلول وأيقاف هذه المؤامرة وندرج في أدناه أهم الخطى العلاجية لذلك.
أولاً/ لابد من حل ستراتيجي قاطع يضع في الحسبان:
1 – تشخيص المؤامرة وتشخيص الدوافع لها ومتابعتها من البداية والعمل على تجفيف ذلك بقطع كل الروافد.. لابد من وضع الخطط المتنوعة للتعامل مع هذه الظاهرة. وكيفية سيطرة الواقع السياسي والاجتماعي وتحليله ووضع الجواب لذلك. وهذا لا يتم إلا:
2 – اجتماع ممثلين من علماء المذاهب الإسلامية من كل البلاد الإسلامية على مستوى مفتي للنظر في هذه المسائل وأصدار وثيقة يلتزم بها الجميع وكل المسلمين وتفويت الفرصة على التكفيريين وعزلهم وكشف انتمائهم غير الإسلامي المعادي للإسلام.
3 – بناء ثقافة يتبناها علماء المسلمين ولابد أن تحتوي على الحقائق الإسلامية كقول الشيخ أحمد الطيب رئيس الأزهر الشريف حين قال:
"انّ التكفير شرعاً هو حق الله وحده وليس من حق أي شخص أو جماعة تكفر أحداً".
وقوله أيضاً وللحديث لشيخ الأزهر "الإسلام لا يكفر المسلم مادام ينطق الشهادتين ويصلي الى القبلة، وانتشار ظاهرة التكفير ستضعف المجتمع الإسلامي".
وكان شيخ الأزهر يدعو علماء المسلمين لتشخيص داء التكفير التي صنعت هذه الفوضى.
4- التأكيد على قوة الإسلام وسعته ليتعايش فيه مختلف الانتماءات والتنوعات وليس هناك أدل من عهد الإمام أمير المؤمنين إلى واليه على مصر مالك الأشتر النخعي بقوله "وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سًبعاً ضارباً تغتنم أكلهم. فأنهم صنفان إما أخ لك في الدين وأما نظير لك في الخلق" وهذه الكلمة الأخيرة النظارة في الخلق هي ما يستحق بها الإنسان الكرامة والأنصاف وبسط القانون والمساواة لأن الإنسانية مورد تكريم واحترام دون بقية الموجودات .
بل هناك نظرة عالمية ورائعة للإسلام كيف حافظ على هذا الإنسان أنه حتى في القصاص للقاتل نرى يفضل الإسلام العفو رغم الجرم الكبير في القتل لأن الإنسان أفضل مخلوقات الله وقد كرمه وحمله الله في البر والبحر وأيضاً رزقه من الطيبات.
5- لا يؤمن الإسلام بالاكراه في العقيدة ويرفضها رفضاً باتاً. ولعل الآية الكريمة اكبر شاهد بقوله تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ، وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) (يونس/ 99-100). وهو ما يدل دلالة واضحة على ان الله اعطى الحرية للناس بالفعل أو الترك، وفي الآيتين يثبت الله أن حرية الإنسان مصونة ولكن بمشيئة الله ليس بجبر ولا تفويض. سبحان رب العزة عما يصفون.
وقد أكد النبي الكريم(ص) بعدم الأكراه على أعتناق الإسلام وأعتبر الأكراه على الدين بدعة([6]).
ثانياً/ التأكيد على أن الإسلام يخلو من التكفير إلا ما جاء في الآيات القرآنية. بل الإسلام يدفع الكثير بالشبهات ويفضل العفو على القصاص واحكامه اعتبارية.. والقصص كثير في هذا الشأن فعن شيخ المذاهب وأستاذها الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) "ملعون ملعون من رمى مؤمنا بكفر ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله".
ولا تكفير بين المذاهب للتشابه بينها والانفتاح الفكري بين المذاهب الإسلامية والأصول المشتركة والأركان وغيرها. والتكفير قضية سياسية لا دخل لها في الدين ابتدعها الخوارج وأصبحت سيف يشهره من يريد بوجه خصومه.
ثالثاً/ لا يوجد في الإسلام أي أضطهاد فكري قط والقرآن الكريم حافل بذلك فالحوار بين أبليس ورب العزة سبحانه دليل واضح أن كل شيء في الإسلام خاضع للعلم والعدل والعقلانية ولا يوجد أضطهاد ولا أجبار بل كل شيء خاضع للحوار إنّ جميع الأنبياء مارسوا الحوار بدء من خلق الخليقة وحوار ابليس مع الله جل شأنه واكتشاف تكبره وتعصبه خلاف الحقيقية والعدالة إلى حوار قابيل وهابيل وأفحام هابيل لقابيل مما اضطر الأخير الى أن تأخذه العزّة بالأثم ويقدم على قتل أخيه كما بفعل الصهاينة الداعشيون اليوم ومن قبلهم الوهابيون الخوارج على الإنسانية وتمسكهم بأفكار غريبة على الإسلام. وحوار النبي نوح (ع) وعناد أصحابه رغم انكشاف الحق وتعنتهم في هذا الأمر حتى ألقى الحجة كاملة بلا نقص. وحوار إبراهيم واعترف قومه بحجته لكنهم تأخذهم العزّة بالأثم ويوسوس لهم الشيطان. فيرمون النبي المعظم ابراهيم (ع) في النار وهو ما يقوم به الوهابيون مع الأخرين والغاء الأخر تماماً لغلوهم وتمسكهم بالباطل وضعف افكارهم وتوجههم وعدم نضوج عقيدتهم الموضوعة من قبل غير مسلمين لا يفهمون الإسلام وأحكامه، فظهرت عقيدتهم ناقصة متناقضة لا حل لهم إلاّ التمسك بها تعصباً ومخالفة الكتاب والسنة وعدم قبول الآخر الذي هو على حق. بل أكثر من ذلك محاولة استئصاله بفتاواهم المنبوذة. وهو عمل داعش الأخرى.. وحوار عيسى مع اليهود ومناظراته وحوار موسى مع فرعون من قبل وغلبته(ع) لابد من نشر هذه الثقافة بين الناس وخلو الإسلام من العنف الطائفي وكل انتهاك لحرمة هذا الإنسان بل الحيوان وكل ماله قيمة وروح.
إن الاستبداد وتجاهل الآخر وتهميشهم ليس من واقع الإسلام على الإطلاق وأولئك حملة الإسلام ومبلغوه وناشروه فمن أين هذه الافكار الموهنة. كما يقول الاخطل:
أولئك آبائـــي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يــــا جريـر المجامع
رابعاً/ إن أخطر عمل لمحاربة الإسلام هي الحركة الداعشية الوهابية الصهيونية الصنع لدرجة المضحك المبكي بأبتداع أمور ومضحكة على الإسلام . كجهاد النكاح لنساء تركن ازواجهن واجبار النساء والبنات على الزواج، وتوالي ما يسمى بالمجاهدين على المرأة بنكاحها كل ساعة أو ساعتين بمجرد أن ينتهي فيكبر ويطلق ثم يدخل الآخر ليكبر ثلاث وتحريم الخيار والموز للنساء إلا بعد تقطيعه قطعاً صغيرة وحرمة جمع الطماطة والخيار وحرمة قيادة السيارة للنساء. و.. و... الخ.
تحت لافتة الإسلام الحنيف والإسلام برئ من كل ذلك لماذا لا يثور العلماء الربانيون على ذلك ومحاربة أمريكا الخبيثة وبريطانية الأخبث والصهيونية الإسرائيلية وتركيا العثمانية المارقة وكشف زيف ذلك ومقاطعة البضائع.
إن التواني في ذلك لهو أخطر من أعمالهم، إن حركة العولمة والعلمانية والألحاد تزداد يوماً بعد يوم حتى وصلت أعداد الملحدين في مصر وحدها الى أكثر من 3 ملايين ملحد. من المسؤول أيها العلماء الربانيون ليس المسألة شيعية ولا سنية المسألة مؤامرة عظمى ضد الإسلام وأسس الإسلام وشريعة الإسلام. ولا تصدقوا ذو الوجهين الكاذبين، تحرم المجاملة والاحترام الكاذب من يمول القاعدة وداعش والنصرة وأمثالها اليست دول الخليج العربية وممالك دولار البترول أليست السعودية وقطر والإمارات ومؤسسات الكويت التي تسمى بالخيرية وأمارة البحرين المارقة وشعوبهم تضج بالولايات والظلم والحرمان والاستبداد.
الساكت عن الحق شيطان أخرس. ارفعوا اصواتكم يا علماء الدين. ولا تلهوا الأمة بمؤمرات صامته والحفر يجري تحتكم.. وإلا فتنحوا عن التصدي لقيادة المسلمين. فالتيارات الكافرة المارقة التي تسمى بالمتطرفة نشأت في فتاوى ما يسمون بعلماء الفتنة الذي يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض والعلماء يجاملون إلا من حركته غيرته. حينما انبثقت الثورة الإسلامية في إيران تخندق العلماء منهم من اصطف مع التيار الأمريكي ومنهم من قادته العصبية الطائفية وعميت عيونه وغشت قلبه غشاوة لأضعاف الثورة ومبادئها الإسلامية الأصلية إلا من نور قلبه الإيمان.
اين الذين يخافون من أوهام المد الشيعي فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها وأعلنوا بكل وقاحة بمناصرة المجاهدين في النصرة وداعش!!! ما الدافع؟؟ ما الوازع؟ ما المسوغ الشرعي؟؟ ليقودوا الجهلة والغفلة في هذا الطريق. نمدح أمريكا لأنها تساعد ما يسمى بالمجاهدين حتى انكشف هذا العالم وذاك من الأرهابيين أنفسهم ووضعوا على قوائم المحاكم وقوائم الأرهاب في مصر والإمارات. صدق رسول الله (ص) "إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يولى عليكم شراركم فتدعون فلا يستجاب لكم" لم تأت هذه الأخطار والتكفير والمؤامرات إلا عند فراغ الساحة من العلماء المخلصين العاملين لله "إلا القلة منهم" إنها الطامة الكبرى. لمن لم يع وظيفته ومسؤوليته.
خامساً: إن علماء السنة الأفاضل والثابتون على الحق والواعون لزمانهم ومؤامرة اعداء الإسلام عليهم أن يقفوا موقفاً شجاعاً مسؤولاً ، ضد هذه الحملة الشرسة فداعش وأمثالها تدعى الإسلام السني وأن هذه الأفكار أستقت مبادئها وأفكارها من المصادر السنية كأبن تيمية وابن عبد الوهاب وبني أمية وأمثالهم فلابد من كشف الحقائق وتعرية هؤلاء للأمة وأن السنة براء من هذه الأفكار ويحرم على على كل مسلم سني ايواء وأحتضان هؤلاء المارقين أو.. تزويجه ومساعدته وأن هذه الأعمال من عمل أمريكا والحركة الصهيونية والوهابية بمساعدة أموال النفط القطرية والسعودية ودعم الحكومة التركية المحالفة للغرب ضد المسلمين وبلا مجاملة وإلا لا يحل لحم الخنزير الذي كتب عليه ذبح إسلامي أبداً.
يقول الدكتور محمد يونس في فصل التكفير والحسية والقانون في صفحة 22 "إن الدين كفل للإنسان حرية الاعتقاد بنصوص قاطعة لا لبس فيها ولم يرد عن الرسول(ص) أنه طبق الحد على أحد من الناس حتى في حالة أهدار دم عبدالله بن أبي سرح الذي عفا عنه في وقت لاحق بعد وساطة عثمان بن عفان" ([7]). كما ارتبطت هذه الحالة بالحسبة التي لم تنظم بالشكل الذي يمنع غير ذوي العلاقة بالتعدي على الآخرين وسلب حقوقهم الفكرية والإنسانية وقد وضح الشيخ عبدالعزيز البشري في كتابه "الإسلام دين الفطرة والحرية" ما علق من مسائل لا تمت للدين بصلة حتى مسألة الردة فقد بحثت لدى الفقهاء ونوقشت الأحاديث الواردة فيها كما في كتاب "الردة" للشيخ سيد سابق، إذ الردة موجودة في الشرع ولكن في تطبيق ذلك، فمن أين جاءت بدعة تقطيع الرؤوس وقتل الأطفال والنساء وسبيهم وبيعهم وسرقتهم أليس داعش أخت لبوكو حرام في أفريقيا والمنبع واحد معروف هم الأمريكان والصهاينة وداعيميهم.
إنّ البعد بين علماء الإسلام ومراكز القرار الإسلامي له الأثر البالغ في قوة الإرهاب والتكفير. كما أن شيوخ الدولار النفطي لهم الأثر الكبير في تفريق الأمة. وكذلك شيوخ الفتنة ودعاتها هم البنزين الذي أذكى عمل الأرهاب والطائفية البغيضة التي يثيروها هؤلاء من وهابيين وجهال لها الأثر البالغ أيضاً.. الأمر الذي شجع الحاكم المستبد أن يستعين بهؤلاء. كما حكموا على سيد شباب أهل الجنة الأمام الحسين (ع) بالخارجي في دولة معاوية بن أبي سفيان ، واقتادوا بنات رسول الله(ص) سبايا الى الشام والأنكى يمجد هؤلاء الآن باسم الإسلام.
إن هذه الأفتراءات شجعت الكثير ليكتبوا ضد الإسلام ويصفوه بما يحلو لهم من السلبيات المقززة ، فهل سيقوم مراجعنا العظام الى حملة لإيجاد مجتمع خال ممن يدعون الإسلام بلجم الحكام الخونة بالإستعانة على هؤلاء وحصر هؤلاء بالزاوية الحرجة بكشفهم للأمة الإسلامية إن كان فيها عرق ينبض، ومن ثم بناء مجتمع خال من العنف والتطرف.. لقد ذهب العلماء الى أن الإسلام يثبت للمعين بمجرد نطقه بالشهادتين أو التظاهر ببعض شعائر الإسلام وخصائصه.
خلاصة البحث
لا ريب أن ظاهرة التكفير التي أصبحت سمة عصرنا وتمادى فيها صناعها تعتبر من اخطر ما مرَّ على الإسلام في محاربته وازاحته عن ساحة الكون لأنّه يعتبّر العائق المهم أمام طغاة العصر لإنجاز مهامهم العدوانية والأمبريالية ضد مستضعفي العالم وبالتالي فهو موضوع جدير بالإهتمام والبحث.
ولم تكن هذه الظاهرة وليدة يومها بل هي مؤامرة فتش صناعها عن أهم ما يشوه الدين الإلهي دين الرحمة في بطون الكتب، حتى ظفر المستشرقون بهذه الظاهرة كمصطلح طوروه ليتخذوا منه آلة طيعة تحارب الشيء في نفسه.. وكانت افكار محمد بن عبدالوهاب من أخبث الوسائل التي يمكن استخدامها لتشويه الإسلام وتفريق جماعته بعد تطويرها وتبويبها وأعتماد من يفتى لدعمها، فضلاً عن الحركات المتطرفة والمصطنعة مقدماً.
فكتبت في هذا الموضوع الذي وسمته بـ(الغطاء الديني للدافع السياسي للتكفير) بعد أن ذكرت بماهية الإسلام المسالمة والسلمية والهادفة للحرمة والعدل والمساواة ونبذ الكراهية والعنف والاكراه وكيف وصف الله الإنسان بأنه سيد مخلوقاته كرمه وأكرمه منذ خلقته وحتى مماته وسخر له ما في الأرض جميعاً وكيف يدفع الأمور بالشبهات وكم شدد على من يفتون برأيهم ويبتدعون ما يريدون حيث في ذلك هدم للبشرية والمجتمع الإنساني، وجعل بني البشر أخوة في خلقهم وتماثلهم وفطرتهم وحياتهم وعلاقاتهم وأن التكفير مصطلح إسلامي نقيض الإيمان.. ومن كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون، وأن مصطلح الكافر في القرآن الكريم هو كل ما ليس بمسلم مشركاً أو وثنياً أو ملحداً.. ونظم علاقة المسلم بالكافر بأعتبار الإسلام هو الدين العالمي الخالد لبني البشر فعمد إلى نشر التوحيد والعدل والسلام بين بني البشر جمعاء ويترفع عن الكراهية والحقد والتفرقة ويحذر من اليهود وأمثالهم ومن دسائسهم في حبك المؤامرات لأهل الدين. "اليهود أشد عداوة للذين آمنوا".
لقد أوضحت حول تاريخ التكفير وآلياته ومدى نشأة التكفير الذي كان أساسها الوحيد هو السياسة والمصالح والآراء الزائفة والجهل المطبق.. وكان الخوارج هم أول أفاد من هذا المصطلح وهو التكفير فكفروا أمام الإسلام وأخا رسوله ونفسه (ص) الإمام أمير المؤمنين علي (ع) وآخرين لأنهم لم يفهموا الإسلام على حقيقته، علماً أن القرآن واضح في هذه المسألة وأن المسلم لا يحل له دم أخيه المسلم الذي تلفظ الشهادتين أو عمل ما يظهر أسلامه، وضرب الله الأمثال مع الأمم السالفة كيف خانت المواثيق فردوا الى أشد العذاب كما تشير الآيات الكريمة 84 – 86 في سورة البقرة المباركة إذ يصور القرآن أن الأمة هي نفس واحدة والبشر نوع واحد فلا يحل سفك الدماء بل حتى في القصاص للقتلى فالخالق الكريم حبب العفو في ذلك.
ولما خفت عاصفة الخوارج ظهر في القرن السابع أبن تيمية بأفكار لا يثق فيها هو نفسه حتى نبذه الناس والأمة جميعها فسجن ومات في سجنه. ثم جاء ابن وعبدالوهاب ليحيي تلك الأفكار التي تبعد عن تشريع الله تعالى، فكنت الوهابية الغذاء والسيف الحاد بيد أعداء الإسلام وأقباله ليعيش المسلمون برعب دائم وخوف ما أنزل الله به من سلطان، وهو مخالف لكل شرائع البشر. لقد أوجد هذه الآلة محمد بن عبدالوهاب ليحقق طموحاته وطموح أشراره من الأنكليز والاسرائيليين .. وكانت القاعدة وطالبان ثم داعش والنصرة وبوكوحرام وغيرهم ليعيثوا في الأرض فساداً باسم الإسلام.
ويصبح التكفير السلاح الفتاك لاستلام العالم وتسليمه الى أمريكا والصهيونية العالمية لوضع منطقة العالم الإسلامي بيد وجيب الصهيونية العالمية، فكانت مادة خام لتوجيه التهم للإسلام.
ولكن ما العمل وما هو العلاج؟
هنا وضعناً أسساً في هذه الطريق واعتمدناها قضية وسلاح لمحاربة الخصوم. إنها المؤامرة الكبرى التي اشتركت فيها الصهيونية العالمية والمسيحية الصهيونية بمساعدة ذيولها بالمنطقة من أصحاب الدولار النفطي بلا أدنى حياء وتركيا العثمانية ذلك الاستعمار البغيض.. لقد نفذت المؤامرة منذ تأسيس طالبان ودولتهم على أيدي الباكستان والسعودية وأمريكا وسقوطها على أيديهم بعد أنجاز المهام وجاءت القاعدة ثم أفراخها داعش والنصرة وبوكوحرام ومشتقاتها في العالم الإسلامي لسحق كل ما يحيط بأسرائيل وتدميره واراحة اسرائيل مما ينغصها فدمرت سوريا والعراق ومصر ولبنان وفلسطين وحتى ليبيا وتونس والوقوف على منابع المياه وحقول النفط أنها الضربة الموجعة.
لقد وضعت مجموعة حلول للتخلص من هذا الغول الجديد والخط المحدق بالإسلام وأهله وكان لابد للعلماء أن يقفوا عند مسؤولياتهم لاسيما ممن يحتمون بهم من السنة وهم براء وممن يحتضنوهم من المسلمين السنة ويفرضوا عليهم فروضاً أقرب للخيال منها الى الحقيقة.
انها الوهابية المغذية للفكر والمال والفتوى وأنها تركيا العثمانية البوابة المعتمدة لذلك وذيل الناتو في المنطقة أنها الصهيونية العالمية والأمبراطورية الأمريكية أمبراطويرة الشر والفساد ومعهم أهل الاطماع.
لقد شخصت المؤامرة واتباعها وصناعها وما على البلاد إلا وضع الحدود الناجعة والستراتيجية التي ذكرتها في بحثي بائعين جماجمهم لله تعالى في جهاد العلم والعمل وكشف علماء الفتنة وفضحهم. أنها أمانة بيد علماء الأمة وعليهم أن يقوموا بمسؤوليتهم بوحدة الكلمة واللقاء والموقف والحزم ويضعوا الحلول للمواجهة في وجه الغزاة اللااسلاميين والله الموفق لكل المؤمنين ولكل خير.
[1]- أصول الإيمان، عبدا القاهر التميمي صفحة 261.
[2]- أصول الدين: صفحة 262.
[3]- المصدر السابق صفحة 262.
[4]- بحث ظاهرة التكفير وعلاجها ـ الشيخ حسين الراضي.
[5]- ابن عربي موطد الحكم الأموي في نجدـ الباحث حمد الجاسر طبع الرياض 1414 وبالمناسبة ابن العربي هذا غير ابن العربي الشيخ محي الدين المتوفى 638 صاحب الفتوحات المكية ونصوص الحكم وغيرها. وغير ابن العربي الأندلسي أبي بكر المنحرف صاحب العواصم.
[6]- بحث للشيخ حسين الراضي ـ مصدر السابق.
[7]- الدكتور محمد يونس، التكفيريين الدين السياسة صفحة 22 قدم له الدكتور عبدالمعطي بيومي ـ عميد كلية اصول الدين ـ جامعة الأزهر ـ أصدار مركز القاهرة لحقوق الإنسان.