@ 396 @ غير كاف في العمل بهن ولا ملجئ إليه ؛ وإن كان محفوظاً به من المخالفة لزم أن لا يعصي العالم إذا كان من الراسخين فيه ، لكن العلماء تقع منهم المعاصي ما عدا الأنبياء عليه السلام . ويشهد لهذا في أعلى الأمور قوله تعالى في الكفار : ( ^ وجحدوا بها ، وأستيقنتها أنفسهم ظلماً ، وعلوا ) ) . وقال : ( ^ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) ) . وقال : ( ^ وكيف يحكمونك ، وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك ؟ ) وقال : ( ^ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق 1 ) ثم قال : ( ^ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) وسائر ما في هذا المعنى ، فأثبت لهم المعاصي والمخالفات مع العلم . فلو كان العلم صاداً عن ذلك لم يقع . .
والثاني : ما جاء في ذم العلماء السوء ، وهو كثير ، ومن أشد ما فيه قوله عليه السلام : ( إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه ) ) وفي القرآن : ( ^ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ؟ وأنتم تتلون الكتاب ؟ 1 ) وقال : ( ^ إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) الآية . وقال : ( ^ إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ، ويشترون به ثمناً قليلاً ) الآية . وحديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ، والأدلة فيه كثيرة ، وهو ظاهر في أن أهل العلم غير معصومين بعلهم ، ولا هو ما يمنعهم عن إتيان الذنوب ، فكيف يقال : إن العلم مانع من العصيان ؟ فالجواب عن الأول . أن الرسوخ في العلم يأبي للعالم أن يخالفه ، بالأدلة المتقدمة ، وبدليل التجربة العادية ، لأن ما صار كالوصف الثابت لا يصرف صاحبه إلا على وفقه اعتياداً ، فإن تخلف ، فعلى أحد ثلاثة أوجه :