[35] هذه صفة بيعة يزيد منذ أول الأمر ولما هلك أبوه ازدلفت إليه رواد المطامع نظراء ابن عمر في نهيق ورغاء يجد دون ذلك الإرهاب والإطماع، فمن جراء تقريرهم بيعة ذلك المجرم المستهتر، وتعاونهم على الإثم والعدوان، والله يقول: تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وشقهم عصا المسلمين، وخلافهم الأمة الصالحة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، جهز يزيد جيش مسلم بن عقبة، وأباح له دماء مجاوري رسول الله صلى الله عليه وآله وأموالهم، فاستباحها ثلاثة أيام نهبا وقتلا، وقتل من حملة القرآن يوم ذاك سبعمأة نفس، وحكى البلاذري: إنه قتل بالحرة من وجوه قريش سبعمائة رجل وكسر، سوى من قتل من الأنصار، وفيهم ممن صحب رسول الله صلى الله عليه وآله جماعة، وممن قتل صبرا من الصحابة عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، وقتل معه ثمانية من بنيه، ومعقل بن سنان الأشجعي، و عبد الله بن زيد، والفضل بن العباس بن ربيعة، وإسماعيل بن خالد، ويحيى ابن نافع، وعبد الله بن عتبة، والمغيرة بن عبد الله، وعياض بن حمير، ومحمد بن عمرو بن حزم، وعبد الله بن أبي عمرو، وعبيد الله وسليمان ابنا عاصم، ونجا الله أبا سعيد وجابرا وسهل بن سعد (1) وقد جاء في قتلى الحرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إنهم خيار أمتي بعد أصحابي (2) ثم بايع من بقي على أنهم عبيد ليزيد ومن امتنع قتل (3) ووقعت يوم ذاك جرائم وفجائع وطامات حتى قيل: إنه قتل في تلكم الأيام نحو من عشرة آلاف إنسان سوى النساء والصبيان، وافتض فيها نحو ألف بكر، وحبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج (4) ولما بلغ يزيد خبر تلك الوقعة المخزية قال: ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل (5) فاتبع ابن عمر في بيعة يزيد إجماع أولئك الأوباش سفلة الأعراب وبقية الأحزاب ولم يعبأ بإجماع رجال الحل والعقد من أبناء المهاجرين والأنصار، وخيرة الخلف للسلف ________________________________________ (1) أنساب البلاذري 5: 42، الاستيعاب 1: 258، تاريخ ابن كثير 8: 221، الإصابة 3: 473، وفاء الوفاء 1: 93. (2) الروض الأنف 5: 185. (3) لسان الميزان 6: 294. (4) تاريخ ابن كثير 8: 221، الإتحاف ص 22، وفاء الوفاء 1: 88. (5) أنساب الأشراف للبلاذري 5: ص 42. ________________________________________