[33] والشره، فركضوا إلى البيعة ضابحين يقدمهم عبد الله فبايعه بعد أبيه وكتب إليه ببيعته، ونصب عينه الناهض الكريم، والفادي الأقدس، الحسين السبط سلام الله عليه المتحلي بآصرة النبوة، وشرف الإمامة، وعلم الشريعة، وخلق الأنبياء، والفضائل المرموقة، سيد شباب أهل الجنة أجمعين، وقد حنت إليه القلوب، وارتمت إليه الأفئدة فرحين بكسر رتاج الجور، ورافضين لمن بعده. لكن الرجل لم يتأثر بكل هذه ولم يرها خلافا، ونبذ وصية نبيه الكريم وراء ظهره ولم يعبأ بقوله صلى الله عليه وآله إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها: كربلا. فمن شهد ذلك منكم فلينصره (1) نعم: نصر ذلك المظلوم قرة عين رسول صلى الله عليه وآله بتقرير بيعة يزيد. وحسبانها بيعة صحيحة، كان ينهى عن نكثها عند مرتجع الوفد المدني من الشام وقد شاهدوا منه البوائق والموبقات معتقدين خروجه عن حدود الاسلام قائلين: إنا قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويضرب عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسامر الحراب والفتيان، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه. فتابعهم الناس (2) وقال ابن فليح: إن أبا عمرو بن حفص وفد على يزيد فأكرمه وأحسن جائزته، فلما قدم المدينة قام إلى جنب المنبر وكان مرضيا صالحا فقال: ألم أحب ؟ ألم أكرم ؟ والله لرأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة سكرا. فأجمع الناس على خلعه بالمدينة (3). وكان مسور بن مخرمة الصحابي ممن وفد إلى يزيد، فلما قدم شهد عليه بالفسق وشرب الخمر فكتب إلى يزيد بذلك فكتب إلى عامله يأمره أن يضرب مسورا الحد فقال أبو حرة: أيشربها صحباء كالمسك ريحها * أبو خالد والحد يضرب مسور (4) قد جبههم ابن عمر بما جاء هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما فصلناه في الجزء السابع ________________________________________ (1) الإصابة 2: 68. (2) تاريخ الطبري 7: 4، أنساب البلاذري 5: 31، فتح الباري 13: 59. يأتي الحديث على تفصيله في هذا الجزء. (3) تاريخ ابن عساكر 7: 280. (4) أنساب الأشراف للبلاذري 5: 31. ________________________________________