[30] ما تمت لعلي عليه السلام ؟ ولم يكن متقاعس عن بيعته سلام الله عليه إلا شرذمة المعتزلة العثمانيين وهم سبعة وثامنهم ابن عمر كما مر في الجزء السابع ص 142، فما الذي جعل بيعة أناس معدودين لم تبلغ عدتهم عشرة إجماعا واتفاقا في بيعة أبي بكر، وأوجب على ابن عمر اتباعهم، وحرم عليه التزحزح عنهم ؟ وجعل إجماع الأمة من المهاجرين والأنصار ورجال الأمصار على بيعة علي أمير المؤمنين وتخلف عدة تعد بالأنامل عنها خلافا وتفرقا ؟. وليت ابن عمر إن كان لم يأخذ بحكم الكتاب والسنة في الاستخلاف كان يأخذ برأي أبيه فيه وقد سمعه يقول: هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ثم في أهل أحد ثم في كذا وكذا، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شئ. (1) وقال في كلام له: لا تختلفوا فإنكم إن اختلفتم جاءكم معاوية من الشام وعبد الله ابن أبي ربيعة من اليمن فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم، وإن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء (2). ولعل هذا الرأي كان من المتسالم عليه عند السلف وبذلك احتج مولانا أمير المؤمنين على معاوية في كتاب له كتب إليه بقول: واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، ولا تعقد معهم الإمامة، ولا يدخلون في الشورى (3). وكتب ابن عباس إلى معاوية: ما أنت وذكر الخلافة ؟ وإنما أنت طليق بن طليق والخلافة للمهاجرين الأولين، وليس الطلقاء منها في شئ (4) وفي لفظ: إن الخلافة لا تصلح إلا لمن كان في الشورى فما أنت والخلافة ؟ وأنت طليق الاسلام، وابن رأس الأحزاب، وابن آكلة الأكباد من قتلى بدر. ومن كلام لابن عباس يخاطب أبا موسى الأشعري: ليس في معاوية خلة يستحق بها الخلافة وأعلم يا أبا موسى ؟ إن معاوية طليق الاسلام، وأن أباه رأس الأحزاب، ________________________________________ (1) طبقات ابن سعد ط ليدن 3: 248، فتح الباري 13: 176، أسد الغابة 4: 387. (2) الإصابة 2: 305. (3) الإمامة والسياسة 71 وفي ط 81، العقد الفريد 2: 233 وفي ط 284، نهج البلاغة 2: 5، شرح ابن أبي الحديد 1: 248، و ج 3: 300. (4) الإمامة والسياسة 1: 85، وفي ط 97، شرح ابن أبي الحديد 2: 289. ________________________________________