ولغطت بالخبر أفواه، وتلقّفته أسماع، وردّدته ألسن مولعة بالتقوال ... ولم يكن الخبر تعبيراً صادقاً كلّ الصدق، كما لم يكن أيضاً مفترىً كلّ الافتراء. قيل: فلمّا ذاع النبأ وشاع في المحافل والأندية، وبلغ الزهراء، ذهبت إلى أبيها باكيةً تقول: «يزعمون أنّك لا تغضب لبناتك»[1170]. وعرف الأب ما تعني فتاته; لأنّ بني هشام بن المغيرة قد استأذنوه في تزويج بنتهم من زوج فاطمة. فانطلق الرسول، فصعد المنبر وهو غاضب، وقال على ملأ الحاضرين: «ألا إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علياً». فاشرأبّت إليه الأعناق، وساد صمت، حلّق في جوّه الوجوم، وتعلّق حملاقهم بشفتيه كأنّما يسمعون بالعيون!