[ 188 ] قصة سابور ملك فارس قال: وذكروا أن أبا جعفر دعا إسحاق بن مسلم العقيلي، فقال له: حدثني عن الملك الذي كنت حدثتني عنه بحران. فقال: نعم أكرمك الله، أخبرني أبي عن حصين بن المنذر: أن ملكا من ملوك فارس يقال له سابور الاكبر، كان له وزير ناصح، قد أخذ أدبا من آداب الملوك، وشاب ذلك بفهم في الدين، فانتصف من أهلها فعلا ولسنا (1)، فوجهه سابور داعية إلى أهل خراسان، وكانوا قوما يعظمون الدنيا جهالة بالدين، واستكانة لحب الدنيا، وذلا لجبابرتها، فجمعهم على كلمة من الهدى يكيد بها مطالب الدنيا، واعتز بقتل ملوكهم، وتخوله إياهم (2)، وكان يقال: لكل ذليل دولة، ولكل ضعيف صولة. فلما استوثقت له البلاد، جعل إليه سابور أمرهم، وأحال عليه طاعتهم، فساس موما لا يرامونه إلى ما سبق إليه قبلهم، فلم ينتصف سابور من طاعتهم، واستمالة أهوائهم، مع ما لا يأمن من زوال القلوب، وغدرات الوزراء، فاحتال على قطع رجائه عن قلوبهم، فصمم على قتله عند وروده عليه برؤوساء أهل خراسان وفرسانهم، فقتله، فلم يرعهم إلا ورأسه بين أيديهم، فوقف بهم بين الفرقة وتخطف الاعداء، ونأي الرجعة واليأس من صاحبهم، فرأوا أن يستتموا الدعوة بطاعة سابور، ويتعوضوه من الفتنة، فملكهم ثمانين عاما. فأطرق أبو جعفر مليا، ثم قال متمثلا: لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما خروج شريك بن عون على أبي جعفر وخلعه قال: وذكروا أن أبا جعفر لما استقامت له الامور، واستولى على الملك، خرج عليه شريك بن عون الهمداني وقال: ما على هذا بايعتك، ولا بايعنا آل ________________________________________ = خالد بن إبراهيم) ثم عبد الجبار بن عبد الرحمن الازدي، ثم خازم بن خزيمة بن ناجية (وقال ابن الاثير 3 / 551 أنه بعد مقتل عبد الجبار وليها المهدي وخليفته بها السري بن عبد الله)، وجبريل بن يحيى بن ناجية، ثم أسد بن عبد الله، ثم عبد الله بن مالك الخزاعي، ثم أبو عون الحمصي، ثم حميد بن قحطبة مات بها واستخلف أبنه عبد الله بن حميد. (1) اللسن: البلاغة. (2) أي جعلهم خولا: خدما وعبيدا. (*) ________________________________________