[ 177 ] في السلاح، أعينهم تزهو من تحت المغافر (1)، على عواتقهم السيوف مشهورة، وعمد الحديد بأيديهم. فأتى ابن هبيرة بوسادة، فطرحت له، فجلس عليها، ثم دعا الحاجب بالقواد، فدخلوا على أبي جعفر، ثم خرج سلام بن سلام فقال: ادخل يا أبا خالد. قال: ومن معي ؟ قال: إنما استأدنت لك، فدخل، فوضعت له وسادة فجلس، فحدثه أبو جعفر طويلا (2) ثم نهض فركب، فأتبعه أبو جعفر بصره حتى انصرف. قتل ابن هبيرة قال: وذكروا أن أبا العباس كتب إلى أبي جعفر: أن اقتل ابن هبيرة، فراده أبو جعفر بالكتاب. فكتب إليه أبو العباس: والله لتقتلنه أو لابعثن إليك من يخرجه من عندك (3)، ويتولى ذلك عليك. وكان ابن هبيرة إذا ركب إلى أبي جعفر، ركب في ثلاث مئة فارس، وخمس مئة راجل، فقدم يزيد بن حاتم على أبي جعفر، فقال: أصلح الله الامير، ما ذهب من سلطان ابن هبيرة شئ، يأتينا فيتضعضع (4) به العسكر. فقال أبو جعفر: يا سلام قل لابن هبيرة لا يركب في مثل تلك الجماعة، وليأتينا في حاشيته. قال عدي: فأصبحنا، فخرج ابن هبيرة أيضا في مثل تلك الجماعة الذين كانوا يركبون معه، فخرج إليه سلام فقال: يقول لك الامير ما هذه الجماعة ؟ لا تسيرن إلا في حاشيتك، فتغير وجه ابن هبيرة. فلما أصبح أتى في نحو من ثلاثين رجلا قال له سلام: كأنك إنما تأتينا مباهيا. فقال ابن هبيرة: إن أحببتم أن نمشي إليكم فعلنا. فقال سلام: ما نريد بذلك استخفافا بك، ولكن أهل العسكر إذا رأوا جماعة من معك غمهم ذلك، فكان هذا من الامير نظرا لك (5)، فمكث طويلا جالسا في الرواق. فقيل له: إن الامير يحتجم، فانصرف راشدا، فلم يزل يركب يوما ويقيم آخر، لا يجئ إلا في رجلين أو غلامه، وقد ختموا على الخزائن وبيوت الاموال، وجعل القواد ________________________________________ (1) المغافر: جمع مغفر بكسر الميم وسكون الغين، زرد من حديد منسوج على هيئة حلقات يلبسه المحارب تحت القلنسوة على رأسه ووجهه. (2) في الطبري: ساعة. وفي الاخبار الطوال: فجلس عليها قليلا، ثم نهض. (3) في الطبري: من حجرتك. (4) يتضعضع العسكر: أي يضعف، ويفقد ثقته بقدرته. (5) زيد في الطبري: فكان بعد ذلك يأتي في ثلاثة. (*) ________________________________________