[ 72 ] خطبة موسى بن نصير رحمه الله قال: وذكروا أن موسى لما قدم ذات الجماجم، وقد توافت الجيوش بها، جمع الناس فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن أمير المؤمنين أصلحه الله رأى رأيا في حسان بن النعمان، فولاه ثغركم، ووجهه أميرا عليكم، وإنما الرجل في الناس بما أظهر، والرأي فيما أقبل، وليس فيما أدبر، فلما قدم حسان بن النعمان على عبد العزيز أكرمه الله كفر النعمة، وضيع الشكر، ونازع الامر أهله، فغير الله ما به، وإنما الامير (1) أصلحه الله صنو أمير المؤمنين وشريكه، ومن لا يتهم في عزمه ورأيه، وقد عزل حسان عنكم، وولاني مكانه عليكم، ولم يأل أن أجهد نفسه في الاختبار لكم، وإنما أنا رجل كأحدكم، فمن رأى مني حسنة، فليحمد الله، وليحض على مثلها، ومن رأى مني سيئة فلينكرها، فإني أخطئ كما تخطئون، وأصيب كما تصيبون، وقد أمر الامير أكرمه الله لكم بعطاياكم وتضعيفها أثلاثا، فخذوها هنيئا مريئا، ومن كانت له حاجة فليرفعها إلينا، وله عندنا قضاؤها على ما عز وهان، مع المواساة إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. دخول موسى بن نصير أفريقية قال: وذكروا أن موسى لما سار متوجها إلى المغرب، بقية صفر، ثم ربيع وربيع، ودخل في جمادى الاولى، يوم الاثنين، لخمس خلون منه، سنة تسع وسبعين، فأخذ سفيان بن مالك الفهري وأبا صالح الفهري، فغرم كل واحد منهما عشرة آلاف دينار، ووجههما إلى عبد الملك في الحديد. قال: وكان قدوم موسى أفريقية وما حولها مخوفا، بحيث لا يقدر المسلمون أن يبرزوا في العيدين، لقرب العدو منهم، وإن عامة بيوتها الخصوص (2) وأفضلها القباب، وبناء المسجد يومئذ شبيه بالحظير، غير أنه قد سقف ببعض الخشب، وقد كان ابن النعمان بنى القبلة وما يليها بالمدر، بنيانا ضعيفا، وكانت جبالها كلها محاربة لا ترام، وعامة السهل. ________________________________________ (2) يشير إلى عبد العزيز بن مروان. (1 (الخصوص جمع خص، وهو البيت من البوص ونحوه. (*) ________________________________________