[ 63 ] قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلم الله عليك (1) قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها، اضربوا عنقه. قال سعيد: حتى أصلي ركعتين، فاستقبل القبلة وهو يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين (2). قال الحجاج: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى، الذين تفرقوا واختلفوا بغيا بينهم، فإنه من حزبهم، فصرف عن القبلة. قال سعيد: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (3) الكافي بالسرائر.. قال الحجاج: لم نوكل بالسرائر، وإنما وكلنا بالظواهر. قال سعيد: اللهم لا تترك له ظلمي، واطلبه بدمي، واجعلني آخر قتيل يقتل من أمة محمد فضربت عنقه، ثم قال الحجاج: هاتوا من بقي من الخوارج، فقرب إليه جماعة فأمر بضرب أعناقهم، وقال: ما أخاف إلا دعاء من هو في ذمة الجماعة من المظلومين، فأما أمثال هؤلاء فإنهم ظالمون حين خرجوا عن جمهور المسلمين، وقائد سبيل المتوسمين. وقال قائل: إن الحجاج لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله، وجعل يصيح قيودنا، يعني القيود التي كانت في رجل سعيد بن جبير (1)، ويقول: متى كان الحجاج يسأل عن القيود أو يعبأ بها ؟ وهذا يمكن القول فيه لاهل الاهواء في الفتح والاغلاق. ذكر بيعة الوليد وسليمان ابني عبد الملك قال: وذكروا أنه لما فرغ الحجاج من قتل الخوارج، وتم له أمر العراق، فاستقر ملك عبد الملك، كتب إليه الحجاج ان يبايع للوليد ابنه (5)، ويكتب له عهده للناس ؟ فأبى ذلك عبد الملك، لان أخاه عبد العزيز كان حيا، وكان قد استعمله عبد الملك على مصر، وكتب إلى الحجاج يوبخه، ويقول له ما لك أنت ________________________________________ (1) في مروج الذهب: عنك. (2) الآية 79 من سورة الانعام، وليس فيها " مسلما ". (3) سورة البقرة آية 115. (4) في البداية والنهاية 9 / 115 فظنوا ذلك، فقطعوا رجليه من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود. (5) زيد في الطبري 6 / 85 وأوفد وفدا في ذلك سألوا عبد الملك إتمام الامر وقام عمران بن عصام العنزي وأنشد: ومما قاله: فلو أن الوليد أطاع فيه * جعلت له الخلافة والذماما شبيهك حول قبته قريش * به يستمطر الناس الغماما (*) ________________________________________