وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[ 157 ] وقلت فيما قلت: متى تكدني أكدك، فكدني يا معاوية فيما بدا لك، فلعمري لقديما يكاد الصالحون، وإني لارجو أن لا تضر إلا نفسك، ولا تمحق إلا عملك، فكدني ما بدا لك، واتق الله يا معاوية، واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. واعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة، وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبيا يشرب الشراب (1)، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعية والسلام. قدوم معاوية المدينة على هؤلاء القوم وما كان بينهم من المنازعة قال وذكروا أنه لما وجاوب القوم معاوية بما جاوبوه، من الخلاف لامره، والكراهية لبيعته ليزيد، كتب إلى سعيد بن العاص، يأمره أن يأخذ أهل المدينة بالبيعة ليزيد، أخذا بغلظة وشدة، ولا يدع أحدا من المهاجرين والانصار وأبنائهم حتى يبايعوا، وأمره أن لا يحرك هؤلاء النفر، ولا يهيجهم. فلما قدم عليه كتاب معاوية أخذهم بالبيعة أعنف ما يكون من الاخذ وأغلظه، فلم يبايعه أحد منهم. فكتب إلى معاوية: إنه لم يبايعني احد، وإنما الناس تبع لهؤلاء النفر، فلو بايعوك بايعك الناس جميعا، ولم يتخلف عنك احد. فكتب إليه معاوية يأمره أن لا يحركهم إلى أن يقدم، فقدم معاوية المدينة حاجا، فلما أن دنا من المدينة خرج إليه الناس يتلقونه، ما بين راكب وماش، وخرج النساء والصبيان، فلقيه الناس على حال طاقتهم وما تسارعوا به في الفوت والقرب، فلان لمن كافحه، وفاوض العامة بمحادثته وتألفهم جهده، مقاربة ومصانعة، ليستميلهم إلى ما دخل فيه الناس، حتى قال في بعض ما يجتلبهم به: يا أهل المدينة ما زلت أطوى الحزن من وعثاء السفر بالحب لمطالعتكم، حتى انطوى البعيد، ولان الخشن، وحق لجار رسول الله أن يتاق إليه. فرد عليه القوم: بنفسك ودارك ومهاجرك، أما إن لك منهم كإشفاق الحميم البر (2)، والحفى المتعاهد. ________________________________________ (1) يريد بالصبي إبنه يزيد ومعنى يشرب الشراب أنه يعاقر الخمر وكان يعلن بها، ويلعب بالكلاب أي يصطاد بها ويسلط بعضها على بعض فتتهارش. فكان همه الشراب والقنص. (2) الحميم: الصديق، والبر المخلص في صداقته، والحفى: القريب الذي يحترم صاحبه ويحتفل به والمتعاهد: الذي يداوم الحفاوة. (*) ________________________________________