[ 137 ] خذوا للحرب أهبتها، وأعدوا لها التهيؤ، فإنها قد وقدت نارها، وعلا سناها (1)، وتجرد لكم فيها الظالمون، كيما يطفئوا نور الله ويقهروكم، عباد الله، ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والجفاء، بأولى في الجد في غيهم وضلالهم وباطلهم، من أهل النزاهة والحق والاخبات بالجد في حقهم، وطاعة ربهم، ومناصحة إمامهم، إني والله لو لقيتهم وحيدا منفردا، وهم في أهل الارض إن (2) باليت بهم أو استوحشت منهم، إني في ضلالهم الذي هم فيه، والهدى الذي أنا عليه، لعلى بصيرة ويقين وبينة من ربي، وإني للقاء ربي لمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر راج، ولكن أسفا يعتريني، وجزعا يريبني من أن يلي هذه الامة سفهاؤها وفجارها، فيتخذون مال الله دولا، وعباد الله خولا، والصالحين حربا، والقاسطين حزبا (3)، وايم الله لولا ذلك ما أكثرت تأليبكم وجمعكم، وتحريضكم، ولتركتكم، فو الله إني لعلى الحق، وإني للشهادة لمحب، أنا نافر بكم إن شاء الله، فانفروا خفافا وثقالا، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله، إن الله مع الصابرين. مقتل علي عليه السلام قال المدائني: حج ناس من الخوارج سنة تسع وثلاثين، وقد اختلف عامل علي وعامل معاوية، فاصطلح الناس على شبيب بن عثمان، فلما انقضى الموسم أقام النفر من الخوارج مجاورين بمكة، فقالوا: كان هذا البيت معظما في الجاهلية، جليل الشأن في الاسلام، وقد انتهك هؤلاء حرمته، فلو أن قوما شروا (4) أنفسهم فقتلوا هذين الرجلين اللذين قد أفسدا في الارض، واستحلا حرمة هذا البيت، استراحت الامة، واختار الناس لهم إماما. فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله: أنا أكفيكم أمر علي. وقال الحجاج بن عبد الله الصريمي، وهو البرك: أنا أقتل معاوية. فقال: أذويه مولى بني العنبر، واسمه عمرو بن بكر والله ما عمرو بن العاص بدونهما. فأنا به: فتعاقدوا على ذلك ثم اعتمروا عمرة رجب. واتفقوا على يوم واحد يكون فيه وقوع القتل منهم في علي ومعاوية وعمرو، ثم سار كل منهم في طريقه فقدم ابن ملجم الكوفة وكتم أمره، وتزوج أمرأة يقال لها: قطام بنت علقمة، وكانت خارجية، وكان علي قد قتل أخاها في حرب الخوارج. وتزوجها على أن يقتل عليا. فأقام ________________________________________ (1) سناها: ضوؤها. (2) إن هنا بمعنى ما النافية أي ما باليت بهم. (3) سبق بيان معنى الخول والقاسطين قريبا. (4) باعوا أنفسهم. (*) ________________________________________