[ 125 ] فلم يأتني منهم غير ثلاثة آلاف ومئتين، فأعينوني بمناصحة سمحة، خلية من الغش، وإني آمركم أن يكتب إلي رئيس كل قوم منكم ما في عشيرته من المقاتلة، وأبنائهم الذين أدركوا القتال والعبدان والموالي، وارفعوا ذلك إلى ننظر فيه إن شاء الله. فقام سعد بن قيس الهمداني، فقال: يا أمير المؤمنين سمعا وطاعة، وودا ونصيحة، أنا أول الناس، وأول من أجابك بما سألت وطلبت. ثم قام عدي بن حاتم وحجر بن عدي وأشراف القبائل، فقالوا: نحن كذلك، ثم كتبوا ورفعوا إلى علي، فكان جميع ما رفعوا إليه أربعين ألف مقاتل، وسبعة عشر ألفا من الابناء، وثمانية آلاف من عبيدهم ومواليهم، وكانت العرب يومئذ سبعة وخمسين ألفا من أهل الكوفة، ومن مماليكهم ومواليهم ثمانية آلاف، ومن أهل البصرة ثلاثة آلاف ومئتا رجل. فقام علي فيهم خطيبا، فقال: أما بعد، فقد بلغني قولكم: لو أن أمير المؤمنين سار بنا إلى هذه الخارجة التي خرجت علينا، فبدأنا بهم، إلا أن غير هذه الخارجة أهم على أمير المؤمنين، سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا في الارض جبارين ملوكا، ويتخذهم المؤمنون أربابا، ويتخذون عباد الله خولا (1)، ودعوا ذكر الخوارج. قال: فنادى الناس من كل جانب: سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت، فنحن حزبك وأنصارك، نعادي من عاداك، ونشايع من أناب إليك وإلى طاعتك، فسر بنا إلى عدوك، كائنا من كان، فإنك لن تؤتى من قلة ولا ضعف، فإن قلوب شيعتك كقلب رجل واحد في الاجتماع على نصرتك، والجد في جهاد عدوك، فابشر يا أمير المؤمنين بالنصر، واشخص إلى أي الفريقين أحببت، فإنا شيعتك التي ترجو في طاعتك وجهاد من خالفك صالح الثواب من الله، تخاف من الله في خذلانك، والتخلف عنك شديد الوبال. ما قال علي كرم الله وجهه في الخثعمي فبايعوه على التسليم والرضا، وشرط عليهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فجاءه رجل من خثعم، فقال له الامام علي: بايع على كتاب الله وسنة نبيه، قال: لا، ولكن أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه وسنة أبي بكر وعمر. فقال علي: وما يدخل سنة أبي بكر وعمر مع كتاب الله وسنة نبيه ؟ إنما كانا عاملين بالحق حيث عملا، فأبى الخثعمي إلا سنة أبي بكر وعمر، وأبى علي أن يبايعه إلا على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ________________________________________ (1) الخول: الخدم. (*) ________________________________________