[ 123 ] وكان بدء خروجهم أنهم اجتمعوا في منزل حرقوص بن زهير ليلة الخميس، فقالوا: متى أنتم خارجون ؟ قالوا: الليلة القابلة من يوم الجمعة، فقال لهم حرقوص: بل أقيموا ليلة الجمعة تتعبدوا لربكم، وأوصوا فيها بوصاياكم، ثم اخرجوا ليلة السبت مثنى ووحدانا لا يشعر بكم. خطبة علي كرم الله وجهه قالوا: فلما خرج جميع الخوارج، وتوافروا إلى النهروان، قام علي بالكوفة على المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن معصية العالم الناصح تورث الحسرة، وتعقب الندامة، وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين، وفي هذه الحكومة بأمري، فأبيتم إلا ما أردتم، فأحييا ما أمات القرآن، وأماتا ما أحيا القرآن، واتبع كل واحد منهما هواه، يحكم بغير حجة، ولا سنة ظاهرة، واختلفا في أمرهما وحكمهما، فكلاهما لم يرشد الله، فبرئ الله منهما ورسوله وصالحو المؤمنين، فاستعدوا للجهاد، وتأهبوا للمسير، ثم أصبحوا في معسكركم يوم الاثنين بالنخيلة (1)، وإنما حكمنا من حكمنا، ليحكما بالكتاب، فقد علمتم أنهما حكما بغير الكتاب، وبغير السنة، ووالله لاغزونهم ولو لم يبق أحد غيري لجاهدتهم، وأعطى الناس العطاء وهم بالجهاد. كتاب علي كرم الله وجهه للخوارج قالوا: فأجمع رأي علي والناس على المسير إلى معاوية بصفين، فتجهز معاوية وخرج حتى نزل بصفين، وأصبح على قد تجهز وعسكر، فقيل له: يا أمير المؤمنين إنه قد افترقت منا فرقة، فذهبت، قال: فكتب إليهم علي: أما بعد، فإن هذين الرجلين الخاطئين الحاكمين، اللذين ارتضيتم حكمين، قد خالفا كتاب الله، واتبعا هواهما بغير هدى من الله، فلم يعملا بالسنة، ولم ينفذا للقرآن حكما، فبرئ الله منهما ورسوله وصالحو المؤمنين، إذا بلغكم كتابنا هذا فأقبلوا إلينا، فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم، ونحن على الامر الذي كنا عليه، والسلام. قال: فكتبوا إليه: أما بعد فإنك لم تغضب لله، إنما غضبت لنفسك، والله لا يهدي كيد الخائنين. قال: فلما رأي علي كتابهم أيس منهم، ورأى أن يدعهم، ويمضى بالناس إلى معاوية وأهل الشام فيناجزهم فقام علي خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإن ________________________________________ (1) النخيلة: موضع بالعراق قاتل فيه الامام علي الخوارج. (*) ________________________________________