[ 116 ] ما وصى به الاحنف بن قيس أبا موسى قال: ثم جاء الاحنف بن قيس، فأخذ بيده، ثم قال: يا أبا موسى، اعرف خطب هذا الامر، واعلم أن له ما بعده، وإنك إن ضيعت العراق، فلا عراق لك، فاتق الله، فإنك تجمع بذلك دنيا وأخرى، وإذا لقيت عمرا غدا فلا تبادره بالسلام، فليس من أهله، ولا تعطه يدك، فإنها أمانة، وإياك أن يقعدك على صدر الفراش، فإنها خدعة، ولا تلقه إلا وحده، وإياك أن يكلمك في بيت فيه مخدع يخبأ لك فيه رجالا، وإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي، فخيره أن يختار أهل العراق من قريش أهل الشام من شاءوا، فإنهم إن يولوا الخيار يختاروا من يريدون، فإن أبى فلتختر أهل الشام من قريش أهل العراق من شاءوا، فإن فعلوا كان الامر بيننا. ما قال معاوية لعمرو قال: وذكروا أن معاوية قال لعمرو: إن أهل العراق أكرهوا عليا على أبى موسى، وأنا وأهل الشام راضون بك، وأرجو في دفع هذه الحرب خصالا: قوة لاهل الشام، وفرقة لاهل العراق، وإمدادا لاهل اليمن، وقد ضم إليك رجل طويل اللسان، قصير الرأي، وله على ذلك دين وفضل، فدعه يقل، فإذا هو قال فاصمت، واعلم أن حسن الرأي زيادة في العقل، إن خوفك العراق فخوفه بالشام، وإن خوفك مصر فخوفه باليمن، وإن خوفك عليا فخوفه بمعاوية، وإن أتاك بالجميل، فأته بالجميل. قال عمرو: يا أمير المؤمنين، أقلل الاهتمام بما قبلي، وارج الله تعالى فيما وجهتني له، إنك من أمرك على مثل حد السيف، لم تنل في حربك ما رجوت، ولم تأمن ما خفت، ونحن نرجو أن يصنع الله تعالى لك خيرا، وقد ذكرت لابي موسى دينا، وإن الدين منصور، أرأيت إن ذكر عليا وجاءنا بالاسلام والهجرة واجتماع الناس عليه، ما أقول ؟ فقال معاوية: قل ما تريد وترى. قال: فانصرف عمرو إلى منزله، فقال لاصحابه: هل ترون ما أراد معاوية من تصغير أبي موسى ؟ قالوا: لا، قال: عرف أني خادعه غدا. ما قال شرحبيل لعمرو قال: وأتى شرحبيل بن السمط إلى عمرو، فقال: يا عمرو، إنك رجل قريش، وإن معاوية لم يبعثك إلا لثقته بك، واعلم أنك لا تؤتي من عجز، وقد علمت أن وطأة هذا الامر لصاحبك ولك، فكن عند ظننا بك. ________________________________________