[ 491 ] توضيحه: إن السائل سأله أن يجمع له الاخبار الصحيحة، مما يتعلق بامور الدين، فالف له ولسائر إخوانه في الدين هذا الكتاب، لينتفع به إلى يوم القيامة، وصرح بأنه في هذا المقام لم يقصر نيته في إهداء النصيحة الواجبة عليه لاخوانه، والنصيحة لهم في هذا المقام أن يكون باذلا جهده، وكادحا سعيه، حسب ما يقدر عليه، وعنده من الاسباب في هذا الجمع، فيجمع في جامعه ما يحتاجون إليه في امور دينهم، ويكون بحيث ينتفعون به، ولا ينتفعون به إلا بعد كون ما جمعه صحيحا، لعدم جواز الانتفاع في أمور الدين بالضعاف عندهم. فنقول: إنه (رحمه الله) حين الجمع والتأليف لهذا المقصد العظيم، اما كان عنده من أسباب إتمام هذا المرام، من الاصول والكتب المعروضة والمعتمدة المعول عليها وأخبار الثقات ما يتم به المقصود أو لا، ولا أظن أحدا يحتمل في حقه الثاني، فإن تمام الاصول كان عند أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، وكان يروي تمامها بطرقه كما صرحوا به في ترجمته، وهو من رجاله وتلامذته، وكان أكثرها عند الفقيه الثقة حميد بن زياد - شيخه المعاصر له - وغيرهما، فكيف به وهو جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، شيخ الطائفة ومرجعها، القاطن في مركز العلم، ومجمع الرواة بغداد، القريب من عديلتها في ذلك الكوفة، وقرب عصره بعصر الائمة (عليهم السلام) وأرباب الاصول. وبالجملة فاحتمال عدم تمكنه يعد من الوسواس الذي ينبغي الاستعاذة منه. وعلى الاول: فإما أن يقال: بأنه كان عارفا بصحيح الاخبار، وضعيفها، وسليمها، وسقيمها، عالما بالاصول والكتب المعتمدة، مميزا لها من غيرها، ناقدا للرواة، بصيرا بالرجال، غير مشتبه عليه مزكيها بمجروحها، وثقتها بضعيفها، صدوقها بكذوبها، ثبتها بمخلطها، أولا. ________________________________________