[ 29 ] جيشه إلى العدو سوقا شديدا بل ينبغي أن يسوقهم سوقا لينا ويطلب الماء والكلا والمرعى في سيرهم فإنه أبقى لقوتهم وقوة دوابهم وبهما يتوقع الغلبة على العدو، وثانيهما أنه ينبغي أن لا ينهض المسلمين كلهم دفعة فإنه قد يوجب قتل جميعهم فينقطع نسل الأمة بل ينبغي أن ينهض طائفة منهم كما قال جل شأنه: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) * وفي بعض النسخ: " ولم يجنزهم " بالجيم والنون أي لم يجمعهم، وفي بعضها " ولم يجمرهم " بالجيم والميم والراء المهملة. قال في النهاية: تجمير الجيش جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهلهم، ومنه حديث الهرمزان كسرى جمر بعوث فارس. قوله (قال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا آخر الكلام - الخ) الغرض منه إما لبيان الواقع أو للدلالة على أنه (صلى الله عليه وآله) لم يمض إلا وقد كان له ولي يقوم مقامه وهو ليس بالاتفاق غير علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبطل قول من زعم بخلافه. * الأصل: 5 - محمد بن علي وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن رجل عن حبيب بن أبي ثابت قال: جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) عسل وتين من همدان وحلوان فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوس الأزقاق يلعقونها وهو يقسمها للناس قدحا، قدحا، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها ؟ فقال: إن الإمام أبو اليتامى وإنما ألعقتهم هذا برعاية الآباء. * الشرح: قوله (قال جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) عسل وتين من همدان وحلوان) همدان قبيلة من اليمن وبلد في العجم، وحلوان بالضم: اسم قرية قريبة من كردستان (1). والظاهر أن فيه لفا ونشرا مرتبا ________________________________________ 1 - قوله " قرية قريبة من كردستان " ويسمى في زماننا (پل زهاب) وهي أول الجبل وهمدان، الظاهر أنها البلد المشهور دون القبيلة إذ لا يؤتى بالعسل من القبيلة بل من البلد، قد ذكر الجهشياري في كتاب " الوزراء " خراج همدان ودستيبى أحد عشر ألف ألف وثمانمائة ألف درهم (11800000) ورب ريباس ألف من والعسل الاروندى (يعنى جبال الوند) عشرون ألف رطل، والظاهر أن عسل همدان كان مشهورا بالجودة، ودستبى كورة وقرى واقعة بين الري وهمدان ويشمل قزوين وآوج وأمثالهما. ولم يكن الخراج في ذلك العهد خاصا بالدراهم ولا بالغلات الأربع بل كان يؤخذ من كل جنس وذكر في خراج خراسان الأهليلج وفي خراج السواد طين الختم وفي خراج فارس ماء الورد ثلاثين ألف قارورة والانبجات وغيرها وكان ذلك كلها من مال الصلح الذي التزم أهل هذه البلاد أن يدفعوها إلى الإمام حتى يبقي أراضيهم وأملاكهم في أيديهم، ولذلك لا يعد أراضي تلك البلاد وأمثالها من أملاك عامة المسلمين بل هي = (*) ________________________________________