[ 27 ] قوله (ورحم ضعيفهم) (1) يشمل الصغير والفقير والنساء، والروايات الدالة على الترحم عليهم والإحسان إليهم والشفقة بهم أكثر من أن تحصى. قوله (ووقر عالمهم) في بعض النسخ " عاملهم " وفي بعضها " عاقلهم " بالقاف، وقد دلت الآيات المتكثرة والروايات المتظافرة على توقير العالم (2) والعاقل وتعظيمهم وهم المقصودون من ايجاد الإنسان. قوله (ولم يضر بهم فيذلهم) للإضرار أفراد متفاوتة (3) في الشدة والضعف، منها ترك الإجلال ________________________________________ = زماننا الغرائز والاحساسات والعواطف لا تترك العقل يجزم بالحق الصراح، وبعد عهد الشباب يضعف هذه الأمور والأوهام الناشئة منها، ولذلك يستفاد كل الخير من آراء الشيوخ وإن ضعفوا في البدن ثم إن لم يكن لهم فضل تجربة وحزم فهم مستأهلون للترحم كالصغار ولا يجوز للوالي تركهم وما هم فيه من الضعف والهوان والعجز عن طلب الرزق ويجب عليه الإنفاق عليهم والمواساة معهم من بيت المال وما جلعه الله لهم. (ش) 1 - قوله " ورحم ضعيفهم " هذا أيضا من وظائف الوالي لأن الضعفاء الذين لا ولي لهم يقوم بأمرهم لا يجوز أن يتركوا وما هم فيه بل على الوالي أن يتعهدهم كالأب الشفيق بالإنفاق والتربية من الأموال التي جعلها الله لهم وبترغيب أهل الخير وتأسيس مجامع الإعانات وغيرها. (ش) 2 - قوله " على توقير العالم " كان ذلك صعبا على الولاة الظلمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن العلماء كانوا يمنعونهم من تفريط الأموال وصرفها عن مصارفها إلى اللهو والمناهي، ولكن في توقير العلماء إقامة أمر الله تعالى وتعظيم أحكامه وتقوية قلوب أهل التقوى وجرأتهم على النهي عن المنكر، وفي حدتهم فلول حد استبداد الظلمة، وتوقيرهم يدل على عدل الوالي وعدم سوء نيته. (ش) 3 - قوله " للإضرار أفراد متفاوتة " والأصح في تفسير الإضرار إيجاد الضرورة، والمعنى أنه لا يجوز للوالي إيجاد الضرورة والإلجاء على الرعية حتى يلتزموا بالطاعة بأن يقبض على ضروريات معاشهم كالخبز والماء والملح والمساكن حتى لا يتمكنوا من الاعتراض والمخالفة ولا يطالبوا من الولاة حقوقهم إن بخسوا وماطلوا، والإطاعة من الخوف مذلة، والمذلة مانعة من الرقي في كل شئ، وذلك لأن الرعية إذا رأوا أنفسهم عاجزين عن كل فعل وعمل ومحتاجين إلى أعاظمهم في حاجاتهم الضرورية كانوا كاسراء أذلاء وعلى خلاف مقتضى الفطرة الانسانية المختارة مجبورة محبوسة آيسة من الحياة، وهذه الصفات تمنعهم من النشاط في كل شئ ويقسرهم على خلاف مقتضى طبايعهم كالجمادات آلات بيد الولاة ولا يحصل لهم حظ في العلوم والصناعات وغير ذلك، بخلاف ما إذا وجد كل واحد منهم نفسه مالكا قادرا يفعل ما يريد من غير أن يمنعه مانع فينشط للعمل والفكر والاختراع ولا يتصور نفسه ذليلا، أما خوف الملوك من ترك الطاعة إذا استغنى الرعية فلا يوجب ارتكاب الأفسد، وما حكى عن بعض الخلفاء " أجع كلبك يتبعك " كلام لا يطابق أصول الإسلام ولا فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) بل يجب أن يكون الإطاعة بالرضا والاختيار لا بالإضرار والإلجاء وأي سبب موجب للإطاعة أقوى من العدل وترك الطمع وترويج أحكام الله تعالى وقد أمر بحضور الوالي نفسه في المساجد وإقامة الجماعة، ومنع من المقاصير في محراب المساجد ليكون الولاة مجدين في حفظ رضا = (*) ________________________________________