[ 25 ] ونفوذه أو تذهب ريحكم الطيب وهو نور الإيمان، ويحتمل أن يراد بالريح المعنى المعروف فإن النصرة لا يكون إلا بريح يبعثه الله وفي الحديث " نصرت بالصبا وأهلك عادا بالدبور " وبالجملة: التفرق عن الحبل المذكور وعدم التمسك به موجب لغلبة الأشرار ومذلة الأبرار. قوله (وعلى هذا فليكن) " على " متعلق بالتأسيس، قدم للحصر، يقول: أسست البناء تأسيا إذا أحكمته، والمقصود: اجعلوا بناء أموركم الدنيوية والأخروية على هذا الأساس الذي ذكرته لكم والزموا هذه الطريقة المستقيمة في السير إلى الله تعالى ولا تفارقوها. قوله (فإنكم لو عاينتم) تعليل لما ذكر، وترغيب فيه، وحث على قبوله، و " ممن خالف " بيان ل " من "، والخطاب لطايفة من عساكره، فإن أكثرهم لم يعرفوه حق معرفته، ويندرج فيه من يحذو حذوهم إلى يوم القيامة، يعني: أنكم لو عاينتم وشاهدتم بالمعاينة ما عاين من الأهوال والعقوبات من قد مات منكم وهو من خالف ما قد تدعون إليه (1) من بناء أموركم على ما ذكر ولزوم الطريقة المذكورة لبدرتم الى ما تدعون إليه وأسرعتم إلى قبوله، وخرجتم عن المخالفة إلى الموافقة، وعن التثاقل من متابعة الهداة إلى التبادر فيها، ولسمعتم ما أقول لكم وأحرضكم، ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا لاقتضاء حكمة التكليف ذلك وقريبا ما - وهو وقت الموت أو يوم القيامة - يطرح الحجاب فترون وخامة عاقبتهم وشدة عقوبتهم. * الأصل: 4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن حماد وغيره، عن حنان بن ________________________________________ 1 - قوله " خالف ما تدعون إليه " من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيرته وطريقته وهذا أيضا يدل على أن جماعة من مخالفيه كأصحاب الجمل والصفين كانوا قد مضوا وماتوا حين كان يتكلم (عليه السلام) بهذا الكلام، وظاهر قوله: " ما عين من قد مات منكم " انهم عاينوا العذاب الإلهي بعد الموت من غير ريث لمخالفتهم وكانوا حين تكلم أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الكلام معذبين وأن الأحياء إن كشف لهم الغطاء لأبصروا ما يلقونه من العذاب فعلا ولاعتبروا بهم وبدروا إلى ترك الخلاف وسارعوا إلى اطاعته (عليه السلام) والعود إلى الجهاد مع أعدائه، ويؤيد ذلك قوله " ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا " فإنه يدل على وجود العذاب فعلا ولو لم يقم القيامة بعد فإن العذاب لا يتوقف على ذلك، وبالجملة فمن كان مائتا من مخالفيه (عليه السلام) في حياته كان معذبا بمخالفته، لكن عذابه كان محجوبا عن الأحياء، فإذا طرح الحجاب لرأوا ما بهم وتابوا عن التثاقل. وهذا صريح فيما يقول علماؤنا من وجود العذاب والثواب في عالم البرزخ وأن ذلك نشأة من النشآت خفية عن أبصار أهل عالم الملك والشهادة في الدنيا لكونها من الغيب والملكوت وعالم الآخرة، والحاجب بين العالمين هو تعلق الروح بالبدن العنصري وطرح الحجاب بطرحه، ولذلك قرائن كثيرة وأدلة وبراهين في الروايات يعجز عن إحصائها المتتبع فكم قد ضل من أنكر النشآت وآخر الجزاء وأطال المدى، والله الهادي (ش). (*) ________________________________________