@ 106 @ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَيْضًا لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى الْمُبَادَلَةِ الرُّكْنُ هُنَا هُوَ الَّذِي إذَا فُقِدَ مِنْ شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَكَمَا يُطْلَقُ الرُّكْنُ عَلَى مَعْنَى ( الْمُتَمِّمِ لِمَاهِيَّةِ الشَّيْءِ ) قَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى ( الْجُزْءِ لِمَاهِيَّةِ الشَّيْءِ ) كَقَوْلِهِمْ ( الْقِيَامُ رُكْنُ الصَّلَاةِ ) فَالْقِيَامُ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ . وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ . وَالْمُتَمِّمُ لِمَاهِيَّةِ الْبَيْعِ بِحَدِّ ذَاتِهِ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَإِنْ أُطْلِقَ أَحْيَانًا عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَوْ عَلَى التَّعَاطِي الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُمَا فَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَدْلُولِ عَلَى الدَّالِّ ( مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ) . وَيُفْهَمُ مِنْ مَاهِيَّةِ الْبَيْعِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْبَدَلَيْنِ مَالًا , فَتَنَزُّلُ الْإِمَامِ أَوْ الْخَطِيبِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ عَنْ إمَامَتِهِ أَوْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي وَلَا يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا تَنَزَّلَ عَنْهُ فِيمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُتَنَزَّلَ عَنْهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يُعَدُّ بَيْعًا وَإِنَّمَا هُوَ فَرَاغٌ وَتَنَزُّلٌ . ( الْمَادَّةُ 150 ) مَحِلُّ الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَيْعُ ( رَاجِعْ الْمَادَّةَ 3663 ) . فَمَحِلُّ الْبَيْعِ وَالْمَبِيعِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ فَهُمَا كَلِمَتَانِ مُتَرَادِفَتَانِ ( رَدُّ الْمُحْتَارِ ) وَالثَّمَنُ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَيْعِ وَيُخَالُ أَنَّهُ مَحِلٌّ لَهُ كَالْمَبِيعِ فَبِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ فَهُوَ وَحْدَهُ مَحِلُّ الْبَيْعِ فَقَطْ . ( الْمَادَّةُ 151 ) الْمَبِيعُ : مَا يُبَاعُ وَهُوَ الْعَيْنُ الَّتِي تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْبَيْعِ ; لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَعْيَانِ , وَالْأَثْمَانُ وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا فَمَتَى تَعَيَّنَ فِي الْبَيْعِ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ ( 204 ) فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُشْتَرِي سِلْعَةً أُخْرَى مُمَاثِلَةً لَهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْهُ , فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ : قَدْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَخْزَنِ الْفُلَانِيِّ وَقَبِلَ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ خِلَافَ الْحِنْطَةِ الْمُبَاعَةِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْ جِنْسِ تِلْكَ . وَلَمَّا كَانَ الْمَبِيعُ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْبَيْعِ فَقَدْ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَوَادِّ ( 194 و 197 و 198 ) أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ . أَمَّا الثَّمَنُ فَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ ( اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 243 ) . فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ وَكَانَ حِينَ الْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ( اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 115 ) وَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ لَوْ أَصْبَحَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكًا لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الْحِنْطَةِ حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي . أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا بِمِائَةِ جُنَيْهٍ وَكَانَ لَا يَمْلِكُ الْمِائَةَ جُنَيْهٍ حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَطْرَأُ بِذَلِكَ خَلَلٌ مَا عَلَى الْعَقْدِ وَلَهُ بَعْدَئِذٍ أَنْ يَتَدَارَكَهَا وَيَدْفَعَهَا لِلْبَائِعِ ; لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَعْيَانِ , وَالْأَثْمَانُ إنْ هِيَ إلَّا وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ . أَعْيَانٌ : جَمْعُ عَيْنٍ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ ( 159 ) تَشْمَلُ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ فَبِالنَّظَرِ