وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( 16 ) والمكاشفة لا تنتج عند صاحبها يقينا كاملا، ويقين النبي صلى الله عليه واله وسلم بالوحي قد كان كاملا، مع وثوقه بأن المعرفة الموحى بها غير شخصية، وطارئة، وخارجة عن ذاته (1). والوحي الإلهي هو الفصل الذي يكشف به الله للإنسان عن الحقائق التي تجاوز نطاق عقله (2). وإذا كان الوحي فعلا متميزا، فهو صادر عن فاعل مريد، وهذا الفاعل المريد هو الله تعالى، وليس الإلهام والكشف كذلك، وهذا ما يميز الوحي عن المكاشفة، والوحي النفسي، والإلهام، إذ أن مردّ الإلهام يعود عادة إلى الميدان التجريبي لعلم النفس، ونزعة الوحي النفسي في انقداحها تعتمد على التفكر في الاستنباط، والمكاشفة تتأرجح بين الشك واليقين. أما الوحي فحالة فريدة مخالفة لا تخضع إلى التجربة أو التفكير، ومتيقنة لا مجال معها للشك. مضافا إلى أن حالات الكشف والإلهام والإيحاء النفسي حالات لا شعورية ولا إرادية، والوحي ظاهرة شعورية تتسم بالوعي والإدراك التأمين. والوحي بالمعنى المشار إليه يختص بالأنبياء، وليس الإلهام أو الكشف كذلك، فهما عامان وشائعان بين الناس. ولقد فرّق المستشرق الألماني الدكتور تيودور نولدكه ( 1836 ـ 1930م ) بين الوحي والإلهام تفريقا فيه مزيج بين الواقع والصوفية، فاعتبر الوحي خاصا بالأنبياء، والإلهام خاصا بالأولياء إذ لا يوحى إليهم (3). ويتجلى الفرق بين الإلهام والوحي بتعبير آخر، وبتصور متغاير، أن مصدر الإلهام باطني، وأن مصدر الوحي خارجي بل الإلهام من الكشف المعنوي، والوحي من الواقع الشهودي، لأن الوحي إنما يتحصل بشهود الملك وسماع كلامه، أما الإلهام فيشرق على الإنسان من غير واسطة ____________ (1) ظ: مالك بن نبي، الظاهرة القرآنية: 167 وما بعدها. (2) ظ: د. جميل صليبا، المعجم الفلسفي: 2 | 570. (3) ظ: نولدكه، دائرة المعارف الإسلامية: مجلد 9 مادة: الدين.