(435) لا دلالة فيه، ولا يمتنع ان يذكر قوما، ويخبر عنهم، ثم يستأنف قوما آخرين، فيخبر عنهم على ان مشركي العرب قد اضافوا إلى الله البنات فدخلوا في جملة من قال: " اتخذ الله ولدا ". ومعنى قوله: " لولا " هلا، كما قال الاشهب بن رميلة: تعدون عقر النيب أفضل مجدكم * بنى ضو طرى لولا الكمي المقنعا (1) أي هلا تعقرون الكمي المقنعا. وانما قال: " أو تأتينا آية " وقد جاءتهم الآيات، لانهم طلبوا آية، كما ان آية الرسل توافق دعوتهم، ويكلمهم الله كما كلمهم الله. والمعني بقوله " كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم " اليهود على قول مجاهد. وعلى قول قتادة والسدي والربيع: اليهود والنصارى. والضمير في قوله: " تشابهت قلوبهم " يعني كناية عن قلوب اليهود والنصارى ـ على قول مجاهد ـ وعلى قول الربيع وقتادة: عن العرب واليهود والنصارى وغيرهم، فقوله " تشابهت قلوبهم " يعني في الكفر، بالاعتراض على انبياء الله بالجهل، لان اليهود قالت لموسى: " أرنا الله جهرة " وقالت النصارى للمسيح: " أنزل علينا مائدة من السماء ". وقالت العرب لمحمد (صلى الله عليه وآله): حول لنا الصفا ذهبا، وغير ذلك. وكذلك قال الله تعالى: " أتوا صوابه " (2) وروي عن ابن إسحاق انه قرأ " تشابهت " بتشديد الشين ـ خطأ، لان ذلك انما يجوز في المضارع. بمعنى تتشابه ـ فتدغم احدى التاءين في الشين ـ هكذا قال الفراء، وغيره من أهل العلم. وقوله: " قد بينا الآيات لقوم يوقنون " معناه أيقن بها قوم من حيث دلتهم على الحق، فالواجب على كل هؤلاء ان يستدلوا بها، ليصلوا إلى اليقين كما وصل غيرهم اليه بها. ـــــــــــــــــــــــ " 1 " وقيل انه لجرير وهو مذكور في ديوانه: 338. وروايته افضل سعيكم. وقد مر في 1: 319. والبيت من قصيدة طويلة في مناقضة جرير والفرزدق. والكمي: الشجاع. " 2 " سورة الذاريات: آية 51. (*)