وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[54] الله وطاعة أوامره(1)، فيوجّه الخطاب لكلّ البشر، فيقول: (ألم تروا أنّ الله سخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض). إنّ لتسخير الموجودات السماوية والأرضيّة للإنسان معنى واسعاً يشمل الاُمور التي في قبضته وإختياره، ويستخدمها برغبته وإرادته في طريق تحصيل منافعه ككثير من الموجودات الأرضيّة، كما تشمل الاُمور التي ليست تحت تصرّفه وإختياره، لكنّها تخدم الإنسان بأمر الله جلّ وعلا كالشمس والقمر. وبناءً على هذا فإنّ كلّ الموجودات مسخّرة بإذن الله لنفع البشر، سواءً كانت مسخّرة بأمر الإنسان أم لا، وعلى هذا فإنّ اللام في (لكم) لام المنفعة(2). ثمّ تضيف الآية: (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة). "أسبغ" من مادّة (سَبغ) وهي في الأصل بمعنى الثوب أو الدرع العريض الكامل، ثمّ اُطلق على النعم الكثيرة الوفيرة أيضاً. هناك إختلاف بين المفسّرين في المراد من النعم الظاهرة والباطنة في هذه الآية .. فالبعض إعتقد أنّ النعمة الظاهرة هي الشيء الذي لا يمكن لأيّ أحد إنكاره كالخلق والحياة وأنواع الأرزاق، والنعم الباطنة إشارة إلى الاُمور التي لا يمكن إدراكها من دون دقّة ومطالعة ككثير من القوى الروحية والغرائز المهمّة. والبعض عدّ الأعضاء الظاهرة هي النعم الظاهرة، والقلب هو النعمة الباطنة. والبعض الآخر إعتبر حسن الصورة والوجه والقامة المستقيمة وسلامة الأعضاء النعمة الظاهرة، ومعرفة الله هي النعمة الباطنة. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ إعتقد بعض المفسّرين كالآلوسي في روح المعاني، والفخر الرازي في التّفسير الكبير، بأنّ هذه الآيات مرتبطة بالآيات التي سبقت مواعظ لقمان، حيث تخاطب المشركين: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه) وتقول في الآيات مورد البحث: (ألم تروا أنّ الله سخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض). إلاّ أنّ آخر هذه الآية والآيات التي بعدها، والروايات الواردة في تفسيرها تتناسب مع عموميّة الآية. 2 ـ كانت لنا بحوث اُخرى حول تسخير الموجودات للإنسان في ذيل الآية (2) من سورة الرعد.