[587] بمراجعتها). "والصاغر" مأخوذ من "الصِغَر" على زنة "الكِبَر" وخلاف معناه، ومعناه الراضي بالذلة. والمراد من الآية أن الجزية ينبغي أن تُدفع في حال من الخضوع للإِسلام والقرآن. وبتعبير آخر: هي علامه الحياة السلمية، وقبول كون الدافع للجزية من الأقلية المحفوظة والمحترمة بين الأكثرية الحاكمة. وما ذهب إليه بعض المفسّرين من أنّ المراد من الجزية في الآية هو تحقير أهل الكتاب وإهانتهم والسُخر منهم، فلا يستفاد ذلك من المفهوم اللغوي لكلمة الآية، ولا ينسجم وروح تعاليم الإِسلام السمحة، ولا ينطبق مع سائر التعاليم أو الدستور الذي وصلنا في شأن معاملة الأقليات. وما ينبغي التنويه به هنا هو أنّ الآية وإن ذكرت شرط "الجزية" من بين شروط الذمة فحسب، إلاّ أن التعبير بـ(هم صاغرون) إشارة إجمالية إِلى سائر شروط الذمّة، لأنّه يستفاد من هذه الجملة بأنّهم ـ مثلا ـ يعيشون في محيط إسلامي، فليس لهم أن يظاهروا أعداء الإِسلام، ولا يكون لهم إعلام مضاد للإِسلام، ولا يقفوا حجر عثرة في رقيه وتقدمه، وما إِلى ذلك، لأنّ هذه الأُمور تتنافى وروح الخضوع والتسليم للإِسلام والتعاون مع المسلمين. ما هَي الجزية؟! تُعدّ الجزية ضريبةً مالية "إسلامية" وهي تتعلق بالأفراد لا بالأموال ولا بالأراضي، أو بتعبير آخر: هي ضريبة مالية سنوية على الرؤوس. ويعتقد بعضهم أنّها ليست من أصل عربي، بل هي فارسية قديمة وأصلها "كزيت" ومعناها الأموال التي تؤخذ للدعم العسكري، أو ما يصطلح عليه في عصرنا بـ "المجهود الحربي". لكن الكثير يعتقدون أن هذه الكلمة "الجزية"