[578] 3 ـ الإِيمان والسكينة السكينة في الأصل مأخوذة من السكون، وتعني نوعاً من الهدوء أو الإِطمئنان الذي يبعد كل نوع من أنواع الشك والخوف والقلق والإِستيحاش عن الإِنسان، ويجعله راسخ القدم بوجه الحوادث الصعبة والملتوية. والسكينة لها علاقة قربى بالإِيمان، أي أنّ السكينة وليدة الإِيمان، فالمؤمنون حين يتذكرون قدرة الله التي لا غاية لها، ويتصورون لطفه ورحمته يملأ قلوبهم موج الأمل ويغمرهم الرجاء. وما نراه من تفسير السكينة بالإِيمان في بعض الرّوايات(1)، أو بنسيم الجنّة متمثلا في صورة إنسان(2) كل ذلك ناظر إِلى هذا المعنى. ونقرأ في القرآن في الآية (4) من سورة الفتح قوله تعالى: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم) وعلى كل حال فهذه الحالة نفسية خارقة للعادة، وموهبة إلهية بحيث يستطيع الإِنسان أن يهضم الحوادث الصعبة، وأن يحس في نفسه عالماً من الدعة والإِطمئنان برغم كلّ ما يراه. وممّا يسترعي النظر أن القرآن ـ في الآيات محل البحث ـ لا يقول: ثمّ أنزل الله سكينته على رسوله وعليكم، مع أنّ جميع الجمل في الآية تحتوي على ضمير الخطاب (كم)، بل تقول الآية (على رسوله وعلى المؤمنين) وهي إشارة إِلى أن المنافقين وأهل الدنيا والذين كانوا مع النّبي في المعركة لم ينالوا سهماً من السكينة والإِطمئنان، بل كانت السكينة من نصيب المؤمنين فحسب. ونقرأ في بعض الرّوايات أن نسيم الجنّة هذا كان مع أنبياء الله ورسله(3)، ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ تفسير البرهان، ج 2، ص 114. 2 ـ تفسير نور الثقلين، ج 2، ص201. 3 ـ تفسير البرهان، ج 2، ص 112.