[576] تفرّون؟ هذا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم). فلّما سمع المسلمون صوت العباس رجعوا وقالوا: لبيّك لبيّك، ولا سيما الأنصار إذ عادوا مسرعين وحملوا على العدوّ من كل جانب حملة شديدة، وتقدّموا بأذن الله ونصره، بحيث تفرقت هوازن شذر مذر مذعورة، والمسلمون ما زالوا يحملون عليها. فقتل حوالي مئة شخص من هوازن، وغنم المسلمون أموالهم كما أسروا عدّة منهم(1). ونقرأ في نهاية هذه الحادثة التأريخية أن ممثلي هوازن جاءوا النّبي وأعلنوا إسلامهم، وأبدى لهم النّبي صفحه وحُبّه، كما أسلم مالك بن عوف رئيس القبيلة، فردّ النّبي عليه أموال قبيلته وأسراه، وصيره رئيس المسلمين في قبيلته أيضاً. والحقيقة أنّ السبب المهم في هزيمة المسلمين باديء الأمر ـ بالإِضافة إِلى غرورهم لكثرتهم ـ هو وجود ألفي شخص ممن أسلم حديثاً وكان فيهم جماعة من المنافقين طبعاً، وآخرون كانوا قد جاءوا مع النّبي لأخذ الغنائم، وجماعة منهم كانوا بلا هدف، فأثر فرار هولاء في بقية الجيش. أمّا السرّ في إنتصارهم النهائي فهو وقوف النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي(عليه السلام) وجماعة قليلة من الأصحاب، وتذكرهم عهودهم السابقة وإيمانهم بالله والركون إِلى لطفه الخاص ونصره. 2 ـ من هم الفارّين ممّا لا شك فيه أنّ الأكثرية الساحقة فرّت باديء الأمر من ساحة المعركة، وما تبقى منهم كانوا عشرةً فحسب، وقيل أربعة عشر شخصاً، وأقصى ما أوصل عددُهم المؤرخون لم يتجاوزوا مئة شخص. ولما كانت الرّوايات المشهورة تصّرح بأن من بين الفارين الخلفاء الثلاثة، ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ مجمع البيان، ج 5، ص 17 ـ 19.