[ 29 ] وقال أبو ليلى الغفاري مرفوعا: " ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فألزموا عليا فإنه الفاروق بين الحق والباطل ". فلذلك اقتدت الشيعة بعلي عليه السلام وتمسكت بآله المعصومين، وركبت السفينة التي من دخل فيها نجا، ومن تخلف عنها هلك وهوى. وأما أبناء السنة والجماعة فإنهم يسيرون على نهج الخلفاء، ويهتدون بهديهم ويقتفون آثارهم ويعتمدون على أحاديث كل الصحابة والتابعين. وهناك عوامل جانبية أخرى أدت إلى انفصام عرى الأخوة وتوسيع رقعة الخلاف أكثر فأكثر منها: 1 - إن منع الخلفاء من تدوين حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كان له الأثر الحساس والهام في إيجاد شقة الخلاف بين الطائفتين. يقول ابن سعد في طبقاته " إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه أمر بتحريقها (1). واستمر الحال حتى رأس المائة الهجرية في عهد عمر بن عبد العزيز الذي أمر بتدوين الحديث، وكان بذلك ابن شهاب أول من دون الحديث ثم كثر التدوين والتصنيف بعده. هذا وقد روى الذهبي في تذكرة الحفاظ " إن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه " (2). ________________________________________ (1) طبقات ابن سعد 5: 188 (في ترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر). (2) تذكرة الحفاظ 1: 2 - 3. ________________________________________