( 47 ) والاجتماع، ومن المعلوم أنّ هذه الكيفيات الحيوية والخواص الروحية تبطل بموت الجراثيم والسلّولات وتفسد بفسادها، فلا معنى للروح الواحدة المجردة الباقية بعد فناء التركيب البدني، غاية الاَمر أنّ الاُصول المادية المكتشفة بالبحث العلمي لما لم تف بكشف رموز الحياة كان لنا أن نقول: إنّ العلل الطبيعية لا تفي بإيجاد الروح، فهي معلولة لموجود آخر وراء الطبيعة، وأما الاستدلال على تجرد النفس من جهة العقل محضاً فشيء لا يقبله ولا يصغي إليه العلوم اليوم، لعدم اعتمادها على غير الحس والتجربة، هذا. ** أقول: وأنت خبير بأنّ جميع ما أوردناه على حجّة الماديين وارد على هذه الحجة المختلقة من غير فرق، ونزيدها أنها مخدوشة أولاً: بأنّ عدم وفاء الاُصول العلمية المكتشفة الى اليوم ببيان حقيقة الروح والحياة لا ينتج عدم وفائها أبداً ولا عدم انتهاء هذه الخواص الى العلل المادية في نفس الاَمر على جهل منا، فهل هذا إلاّ مغالطة وضع فيها العلم بالعدم مكان عدم العلم؟! وثانياً: بأنّ استناد بعض حوادث العالم ـ وهي الحوادث المادية ـ الى المادة وبعضها الآخر ـ وهي الحوادث الحيوية ـ إلى أمر وراء المادة ـ وهو الصانع ـ قول بأصلين في الاِيجاد، ولا يرتضيه المادي ولا الاِلهي، وجميع أدلة التوحيد يبطله. وهنا إشكالات أُخر أوردوها على تجرّد النفس مذكورة في الكتب الفلسفية والكلامية غير أنّ جميعها ناشئة عن عدم التأمل والاِمعان فيما مرّ من البرهان وعدم التثبت في تعقل الغرض منه، ولذلك أضربنا عن إيرادها والكلام