وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 25 @ .
وأما قوله : بتقدير فعليه الوصية ، أو بتقدير الفاء فقط ، كأنه قال : فالوصية للوالدين ، فكلام من لم يتصفح كلام سيبويه ، فإن سيبويه نص على أن مثل هذا لا يكون إلاَّ في ضرورة الشعر ، فينبغي أن ينزه كتاب الله عنه . .
قال سيبويه : وسألته ، يعنى الخليل ، عن قوله : إن تأتني أنا كريم ، قال : لا يكون هذا إلاَّ أن يضطر شاعر من قِبَل : إن أنا كريم ، يكون كلاماً مبتداً ، والفاء ، وإذا لا يكونان إلاَّ معلقتين بما قبلهما ، فكرهوا أن يكون هذا جواباً حيث لم يشبه الفاء ، وقد قاله الشاعر مضطراً ، وأنشد البيت السابق . .
من يفعل الحسنات .
وذكر عن الأخفش : أن ذلك على إضمار الفاء ، وهو محجوج بنقل سيبويه أن ذلك لا يكون إلاَّ في اضطرار ، وأجاز بعضهم أن تقام مقام المفعول الذي لم يسم فاعله الجارّ والمجرور الذي هو : عليكم ، وهو قول لا بأس به على ما تقرره ، فنقول : لما أخبر أنه كتب على أحدهم إذا حضره الموت إن ترك خيراً تشوّف السامع لذكر المكتوب ما هو ، فتكون الوصية مبتدأ ، أو خبر المبتدأ على هذا التقدير ، ويكون جواباً لسؤال مقدر ، كأنه قيل : ما المكتوب على أحدنا إذا حضره الموت وترك خيراً ؟ فقيل : الوصية للوالدين والأقربين هي المكتوبة ، أو : المكتوب الوصية للوالدين والأقربين ، ونظيره : ضرب بسوط يوم الجمعة زيد المضروب أو المضروب زيد ، فيكون هذا جواباً بالسؤال مقدر ، كأنه قال : من المضروب ؟ وهذا الوجه أحسن ، وأقل تكلفاً من الوجه الذي قبله ، وهو أن يكون المفعول الذي لم يسم فاعله الإيصاء ، وضمير الإيصاء والوالدان معروفان ، وتقدم الكلام على ذلك في قوله تعالى : { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً } . .
{ وَالاْقْرَبِينَ } جمع الأقرب ، وظاهره أنه أفعل تفضيل ، فكل من كان أقرب إلى الميت دخل في هذا اللفظ ، وأقرب ما إليه الوالدان ، فصار ذلك تعميماً بعد تخصيص ، فكأنهما ذكراً مرتين : توكيداً وتخصيصاً على اتصال الخير إليهما ، هذا مدلول ظاهر هذا اللفظ ، وعند المفسرين : الأقربون الأولاد ، أو من عدا الأولاد ، أو جميع القرابات ، أو من لا يرث من الأقارب . أقوال . .
{ بِالْمَعْرُوفِ } أي : لا يوصى بأزيد من الثلث ، ولا للغنيّ دون الفقير ، وقال ابن مسعود : الأخل فالأخل ، أي : الأحوج فالأحوج ، وقيل : الذي لا حيف فيه ، وقيل : كان هذا موكولاً إلى اجتهاد الموصي ، ثم بين ذلك وقدر : ( بالثلث والثلث كثير ) . وقيل : بالقصد الذي تعرفه النفوس دون إضرار بالورثة ، فإنهم كانوا قد يوصون بالمال كله ، وقيل : بالمعروف من ماله غير المجهول . .
وهذه الأقوال ترجع إلى قدر ما يوصي به ، وإلى تمييز من يوصى له ، وقد لخص ذلك الزمخشري وفسره بالعدل ، وهو أن لا يوصي للغني ويدع الفقير ، ولا يتجاوز الثلث ، وتعلق بالمعروف بقوله : الوصية ، أو بمحذوف ، أي : كائنة بالمعروف ، فيكون بالمعروف حالاً من الوصية . .
{ حَقّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } انتصب حقاً على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة ، أي : حق ذلك حقاً ، قاله ابن عطية ، والزمخشري . وهذا تأباه القواعد النحوية لأن ظاهر قوله : { عَلَى الْمُتَّقِينَ } إذن يتعلق على بحقاً ، أو يكون في موضع الصفة له ، وكلا التقديرين يخرجه عن التأكيد ، أما تعلقه به فلأن المصدر المؤكد لا يعمل إنما يعمل المصدر الذي ينحل بحرف مصدري ، والفعل أو المصدر الذي هو بدل من اللفظ بالفعل وذلك مطرد في الأمر والاستفهام ، على خلاف في هذا الأخير على ما تقرر في علم النحو ، وأما جعله صفة : لحقاً أي : حقاً كائناً على