وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 17 @ الخبر ، وفيه بعد والفاء في قوله : فاتباع ، جواب الشرط إن كانت مَن شرطاً ، والداخلة في خبر المبتدأ إن كانت مَن موصولة ، فإن كانت مَن : كناية عن القاتل وأخوه : كناية عن الولي ، وهو الظاهر ، فتكون الجملة توصية للمعفو عنه والعافي بحسن القضاء من المؤدي ، وحسن التقاضي من الطالب ، وإن كان الأخ كناية عن المقتول كانت الهاء في قوله : وآداء إليه ، عائدة على ما يفهم من يصاحب بوجه مّا ، لأن في قوله : عفي دلالة على العافي فيكون نظير قوله : { حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ } إذ في العشي دلالة على مغيب الشمس ، وقول الشاعر : % ( لك الرجل الحادي وقد منع الضحى % .
وطير المنايا فوقهن أواقع .
) % .
أي : فوق الإبل ، لأن في قوله : الحادي ، دلالة عليهن ، وإن كانت مَن كناية عن القاتل فيكون أيضاً توصية له وللولي بحسن القضاء والتقاضي ، أي : فاتباع مِنَ الولي بالمعروف ، وأداء من القاتل إليه بإحسان ، والاتباع بالمعروف أن لا يعنف عليه ولا يطالبه إلاَّ مطالبة جميلة ، ولا يستعجله إلى ثلا ث سنين يجعل انتهاء الإستيفاء والأداء بالإحسان ، أن لا يمطله ولا يبخسه شيئاً . وهذا مروي عن ابن عباس في تفسير الإتباع والأداء . .
وقيل : اتباع الولي بالمعروف أن لا يطلب من القاتل زيادة على حقه ، وقد روي في الحديث : ( من زاد بعيراً في أبل الدية وفرائضها فمن أمر الجاهلية ) . .
وقيل الاتباع والأداء معاً من القاتل ، والاتباع بالمعروف أن لا ينقصه ، والأداء بالإحسان أن لا يؤخره . وقيل : المعروف حفظ الجانب ولين القول ، والإحسان تطييب القول ، وقيل : المعروف ما أوجبه تعالى ، وقيل : المعروف ما يتعاهد العرب بينها من دية القتلى . .
وظاهر قوله : { فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْء } الآية . أنه يمتنع إجابة القاتل إلى القود منه إذا اختار ذلك واختار المستحق الدية ويلزم القاتل الدية إذا اختارها الولي ، وإليه ذهب سعيد ، وعطاء ، والحسن ، والليث ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، ورواه أشهب عن مالك . .
وقال أبو حنيفة وأصحابه ، وأحمد ، ومالك في إحدى الروايتين عنه ، والثوري ، وابن شبرمة : ليس للولي إلاَّ القصاص ، ولا يأخذ إلاَّ برضى القاتل ، فعلى قول هؤلاء يقدر بمحذوف ، أي : فمن عفي له من أخيه شيء ورضي المعفو ودفع الدية فاتباع بالمعروف ، وقد تقدّمت لنا الإشارة إلى هذا الخلاف عند تفسيرنا : { فَمَنْ عُفِىَ } واختلاف الناس فيه . .
{ ذالِكَ تَخْفِيفٌ مّن رَّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ } أشار بذلك إلى ما شرعه تعالى من العفو والدية إذ أهل التوراة كان مشروعهم القصاص فقط ، وأهل الإنجيل مشروعهم العفو فقط ، وقيل : لم يكن العفو في أمة قبل هذه الأمة ، وقد تقدّم طرق من هذا النقل ، وهذه الأمة خيرت بين القصاص وبين العفو والدية ، وكان العفو والدية تخفيفاً من الله إذ فيه انتفاع الولي بالدّية ، وحصول الأجر بالعفو استبقاء مهجة القاتل ، وبذل ما سوى النفس هين في استبقائها ، وأضاف هذا التخفيف إلى الرب لأنه المصلح لأحوال عبيده ، الناظر لهم في تحصيل ما فيه سعادتهم الدينية والدنيوية ، وعطف { وَرَحْمَةً } على { تَخْفِيفٌ } لأن من استبقى مهجتك بعد استحقاق إتلافها فقد رحمك . وأي رحمة أعظم من ذلك ؟ ولعل القاتل المعفو عنه يستقل من الأعمال الصالحة في المدة التي عاشها بعد استحقاق قتله ما يمحو به هذه الفعلة الشنعاء ، فمن الرحمة إمهاله لعله يصلح أعماله . .
{ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذالِكَ } أي : من تجاوز شرع الله بعد القود وأخذ الدية بقتل القاتل بعد سقوط الدم ، أو بقتل غير القاتل ، وكانوا في الجاهلية يفعلون ذلك ، ويقتلون بالواحد الاثنين والثلاثة والعشرة ، وقيل : المعنى : من قتل بعد أخذ الدية ، وقيل : بعد العفو ، وقيل : من أخذ الدية بعد العفو عنها . والأظهر القول الأول لتقدم العفو ،