وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 15 @ والأوزاعي ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، والليث ، والشافعي ، وابن شبرمة في رواية إلى أن القصاص واقع فيما بين الرجال والنساء في النفس وما دونها ، إلاَّ أن الليث قال : إذا جنى الرجل على امرأته عقلها ولا يقتص منه . .
وإعرب هذه الجمل مبتدأ وخبر ، وهي ذوات ابتدىء بها ، والجار والمجرور أخبار عنها ، ويمتنع أن يكون الباء ظرفية ، فليس ذلك على حدّ قولهم : زيد بالبصرة ، وإنما هي للسبب ، ويتعلق بكون خاص لا بكون مطلق ، وقام الجار مقام الكون الخاص لدلالة المعنى عليه ، إذا لكون الخاص لا يجوز حذفه إلاَّ في مثل هذا ، إذ الدليل على حذفه قوي إذ تقدّم القصاص في القتلى ، فالتقدير : الحر مقتول بالحر ، أي : بقتله الحر ، فالباء للسبب على هذا التقدير ، ولا يصح تقدير العامل كوناً مطلقاً ، ولو قلت : الحر كائن بالحر ، لم يكن كلاماً إلاّ إن كان المبتدأ مضافاً قد حذف وأقيم المضاف إليه مقامه ، فيجوز ، والتقدير : قتل الحر كائن بالحر ، أي : بقتله الحر ، ويجوز أن يكون الحر مرفوعاً على إضمار فعل يفسره ما قبله ، التقدير : يقتل الحر بقتله الحر ، إذ في قوله : { الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } دلالة على هذا الفعل . .
{ فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْء فَاتِبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } قال علماء التفسير : معنى ذلك أن أهل التوراة كان لهم القتل ولم يكن لهم غير ذلك ، وأهل الإنجيل كان لهم العفو ولم يكن لهم قود ، وجعل الله لهذه الأمة لمن شاء القتل ، ولمن شاء أخذ الدية ، ولمن شاء العفو . .
وقال قتادة : لم تحل الدية لأحد غير هذه الأمة ، وروي أيضاً عن قتادة : أن الحُكم عند أهل التوراة كان القصاص أو العفو . ولا أرش بينهم ، وعند أهل الإنجيل الدية والعفو لا أرش بينهم ، فخير الله هذه الأمة بين الخصال الثلاث . .
وارتفاع : مَنْ ، على الابتداء وهي شرطية أو موصولة ، والظاهر أن : من ، هو القاتل والضمير في { لَهُ } و { مِنْ أَخِيهِ } عائد عليه ، { وَشَىْء } : هو المفعول الذي لم يسم فاعله ، وهو بمعنى المصدر ، وبني { عُفِىَ } ، للمفعول ، وإن كان لازماً ، لأن اللازم يتعدى إلى المصدر كقوله : { فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ } والأخ هو المقتول ، أي : من دم أخيه أو ولي الدم ، وسماه أخاً للقاتل اعتباراً بأخوة الإسلام ، أو استعطافاً له عليه ، أو لكونه ملابساً له من قبل أنه ولي للدم ومطالب به كما تقول : قل لصاحبك كذا ، لمن بينك وبينه أدنى ملابسة ، وهذا لذي أقيم مقام الفاعل وإن كان مصدراً فهو يراد به الدم المعفو عنه ، والمعنى : أن القاتل إذا عفي عنه رجع إلى أخذ الدية . وهو قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم ، واستدل بهذا على أن موجب العهد أحد الأمرين ، إما القصاص ، وإما الدية . لأن الدية تضمنت عافياً ومعفواً عنه ، وليس إلاَّ وليّ الدم والقاتل ، والعفو لا يتأتي إلاَّ من الولي ، فصار تقدير الآية : فاذا عفا وليّ الأمر عن شيء يتعلق بالقاتل فليتبع القاتل ذلك العفو بمعروف . وعفا يتعدى بعن إلى الجاني وإلى الجناية ، تقول : عفوت عن زيد ، وعفوت عن ذنب زيد ، فإذا عديت إليهما معاً تعدت إلى الجاني باللام ، وإلى الذنب بعن ، تقول : عفوت لزيد عن ذنبه ، وقوله : { فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ } من هذا الباب أي : فمن عفي له عن جنايته ، وحذف عن جنايته لفهم المعنى ، ولا يفسر عفي بمعنى ترك ، لأنه لم يثبت ذلك معدّى إلاَّ بالهمزة ، ومنه : ( أعفوا اللحى ) ولا يجوز أن تضمن عف معنى ترك وإن كان العافي عن الذنب تاركاً له لا يؤاخذ به ، لأن التضمين لا ينقاش . .
قال الزمخشري . فإن قلت : فقد ثبت قولهم عفا أثره إذا محاه وأزاله ، فهلا جعلت معناه : فمن محى له من أخيه شيء ؟ قلت : عبارة قيلت في مكانها ، والعفو في باب الجنايات عبارة متداولة مشهورة في الكتاب والسنة واستعمال الناس ، فلا يعدل عنها إلى أخرى قلقة نائية عن مكانها ، وترى كثيراً ممن يتعاطى هذا العلم يجترىء إذا عضل عليه تخريج المشكل من كلام الله على اختراع لغة . وادّعاء على العرب ما لا تعرف ، وهذه جرأة يستعاذ بالله منها . انتهى كلامه . .
وإذا ثبت أن عفا يكون بمعنى محافلاً يبعد حمل الآية عليه ، ويكون إسناد عفي لمرفوعه إسناداً حقيقاً لأنه إذ ذاك مفعول به صريح ، وإذا كان لا يتعدّى كان إسناده إليه مجازاً وتشبيهاً للمصدر بالمفعول به ، فقد يتعادل الوجهان أعني : كون عفا اللازم لشهرته في الجنايات ، وعفا المتعدي لمعنى محا