وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 384 @ أن أيوب كانت منه طاعة للشيطان فيما وسوس به ، وأن ذلك كان سبباً لما مسه الله به من النصب والعذاب ، ولا أن رجلاً استغاثه على ظالم فلم يغثه ، ولا أنه داهن كافراً ، ولا أنه أعجب بكثرة ماله . وكذلك ما رووا أن الشيطان سلطه الله عليه حتى أذهب أهله وماله لا يمكن أن يصح ، ولا قدرة له على البشر إلا بإلقاء الوساوس الفاسدة لغير المعصوم . والذي نقوله : أنه تعالى ابتلى أيوب عليه السلام في جسده وأهله وماله ، على ما روي في الأخبار . وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ، أن أيوب بقي في محنته ثماني عشرة سنة يتساقط لحمه حتى مله العالم ، ولم يصبر عليه إلا امرأته ، ولم يبين لنا توالي السبب المقتضي لعلته . وأما إسناده المس إلى الشيطان ، فسبب ذلك أنه كان يعوده ثلاث من المؤمنين ، فارتد أحدهم ، فسأل عنه فقيل : ألقى إليه الشيطان أن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين ، فحينئذ قال : { مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ } ، نزل لشفقته على المؤمنين . .
مس الشيطان ذلك المؤمن حتى ارتد منزلة مسه لنفسه ، لأن المؤمن الخير يتألم برجوع المؤمن الخير إلى الكفر ؛ ولذلك جاء بعده : { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ } ، حتى يغتسل ويذهب عنه البلاء ، فلا يرتد أحد من المؤمنين بسبب طول بلائه ، وتسويل الشيطان أنه تعالى لا يبتلي الأنبياء . وقيل : أشار بقوله : { مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ } إلى تعريضه لامرأته ، وطلبه أن تشرك بالله ، وكأنه بتشكي هذا الأمر كان عليه أشدّ من مرضه . وقرأ الجمهور : { بِنُصْبٍ } ، بضم النون وسكون الصاد ، قيل : جمع نصب ، كوثن ووثن ؛ وأبو جعفر ، وشيبة ، وأبو عمارة عن حفص ، والجعفي عن أبي بكر ، وأبو معاذ عن نافع : بضمتين ، وزيد بن علي ، والحسن ، والسدّي ؛ وابن عبلة ، ويعقوب ، والجحدري : بفتحتين ؛ وأبو حيوة ، ويعقوب في رواية ، وهبيرة عن حفص : بفتح النون وسكون الصاد . وقال الزمخشري : النصب والنصب ، كالرشد والرشد ، والنصب على أصل المصدر ، والنصب تثقيل نصب ، والمعنى واحد ، وهو التعب والمشقة . والعذاب : الألم ، يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب . انتهى . .
وقال ابن عطية : وقد ذكر هذه القراءات ، وذلك كل بمعنى واحد معناه المشقة ، وكثيراً ما يستعمل النصب في مشقة الإعياء . وفرق بعض الناس بين هذه الألفاظ ، والصواب أنها لغات بمعنى من قولهم : أنصبني الأمر ، إذا شق عليّ انتهى . وقال السدّي : بنصب في الجسد وعذاب في المال ، وفي الكلام حذف تقديره : فاستجبنا له وقلنا : { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ } ، فركض ، فنبعت عين ، فقلنا له : { هَاذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } فيه شقاؤك ، فاغتسل فبرأ ، { وَوَهَبْنَا لَهُ } ، ويدل على هذه المحذوفات معنى الكلام وسياقه . وتقدم الكلام في الركض في سورة الأنبياء . وعن قتادة والحسن ومقاتل : كان ذلك بأرض الجابية من الشأم . .
ومعنى { هَاذَا مُغْتَسَلٌ } : أي ما يغتسل به ، { وَشَرَابٌ } ، أي ما تشربه ، فباغتسالك يبرأ ظاهرك ، وبشربك يبرأ باطنك . والظاهر أن المشار إليه كان واحداً ، والعين التي نبعت له عينان ، شرب من إحداهما واغتسل من الأخرى . وقيل : ضرب برجله اليمنى ، فنبعت عين حارة فاغتسل . وباليسرى ، فنبعت باردة فشرب منها ، وهذا مخالف لظاهر قوله : { مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ } ، فإنه يدل على أنه ماء واحد . وقيل : أمر بالركض بالرجل ، ليتناثر عنه كل داء بجسده . وقال القتبي : المغتسل : الماء الذي يغتسل به . وقال مقاتل : هو الموضع الذي يغتسل فيه . وقال الحسن : ركض برجله ، فنبعت عين ماء ، فاغتسل منها ، ثم مشى نحواً من أربعين ذراعاً ، ثم ركض برجله ، فنبعت عين ، فشرب منها . قيل : والجمهور على أنه ركض ركضتين ، فنبعت له عينان ، شرب من إحداهما ، واغتسل من الأخرى . والجمهور : على أنه تعالى أحيا له من مات من أهله ، وعافى المرضى ، وجمع عليه من شتت منهم . وقيل : رزقه أولاداً وذرية قدر ذريته الذين هلكوا ، ولم يردّ أهله الذين هلكوا بأعيانهم ، وظاهر هذه الهيئة أنها في الدنيا . وقيل ذلك وعد ، وتكون تلك الهيئة في الآخرة . وقيل : وهبه من كان حياً منهم ، وعافاه من الأسقام ، وأرغد لهم العيش ، فتناسلوا حتى تضاعف عددهم وصار مثلهم . .
و { رَحْمَةً } ، { وَذِكْرَى } : مفعولان لهما ، أي أن الهبة كانت لرحمتنا إياه ، وليتذكر أرباب العقول ، وما يحصل للصابرين من الخير ، وما يؤول إليه من الأجر . وفي الكلام حذف تقديره : وكان حلف