وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 256 @ْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُمْ مّنَ اللَّهِ مِن شَىْء } . فالضمير في { دَلَّهُمْ } عائد على الجن الذين كانوا يعملون له ، وكان سليمان قد أمر الجن ببناء صرح له ، فبنوه له . ودخله مختلياً ليصفو له يوم من الدهر من الكدر ، فدخل عليه شاب فقال له : كيف دخلت عليّ بغير إذن ؟ فقال : إنما دخلت بإذن ، قال : ومن أذن لك ؟ قال : رب هذا الصرح . فعلم أنه ملك الموت أتى بقبض روحه ، فقال : سبحان الله ، هذا اليوم الذي طلبت فيه الصفا ، فقال له : طلبت ما لم يخلق ، فاستوثق من الاتكاء على العصا ، فقبض روحه ، وبقيت الجن تعمل على عادتها . وكان سليمان قصد تعمية موته ، لأنه كان بقي من تمام بناء المسجد عمل سنة ، فسأل الله تمامها على يد الإنس والجن ، وكان يخلو بنفسه الشهرين والثلاثة ، فكانوا يقولون : إنه يتحنث . وقيل : إن ملك الموت أعلمه أنه بقي من حياته ساعة ، فدعا الشياطين فبنوا له الصرح ، وقام يصلي متكئاً على عصاه ، فقبض روحه وهو متكىء عليها . وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه ، فلا ينظر أحد منهم إليه في صلاته إلا احترق ، فمر واحد منهم فلم يسمع صوته ، ثم رجع فلم يسمع ، فنظر فإذا هو قد خر ميتاً ، وكأن عمره ثلاثاً وخمسين سنة . ملك بعد موت أبيه وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان أبوه قد أسس بنيان المسجد موضع بساط موسى ، فمات قبل أن يتمه ، ووصى به ابنه ، فأمر الشياطين بإتمامه ، ومات قبل تمامه . .
و { دَابَّةُ الاْرْضِ تَأْكُلُ } : هي سوسة الخشب ، وهي الأرضة . وقيل : ليست سوسة الخشب ، لأن السوسة ليست من دواب الأرض ، بل هذه حيوان من الأرض شأنه أن يأكل الخشب ، وذلك موجود . وقالت فرقة ، منها أبو حاتم : الأرض هنا مصدر أرضت الأبواب ، والخشب أكلتها الأرضة فكأنه قال : دابة الأكل الذي هو بتلك الصورة . وإذا كان الأرض مصدراً ، كان فعله أرضت الدابة الخشب تأرضه أرضاً فأرض بكسر الراء نحو : جدعت أنفه فجدع . ويقال : إنه مصدر لفعل مفتوح العين ، قراءة ابن عباس . والعباس بن الفضل : الأرض بفتح الراء ، لأن مصدر فعل المطاوع لفعل يكون على فعل نحو : جدع أنفه جدعاً وأكلت الأسنان أكلاً ، مطاوع أكلت . وقيل : الأرض بفتح الراء جمع أرضه ، وهو من إضافة العام إلى الخاص ، لأن الدابة أعم من الأرض . وقراءة الجمهور : بسكون الراء ، فالمتبادر أنها الأرض المعروفة ، وتقدم أنها مصدر لأرضت الدابة الخشب . وتأكل : حال ، أي أكلت منسأته ، وهي حال مصاحبة . وتقدم أن المنسأة هي العصا ، وكانت فيما روي من خرنوب ، وذلك أنه كان يتعبد في بيت المقدس ، فتنبت له في محرابه كل سنة شجرة تخبره بمنافعها فيأمر فتقلع ، ويتصرف في منافعها ، وتغرس لتتناسل . فلما قرب موته ، نبتت شجرة وسألها فقالت : أنا الخرنوب ، خرجت لخراب ملكك ، فعرف أنه حضر أجله ، فاستعد واتخذ منها عصاً واستدعى بزاد سنة ، والجن تتوهم أنه يتغذى بالليل . وروي أن سليمان كان في قبة ، وأوصى بعض أهله بكتمان موته عن الإنس والجن سنة ليتم البناء الذي بدىء في زمن داود ، فلما مضى لموته سنة ، خر عن العصا ونظر إلى مقدار ما تأكله الأرضة يوماً وقيس عليه ، فعلم أنها أكلت العصا منه سنة . وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وجماعة : منساته بألف ، وأصله منسأته ، أبدلت الهمزة ألفاً بدلاً غير قياسي . وقال أبو عمر : وأنا لا أهمزها لأني لا أعرف لها اشتقاقاً ، فإن كانت مما لا تهمز ، فقد احتطت ، وإن كانت تهمز ، فقد يجوز لي ترك الهمزة فيما يهمز . وقرأ ابن ذكوان وجماعة ، منهم بكار والوليدان بن عتبة وابن مسلم : منسأته ، بهمزة ساكنة ، وهو من تسكين التحريك تخفيفاً ، وليس بقياس . وضعف النحاة هذه القراءة ، لأنه يلزم فيها أن يكون ما قبل التأنيث ساكناً غير الفاء . وقيل : قياسها التخفيف بين بين ، والراوي لم يضبط ، وأنشد هارون بن موسى الأخفش الدمشقي شاهداً على سكون هذه القراءة قول الراجز :