وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 243 @ هارون وقتله . أو حديث المومسة المستأجرة لأن تقول : إن موسى زنى بها ، أو ما نسبوه إليه من السحر والجنون ، أقوال . .
{ مِمَّا قَالُواْ } : أي من وصم ما قالوا ، وما موصولة أو مصدرية . وقرأ الجمهور : { وَكَانَ عِندَ اللَّهِ } : الظرف معمول لوجيهاً ، أي ذا وجه ومنزلة عند الله تعالى ، تميط عنه الأذى وتدفع التهم . وقرأ عبد الله ، والأعمش ، وأبو حيوة : عبد من العبودية ، لله جر بلام الجر ، وعبداً خبر كان ، ووجيهاً صفة له . قال ابن خالويه : صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان فسمعته يقرأ : وكان عبد الله ، على قراءة ابن مسعود . قال ابن زيد : { وَجِيهاً } : مقبولاً . وقال الحسن : مستجاب الدعوة ، ما سأل شيئاً إلا أعطي ، إلا الرؤية في الدنيا . وقال قطرب : رفيع القدر ؛ وقيل : وجاهته أنه كلمة ولقبه كليم الله . والسديد : تقدم شرحه في أوائل النساء . وقال ابن عباس : هنا صواباً . وقال مقاتل ، وقتادة : سديداً في شأن زيد وزينب والرسول . وقال ابن عباس ، وعكرمة أيضاً : لا إله إلا الله ، وقيل : ما يوافق ظاهره باطنه ؛ وقيل : ما هو إصلاح من تسديد السهم ليصيب الغرض ؛ وقيل : السديد يعم الخيرات . ورتب على القول السديد : صلاح الأعمال وغفران الدنوب . قال الزمخشري : وهذه الآية مقررة للتي قبلها . بنيت تلك على النهي عما يؤدي به رسول الله ، وهذه على الأمر باتقاء الله في حفظ اللسان ، ليترادف عليهم النهي والأمر ، مع اتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى ، واتباع الأمر الوعد البليغ ، فيقوي الصارف عن الأذى والداعي إلى تركه . انتهى ، وهو كلام حسن . .
{ إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ } : لما أرشد المؤمنين إلى ما أرشد من ترك الأذى واتقاء الله وسداد القول ، ورتب على الطاعة ما رتب ، بيّن أن ما كلفه الإنسان أمر عظيم ، فقال : { إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ } ، تعظيماً الأمر التكليف . والأمانة : الظاهر أنها كل ما يؤتمن عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا . والشرع كله أمانة ، وهذا قول الجمهور ، ولذلك قال أبيّ بن كعب : من الأمانة أن اؤتمنت المرأة على فرجها . وقال أبو الدرداء : غسل الجنابة أمانة ، والظاهر عرض الإمانة على هذه المخلوقات العظام ، وهي الأوامر والنواهي ، فتثاب إن أحسنت ، وتعاقب إن أساءت ، فأبت وأشفقت ، ويكون ذلك بإدراك خلقه الله فيها ، وهذا غير مستحيل ، إذ قد سبح الحصى في كفه عليه الصلاة والسلام ، وحن الجذع إليه ، وكلمته الذراع ، فيكون هذا العرض والإباء حقيقة . .
قال ابن عباس : أعطيت الجمادات فهماً وتمييزاً ، فخيرت في الحمل ، وذكر الجبال ، مع أنها مع الأرض ، لزيادة قوتها وصلابتها ، تعظيماً للأمر . وقال ابن الأنباري : عرضت بمسمع من آدم ، عليه الصلاة والسلام ، وأسمع من الجمادات الإباء ليتحقق العرض عليه ، فيتجاسر على الحمل غيره ، ويظهر فضله على الخلائق ، حرصاً على العبودية ، وتشريفاً على البرية بعلو الهمة . وقيل : هو مجاز ، فقيل : من مجاز الحذف ، أي على من فيها من الملائكة ، وقيل : من باب التمثيل . .
قال الزمخشري : إن ما كلفه الإنسان بلغ من عظمه وثقل محمله أنه عرض على أعظم ما خلق الله من الأجرام وأقواه وأشده أن يتحمله ويستقل به ، فأبى محمله والاستقلال به ، وحملها الإنسان على ضعفه ورخاوة قوته . { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } ، حيث حملّ الأمانة ، ثم لم يف بها . ونحو هذا من الكلام كثير في لسان العرب ، وما جاء به القرآن إلا على طرقهم وأساليبهم . من ذلك قول العرب : لو قيل للشحم أين تذهب لقيل : أسوي العوج . وكم لهم من أمثال على ألسنة البهائم والجمادات وتصور مقالة الشحم محال ، ولكن الغرض أن السمن في الحيوان مما يحسن قبحه ، كما أن العجف مما يقبح حسنه ؛ فصوّر أثر السمن فيه تصويراً هو أوقع في نفس السامع ، وهي به آنس ، وله أقبل ، وعلى حقيقته أوقف ؛ وكذلك تصوير عظم الأمانة وصعوبة أمرها وثقل محملها والوفاء بها . .
فإن قلت : قد علم وجه التمثيل في قولهم للذي لا يثبت على رأي واحد : أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى ، لأنه مثلت حال تميله وترجحه بين الرأيين ، وتركه المضي على إحداهما بحال من يتردى في ذهابه ، فلا يجمع رجليه للمضي في وجهه ، وكل واحد من الممثل والممثل به شيء مستقيم داخل تحت الصحة والمعرفة ، فليس كذلك ما في الآية . فإن عرض الأمانة على الجماد ، وإباءه وإشفاقه محال