وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 308 @ قدمت { الْجِبَالُ } على { الطَّيْرُ } ؟ قلت : لأن تسخيرها وتسبيحها أعجب وأدل على القدرة ، وأدخل في الإعجاز لأنها جماد والطير حيوان ناطق انتهى . وقوله : ناطق إن عنى به أنه ذو نفس ناطقة كما يقولون في حد الإنسان أنه حيوان ناطق فيلزم أن يكون الطير إنساناً ، وإن عنى أنه متكلم كما يتكلم الإنسان فليس بصحيح وإنما عنى به مصوّت أي له صوت ، ووصف الطير بالنطق مجاز لأنها في الحقيقة لا نطق لها . .
وقوله { وَكُنَّا فَاعِلِينَ } أي فاعلين هذه الأعاجيب من تسخير الجبال وتسبيحهنّ والطير لمن نخصه بكرامتنا { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ } اللبوس الملبوس فعول بمعنى مفعول كالركوب بمعنى المركوب ، وهو الدرع هنا . واللبوس ما يلبس . قال الشاعر : % ( عليها أسود ضاريات لبوسهم % .
سوابغ بيض لا يخرّقها النبل .
) % .
قال قتادة : كانت صفائح فأول من سردها وحلقها داوود فجمعت الخفة والتحصين . وقيل : اللبوس كل آلة السلاح من سيف ورمح ودرع وبيضة وما يجري مجرى ذلك ، وداود أول من صنع الدروع التي تسمى الزرد . قيل : نزل ملكان من السماء فمرا بداود فقال أحدهما للآخر : نعم الرجل إلاّ أنه يأكل من بيت المال ، فسأل الله أن يرزقه من كسبه فألان له الحديد فصنع منه الدروع امتن تعالى عليه بإيتائه حكماً وعلماً وتسخير الجبال والطير معه وتعليم صنعة اللبوس ، وفي ذلك فضل هذه الصنعة إذ أسند تعليمها إياه إليه تعالى . .
ثم امتن علينا بها بقوله { لِتُحْصِنَكُمْ مّن بَأْسِكُمْ } أي ليكون وقاية لكم في حربكم وسبب نجاة من عدوّكم . وقرىء { لَبُوسٍ } بضم اللام والجمهور بفتحها . وقرأ الجمهور : ليحصنكم بياء الغيبة أي الله فيكون التفاتاً إذ جاء بعد ضمير متكلم في { وَعَلَّمْنَاهُ } ويدل عليه قراءة أبي بكر عن عاصم بالنون وهي قراءة أبي حنيفة ومسعود بن صالح ورويس والجعفي وهارون ويونس والمنقر كلهم عن أبي عمرو ليحصنكم داود ، واللبوس قيل أو التعليم . وقرأ ابن عامر وحفص والحسن وسلام وأبو جعفر وشيبه وزيد بن علي بالتاء أي { لِتُحْصِنَكُمْ } الصنعة أو اللبوس على معنى الدرع ودرع الحديد مؤنثة وكل هذه القراءات الثلاث بإسكان الحاء والتخفيف . وقرأ الفقيمي عن أبي عمرو وابن أبي حماد عن أبي بكر بالياء من تحت وفتح الحاء وتشديد الصاد ، وابن وثاب والأعمش بالتاء من فوق والتشديد واللام في { لَكُمْ } يجوز أن تكون للتعليل فتتعلق بعلمناه ، أي لأجلكم وتكون { لِتُحْصِنَكُمْ } في موضع بدل أعيد معه لام الجر اذ الفعل منصوب بإضمار إن فتتقدّر بمصدر أي { لَكُمْ } لإحصانكم { مّن بَأْسِكُمْ } ويجوز أن تكون { لَكُمْ } صفة للبوس فتتعلق بمحذوف أي كائن لكم ، واحتمل أن يكون ليحصنكم تعليلاً للتعليم فيتعلق بعلمناه ، وأن يكون تعليلاً للكون المحذوف المتعلق به { لَكُمْ } { فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } استفهام يتضمن الأمر أي اشكروا الله على ما أنعم به عليكم كقوله { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } أي انتهوا عما حرم الله . .
ولما ذكر تعالى ما خص به نبيه داود عليه السلام ذكر ما خص به ابنه سليمان عليه السلام ، فقال { وَلِسُلَيْمَانَ الرّيحَ } وجاء التركيب هنا حين ذكر تسخير الريح لسليمان باللام ، وحين ذكر تسخير الجبال جاء بلفظ مع فقال { وَسَخَّرْنَا مَعَ * دَاوُودُ * الْجِبَالُ } وكذا جاء { فَضْلاً ياجِبَالُ أَوّبِى مَعَهُ } وقال فسخرنا له الريح تجري بأمره ، وذلك أنه لما اشتركا في التسبيح ناسب ذكر مع الدالة على الاصطحاب ، ولما كانت الريح مستخدمة لسليمان أضيفت إليه بلام التمليك لأنها في طاعته وتحت أمره . وقرأ الجمهور { الرّيحَ } مفرداً بالنصب . وقرأ ابن هرمز وأبو بكر في رواية بالرفع مفرداً . وقرأ الحسن وأبو رجاء الرياح بالجمع والنصب . وقرأ بالجمع والرفع أبو حيوة فالنصب على إضمار سخرنا ، والرفع على الابتداء و { عَاصِفَةً } حال العامل فيها سخرنا في قراءة من نصب { الرّيحَ } وما يتعلق به الجار في قراءة من رفع ويقال : عصفت الريح فهي عاصف وعاصفة ، ولغة أسد أعصفت فهي