@ 470 @ أنزل محذوف أي : أي شيء الذي أنزله . وأجاز الزمخشري أن يكون ماذا مرفوعاً بالابتداء قال : بمعنى أي شيء أنزله ربكم . وهذا لا يجوز عند البصريين إلا في ضرورة الشعر ، والضمير في لهم عائد على كفار قريش . وماذا أنزل ليس معمولاً لقيل على مذهب البصرين ، لأنه جملة ، والجملة لا تقع موقع المفعول الذي لم يسم فاعله ، كما لا تقع موقع الفاعل . وقرىء شاذاً : أساطير بالنصب على معنى ذكر ثم أساطير ، أو أنزل أساطير على سبيل التهكم والسخرية ، لأنّ التصديق بالإنزال ينافي أساطير ، وهم يعتقدون أنه ما نزل شيء ولا أن ثمّ منزل . وبنى قيل : للمفعول ، فاحتمل أن كون القائل بعضهم لبعض ، واحتمل أن يكون المؤمنون قالوا لهم على سبيل الامتحان . وقيل : قائل ذلك الذين تقاسموا مداخل مكة ينفرون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ) إذا سألهم وفود الحاج : ماذا أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ؟ قالوا : أحاديث الأولين . .
وقرأ الجمهور : برفع أساطير ، فاحتمل أن يكون التقدير المذكور : أساطير ، أو المنزل أساطير ، جعلوه منزلاً على سبيل الاستهزاء ، وإن كانوا لا يؤمنون بذلك . واللام في ليحملوا لام الأمر على معنى الحتم عليهم والصغار الموجب لهم ، أو لام التعليل من غير أن يكون غرضاً كقولك : خرجت من البلد مخافة الشر ، وهي التي يعبر عنها بلام العاقبة ، لأنهم لم يقصدوا بقولهم : أساطير الأولين ، أن يحملوا الأوزار . ولما قال ابن عطية : إنه يحتمل أن تكون لام العاقبة قال : ويحتمل أن يكون صريح لام كي على معنى قدر هذا لكذا ، وهي لام التعليل ، لكنه لم يعلقها بقوله . قالوا : بل أضمر فعلاً آخر وهو : قدر هذا ، وكاملة حال أي : لا ينقص منها شيء ، ومِن للتبعيض . فالمعنى : أنه يحمل من وزر كل من أضل أي : بعض وزر من ضلّ بضلالهم ، وهو وزر الإضلال ، لأنّ المضل والضال شريكان ، هذا يضله ، وهذا يطاوعه على إضلاله ، فيتحاملان الوزر ، لأنّ المضل والضال شريكان ، هذا يضله ، وهذا يطاوعه على إضلاله ، فيتحاملان الوزر . وقال الأخفشا : مِن زائدة أي : وأوزار الذين يضلونهم ، والمعنى : ومثل { أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ } كقوله : ( فعليه وزرها ووزر عن عمل بها إلى يوم القيامة ) المراد : ومثل وزر ، والمعنى : أن الرئيس إذا وضع سنة قبيحة عظم عابه حتى أن ذلك العقاب يكون مساوياً لعقاب كل من اقتدىء به في ذلك . وقال الواحدي : ليست مِن للتبعيض ، لأنه يستلزم تخفيف الأوزار عن الاتباع ، وذلك غير جائز لقوله عليه الصلاة والسلام : ( من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) لكنها للجنس أي : ليحملوا من جنس أوزار الاتباع انتهى . ولا تتقدر من التي لبيان الجنس هذا التقدير الذي قدره الواحدي ، وإنما تقدر : الأوزار التي هي أوزار الذين يضلونهم ، فيؤول من حيث المعنى إلى قول الأخفش ، وإن اختلفا في التقدير . وبغير علم قال الزمخشري : حال من المفعول أي : يضلون من لا يعلم أنهم ضلال . وقال غيره : حال من الفاعل وهو أولى ، إذ هو المحدث عنه المسند إليه الإضلال على جهة الفاعلية ، والمعنى : أنهم يقدمون على هذا الإضلال جهلاً منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد على ذلك الإضلال . ثم أخبر تعالى عن سوء ما يتحملونه للآخرة ، وتقدم الكلام في إعراب مثل ساء ما يزرون . فأتى الله أي : أمره وعذابه والبنيان ، قيل : حقيقة . قال ابن عباس وغيره : الذين من قبلهم نمرود بني صرحاً ليصعد بزعمه إلى السماء ، وأفرط في علوه وطوله في السماء فرسخين على ما حكى النقاش ، وقاله كعب الأحبار . وقال ابن عباس ووهب : طوله في السماء خمسة آلاف ذراع ، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع ، فبعث الله تعالى عليه ريحاً فهدمته ، وخر سقفه عليه وعلى اتباعه . وقيل : هدمه جبريل بجناحه ، وألقى أعلاه في البحر ، والحقف من أسفله . وقال ابن الكلبي : المراد المقتسمون المذكورون في سورة الحجر . وقيل : الذين من قبلهم بخت نصر وأصحابه . وقال الضحاك : قريات قوم لوط ، وقالت فرقة : المراد بالذين من قبلهم من كفر من الأمم المتقدمة ومكر ، ونزلت به عقوبة من الله ، ويكون فأتى الله بنيانهم إلى آخره تمثيلاً والمعنى : أنهم سوّوا منصوبات ليمكروا بها الله ورسوله ، فجعل الله