وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 308 @ خبز ، والطير تأكل من أعلاه ، ورأى الحلمية جرت مجرى أفعال القلوب في جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متحدي المعنى ، فأراني فيه ضمير الفاعل المستكن ، وقد تعدى الفعل إلى الضمير المتصل وهو رافع للضمير المتصل ، وكلاهما لمدلول واحد . ولا يجوز أن يقول : اضربني ولا أكرمني . وسمى العنب خمراً باعتبار ما يؤول إليه . وقيل : الخمر بلغة غسان اسم العنب . وقيل : في لغة ازدعمان . وقال المعتمر : لقيت أعرابياً يحمل عنباً في وعاء فقلت : ما تحمل ؟ قال : خمراً ، أراد العنب . وقرأ أبي وعبد الله : أعصر عنباً ، وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لمخالفته سواد المصحف ، وللثابت عنهما بالتواتر قراءتهما أعصر خمراً . قال ابن عطية : ويجوز أن يكون وصف الخمر بأنها معصورة ، إذ العصر لها ومن أجلها . وفي مصحف عبد الله : فوق رأسي ثريداً تأكل الطير منه ، وهو أيضاً تفسير لا قراءة . والضمير في تأويله عائداً إلى ما قصا عليه ، أجرى مجرى اسم الإشارة كأنه قيل : بتأويل ذلك . وقال الجمهور : من المحسنين أي في العلم ، لأنهما رأيا سنة ما علما به أنه عالم . وقال الضحاك وقتادة : من المحسنين في حديثه مع أهل السجن وإجماله معهم . وقال ابن إسحاق : أرادا إخباره أنهما يريان له إحساناً عليهما ويداً ، إذا تأول لهما ما رأياه . .
{ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذالِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبّى إِنّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ } : قال الزمخشري : لما استعداه ووصفاه بالإحسان افترض ذلك ، فوصف يوسف نفسه بما هو فوق علم العلماء ، وهو الإخبار بالغيب ، وأنه ينبئهما بما يحمل إليهما من الطعام في السجن قبل أن يأتيهما ، ويصفه لهما ويقول : اليوم يأتيكما طعام من صفته كيت وكيت ، فيجدانه كما أخبرهما ، ويجعل ذلك تخليصاً إلى أن يذكر لهما التوحيد ، ويعرض عليهما الإيمان ويزينه لهما ، ويقبح لهما الشرك بالله ، وهذه طريقة على كل ذي علم أن يسلكها مع الجهال والفسقة إذا استفتاه واحد منهم أن يقدم الإرشاد والموعظة والنصيحة أولاً ، ويدعوه إلى ما هو أولى به وأوجبه عليه مما استفتى فيه ، ثم يفتيه بعد ذلك . وفيه أن العالم إذا جهلت منزلته في العلم فوصف نفسه بما هو بصدده ، وغرضه أن يقتبس منه ، وينتفع به في الدين ، لم يكن من باب التزكية بتأويله ببيان ماهيته وكيفيته ، لأنّ ذلك يشبه تفسير المشكل والإعراب عن معاينة انتهى . وهذا الذي قاله الزمخشري يدل على أن إتيان الطعام يكون في اليقظة ، وهو قول ابن جريج قال : أراد يوسف لا يأتيكما في اليقظة ترزقانه إلا نبأتكما منه بعلم ، وبما يؤول إليه أمركما أن يأتيكما ، فعلى هذا أراد أن يعلمهم أنه يعلم مغيبات لا تتعلق بالرؤيا ، وهذا على ما روي أنه نبىء في السجن . وقال السدي وابن إسحاق ، لما علم من تعبير منامه رأى الخبز أنها تؤذن بقتله ، أخذ في غير ذلك الحديث تنسية لهما أمر المنام ، وطماعية في أيمانهما ، ليأخذ المقتول بحظه من الإيمان ، وتسلم له آخرته فقال لهما معلناً بعظيم علمه للتعبير : إنه لا يجيئكما طعام في يومكما تريان أنكما رزقتماه ألا أعلمتكما بتأويل ذلك الطعام أي : بما يؤول إليه أمره في اليقظة ، قبل أن يظهر ذلك التأويل الذي أعلمكما به . فروى أنهما قالا له : ومن أين لك ما تدعيه من العلم وأنت لست بكاهن ولا منجم ؟ فقال لهما : ذلك مما علمني ربي . والظاهر أن قوله لا يأتيكما إلى آخره ، أنه في اليقظة ، وأن قوله : مما علمني ربي دليل على أني إذ ذاك كان نبياً يوحى إليه . والظاهر أن قوله : إني تركت ، استئناف إخبار بما هو عليه ، إذ كانا قد أحباه وكلفا بحبه وبحسن أخلاقه ، ليعلمهما ما هو عليه من مخالفة قومهما فيتبعاه . وفي الحديث : ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) وعبر بتركت مع أنه لم يتشبث بتلك الملة قط ، إجراء للترك مجرى التجنب من أول حالة ، واستجلاباً لهما لأن يتركا تلك الملة التي كانا فيها . ويجوز أن يكون إني تركت تعليلاً لما قبله أي : علمني ذلك ، وأوحي إلي لأني رفضت ملة أولئك ، واتبعت ملة الأنبياء ، وهي الملة الحنيفية . وهؤلاء الذين لا يؤمنون هم أهل مصر ، ومن كان الفتيان على دينهم . ونبه على أصلين عظيمين وهما : الإيمان بالله ، والإيمان بدار الجزاء ، وكررهم على سبيل التوكيد وحسن ذلك الفصل . وقال الزمخشري : وتكريرهم للدلالة على أنهم خصوصاً كافرون بالآخرة ، وأن