وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

@ 112 @ وهو القوم ابن عطية وأبو البقاء ، كأنه قال : من بعد ما كاد القوم . وعلى كل واحد من هذه الأعاريب الثلاثة إشكال على ما تقرّر في علم النحو : من أنّ خبر أفعال المقاربة لا يكون إلا مضارعاً رافعاً ضمير اسمها . فبعضهم أطلق ، وبعضهم قيد بغير عسى من أفعال المقاربة ، ولا يكون سبباً ، وذلك بخلاف كان . فإنّ خبرها يرفع الضمير ، والسبي لاسم كاد ، فإذا قدّرنا فيها ضمير الشأن كانت الجملة في موضع نصب على الخبر ، والمرفوع ليس ضميراً يعود على اسم كادبل ولا سبباً له ، وهذا يلزم في قراءة الياء أيضاً . وأما توسيط الخبر فهو مبني على جواز مثل هذا التركيب في مثل كان : يقوم زيد ، وفيه خلاف ، والصحيح المنع . وأما توجيه الآخر فضعيف جداً من حيث أضمر في كاد ضمير ليس له على من يعود إلا بتوهم ، ومن حيث يكون خبر كاد واقعاً سببياً ، ويخلص من هذه الإشكالات اعتقاد كون كاد زائدة ، ومعناها مراد ، لا عمل لها إذ ذاك في اسم ولا خبر ، فتكون مثل كان إذا زيدت ، يراد معناها ولا عمل لها . ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن مسعود : من بعد ما زاغت ، بإسقاط كاد . وقد ذهب الكوفيون إلا زيادتها في قوله تعالى : { لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } مع تأثيرها للعامل ، وعملها هي . فأحرى أن يدعي زيادتها ، وهي ليست عاملة ولا معمولة . .
وقرأ الأعمش والجحدري : تزيغ برفع التاء . وقرأ أبي : من بعد ما كادت تزيغ ثم تاب عليهم ، الضمير في عليهم عائد على الأولين ، أو على الفريق فالجملة كرّرت تأكيداً . أو يراد بالأول إنشاء التوبة ، وبالثاني استدامتها . أو لأنه لما ذكر أنّ فريقاً منهم كادت قلوبهم تزيغ نص على التوبة ثانياً رفعاً لتوهم أنهم مسكوت عنهم في التوبة ، ثم ذكر سبب التوبة وهو رأفته بهم ورحمته لهم . والثلاثة الذين خلفوا تقدمت أسماؤهم ، ومعنى خلفوا عن الغزو غزو تبوك قاله : قتادة . أو خلفوا عن أبي لبابة وأصحابه ، حيث تيب عليهم بعد التوبة على أبي لبابة وأصحابه إرجاء أمرهم خمسين يوماً ثم قبل توبتهم . وقد ردّ تأويل قتادة كعب بن مالك بنفسه فقال : معنى خلفوا تركوا عن قبول العذر ، وليس بتخلفنا عن الغزو . وقرأ الجمهور : خلفوا بتشديد اللام مبنياً للمفعول . وقرأ أبو مالك كذلك وخفف اللام . وقرأ عكرمة بن هارون المخزومي ، وذر ابن حبيش ، وعمرو بن عبيد ، ومعاذ القاري ، وحميد : بتخفيف اللام مبنياً للفاعل ، ورويت عن أبي عمرو أي : خلفوا الغازين بالمدينة ، أو فسدوا من الخالفة . وقرأ أبو العالية أبو الجوزاء كذلك مشدَّد اللام . وقرأ أبو زيد ، وأبو مجلز ، والشعبي ، وابن يعمر ، وعلي بن الحسين ، وابناه زيد ، ومحمد الباقر ، وابنه جعفر الصادق : خالفوا بألف أي : لم يوافقوا على الغزو . وقال الباقر : ولو خلفوا لم يكن لهم . وقرأ الأعمش وعلى الثلاثة المخلفين ، ولعله قرأ كذلك على سبيل التفسير ، لأنها قراءة مخالفة لسواد المصحف . حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت تقدم تفسير نظيرها في هذه السورة في قصة حنين . وضاقت عليهم أنفسهم استعارة ، لأن الهم والغم ملأها بحيث لا يسعها أنس ولا سرور ، وخرجت عن فرط الوحشة والغم ، وظنوا أي : علموا . قاله الزمخشري . وقال ابن عطية : أيقنوا ، كما قالوا في قول الشاعر : % ( فقلت لهم ظنوا بألفي مدحج % .
سراتهم في الفارسي المسرّد .
) % .
وقال قوم : الظن هنا على بابه من ترجيح أحد الجائزين ، لأنه وقف أمرهم على الوحي ولم يكونوا قاطعين بأنه ينزل في شأنهم قرآن ، أو كانوا قاطعين لكنهم يجوزون تطويل المدة في بقائهم في الشدة ، فالظن عاد إلى تجويز تلك المدة قصيرة . وجاءت هذه الجمل في كنف إذاً في غاية الحسن والترتيب ، فذكر أولاً ضيق الأرض عليهم وهو كناية عن استيحاشهم ، ونبوة الناس عن كلامهم . وثانياً وضاقت عليهم أنفسهم وهو كناية عن تواتر الهم ، والغم على قلوبهم ، حتى لم يكن فيها شيء من الانشراح والاتساع ، فذكر أولاً ضيق المحل ، ثم ثانياً ضيق الحال فيه ، لأنه قد يضيق المحل وتكون النفس منشرحة .