@ 80 @ يكن لنبي خائنة الأعين ) أو كما قال : وهي الإشارة ، فكيف يكون له النطق بشيء على سبيل التحييل ؟ حاشا منصب الأنبياء عن ذلك ، ولكن هذا الرجل مسرح الألفاظ في حق الأنبياء بما لا يليق بحالهم ، ولقد تكلم عند تفسير قوله : { عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } بكلام في حق الرسول نزهت كتابي هذا أنْ أنقله فيه ، والله تعالى يعصمنا من الزلل في القول والعمل ، ذلك إشارة إلى انتفاء الغفران وتبيين العلة الموجبة لذلك ، وانتفاء هداية الله الفاسقين هو للذين حتم لهم بذلك ، فهو عام مخصوص . .
{ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِى الْحَرّ } : لما ذكر تعالى ما ظهر من النفاق والهزء من الذين خرجوا معه إلى غزوة تبوك من المنافقين ، ذكر حال المنافقين الذين لم يخرجوا معه وتخلفوا عن الجهاد ، واعتذروا بأعذار وعلل كاذبة ، حتى أذن لهم ، فكشف الله للرسول صلى الله عليه وسلم ) عن أحوالهم وأعلمه بسوء فعالهم ، فأنزل الله عليه : فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله الآية : أي : عن غزوة تبوك . وكان الرسول قد خلفهم بالمدينة لما اعتذروا ، فأذن لهم . وهذه الآية تقتضي التوبيخ والوعيد . ولفظة المخلفون تقتضي الذم والتحقير ، ولذلك جاء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ، وهي أمكن من لفظة المتخلفين ، إذ هم مفعول بهم ذلك ، ولم يفرح إلا منافق فخرج من ذلك الثلاثة وأصحاب العذر . ولفظ المقعد يكون للزمان والمكان ، والمصدر وهو هنا للمصدر أي : بقعودهم ، وهو عبارة عن الإقامة بالمدينة . وانتصب خلاف على الظرف ، أي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يقال : فلان أقام خلاف الحي ، أي بعدهم . إذا ظعنوا ولم يظعن معهم . قاله أبو عبيدة ، والأخفش ، وعيسى بن عمرو . قال الشاعر : % ( عقب الربيع خلافهم فكأنما % .
بسط السواطب بينهنّ حصيرا .
) % .
ومنه قول الشاعر : % ( فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى % .
تأهب لأخرى مثلها وكأن قد .
) % .
ويؤيد هذا التأويل : قراءة ابن عباس ، وأبي حيوة ، وعمرو بن ميمون خلف رسول الله . وقال قطرب ، ومؤرج ،